أبرز المشاركون في أشغال فعاليات الملتقى الجهوي الاول، حول المجتمع المدني ومساهمته في التنمية المستدامة، أهمية اشراك مختلف فعاليات المجتمع المدني في التنمية المحلية، خصوصا المتعلقة بترقية مناطق الظل.
وأكد متدخلون من جامعيين ونشطاء في الحقل الجمعوي في التوصيات التي توجت أشغال الملتقى على ضرورة الاعتماد على اسهامات المجتمع المدني في تعزيز الاستقرار في ظل الظروف الراهنة التي تعرفها البلاد، من خلال الحملات التحسيسية التي يبدع فيها نشطاء الحركة الجمعوية انطلاقا من المواطنة الحقة.
وتناول المشاركون في الملتقى الذي نظمه السبت، المكتب الولائي للمنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة بولاية غرداية، بحضور عدد من الهيئات الرسمية و إطارات المنظمة سواء المكتب الوطني أو أعضائها من عدة ولايات، خلال مجريات الجلسات ومضمون مداخلات الدكاترة، على ضرورة السعي إلى ابراز وتشجيع دور المجتمع المدني كرافد جديد وفق برنامج رئيس الجمهورية، في إطار بناء وسير مؤسسات الدولة من خلال طرح جديد يرتكز على الديمقراطية التشاركية في معالم الدولة الجزائرية الجديدة.
السيد سفيان عقان رئيس المكتب الوطني للمنظمة نوه في كلمته الى تلك الاعمال التطوعية التي جعلت للمجتمع المدني دورا مهما في استقرار المجتمعات، الميزة التي جعلته يقول عفان يساهم في بناء الاوطان في مختلف مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما جعل الدولة الجزائرية من خلال آليات قانونية وإدارية وتنظيمية هدفها تقوية المجتمع المدني من خلال تكوين إطاراته المتواجدة على المستوى المحلي أو الولاية والوطني، وجعله”شريكا قويا” يمكنه لعب أدواره على جميع المستويات.
وفي ذات السياق أضاف المتحدث أن تقوية المنظمات والجمعيات الهدف منه تمكينها لعب دور إقليمي و دولي ولأنها-تملك الإمكانيات البشرية والخبرة لتكون قادرة على التأثير، مشددا على البعد الامني وصيانة وحماية الجبهة الداخلية من كل التحديات، الداخلية والخارجية.
في حين نوه عفان بالتنوع الثقافي والاجتماعي الذي يعد مكسب مهم في مقومات الدولة الجزائرية، انطلاقا من نموذج بني ميزاب.
مداخلات الملتقى تمثلت في مداخلة للدكتور الرواني ابوحفص من جامعة غرداية، حول مساهمة المجتمع المدني في التنمية المحلية و ترقية مناطق الظل،في تطرق المختص في علم الاجتماع الدكتور رباحي مصطفى الى اسهامات الحركة الجمعوية في الاستقرار لتحقيق التنمية المستدامة،على أن يناقش الدكتور حبي محمد الى آلية المجالس المنتخبة ومرافقتها للمجتمع المدني لتلبية مطالب المواطن.
أما مداخلة الدكتور نور الدين جوادي من كلية الاقتصاد بجامعة الوادي ،فقد تطرق فيه الى المجتمع المدني ،الطاقة الخلاقة للاستقلال 1962،ورافد إقتصاد الجزائر الجديدة، أين أشار أنه ولعقود ظل “المجتمع المدني” في ذيل قائمة اهتمامات أصحاب القرار في كامل دول العالم وخاصة منها الدول النامية، ولكن بفعل المبادرات العظيمة التي قدمها خلال جائحة كوفيد-19 تغيرت النظرة وأمسى “المجتمع المدني” عند رأس قائمة تلك الاهتمامات.
مؤكدا أن القناعات أضحت راسخة اليوم بأنه لا يمكن الحديث التنمية المستدامة إلا من خلال تحقيق التنمية المحلية والقضاء على مناطق الظل؛ وفي نفس الوقت لا يمكن تحقيق التنمية المحلية إلا من خلال إشراك أعمق وممنهج لفعاليات “المجتمع المدني” في عمق السياسات التنموية للدولة، وهو المسار الذي تنتهجه الحكومة الجزائرية اليوم.
وفي قراءة تاريخية للدور التنموي لفعاليات “المجتمع المدني” إبان الثورة التحريرية، وضح الدكتور جوادي أن بيان أول نوفمبر 1954 تضمن حوالي 12 مفردة مرادفة للمجتمع المدني أثرت نص البيان، وهو ما يعكس قناعات قيادة جيش التحرير الوطني آن ذاك بأهمية “المجتمع المدني” كسند للثورة التحريرية المجيدة وكطاقة خلاقة للاستقلال؛ وهي الرؤية التاريخية التي أكد الدكتور أنها موروث نوفمبري يشكل رهان بناء اقتصاد الجزائر الجديدة، خاصة وما يمتلكه “المجتمع المدني” من امكانات تنموية هائلة اثبتتها الكثير من الدراسات العالمية والتجارب الدولية، فهو وكما وصفه الدكتور “القوة الناعمة لمشروع الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي” للدولة؛ ومن هنا وجب تسخير كل الإمكانات للاستثمار فيه.
وفي الأخير، رصد جوادي ثلاث آليات لتعزيز دور “المجتمع المدني” في مشروع الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي للدولة: أولها، ضرورة تعزيز الإطار القانوني المنظم لفعاليات “المجتمع المدني” وتحديثه وفق ما يتلاءم والمتغيرات الراهنة؛ وأشار أن الجزائر قطعت شوطا كبيرا في هذا السياق وعلى رأسها دستره مصطلح المجتمع المدني في أكثر من 7 مواضع في دستور الدولة. وثانياً، التأطير المؤسساتي لقطاع “المجتمع المدني”، وهو ما جسدته الجزائر عبر “المرصد الوطني للمجتمع المدني” والذي يشكل سابقة في تاريخ الجزائر بقدر ما يعتبر قفزة نوعية في إطار تعميق دور “المجتمع المدني” في بناء الدولة الجديدة واقتصادها. وثالثا، ضرورة التحول نحو العمل الجمعوي والتطوعي الاحترافي، ودعا “المرصد الوطني للمجتمع المدني” في هذا الإطار إلى تخصيص خلية للتكوين وإبرام اتفاقيات شراكة مع وزاراتي التعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني من أجل فتح تخصصات ليسانس وماستر وحتى دكتوراه في إدارة وتسيير المنظمات عير الحكومية وغير الربحية كما هو معمول به في الكثير من دول العالم.
واختتم نور الدين جوادي محاضرته، بدعوة عامة للجميع بضرورة التهيكل في إطار فعاليات المجتمع المدني للمساهمة بشكل أعمق وممنهج في مشروع الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي” للدولة، والانخراط بقوة في مسارات بناء الجزائر الجديدة والذود عنها من كل من يتربص بها شراً.
وفي ختام الملتقى ثمن المشاركون الجهود الدؤوبة التي يبذلها الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني للمحافظة على الأمن واستقرار البلاد، ودعوا في ذات الوقت المجتمع المدني إلى أن يكون واعيا بأهمية دوره في نشر الوعي المجتمعي أمام التحديات المختلفة التي تهدد الجبهة الداخلية من خلال التضليل ونشر أخبار كاذبة والإختراقات المشبوهة عبر الفضاءات الإفتراضية مما يمس بأمن واستقرار المجتمع.
عماره بن عبد الله