تقرير: علي سمودي
على أحر من الجمر ، تنتظر المواطنة خديجة شواهنة ، انقضاء الايام والشهور لتعانق كريمتها الأسيرة أنسام عبد الناصر موسى شواهنة التي دخلت أمس الاول الاثنين 9-3-2020 ، عامها الخامس والأخير خلف قضبان سجون الاحتلال الذي حولها كما تقول ” بسياساته الظالمة واحكامه الجائرة من طالبة علم على مقاعد الجامعة تتفاني لتحقيق طموحاتها بالدراسات العليا لأسيرة ومريضة وما زالت محرومة من العلاج “، وتضيف ” الجميع يتحدث بمناسبة الثامن من اذار عن حقوق المراة ، لكن أين حقوق الأسيرات اللواتي يتجرعن صنوف العذاب والمرارة في غياهب السجون دون أن يحرك أحد لنصرتهن ورفع كاهل المعاناة عنهن وتحريرهن من هذا الواقع المرير والمؤلم ؟ “، وتكمل ” في غالبية الايام ، لا اعرف طعم النوم والحياة ، وانا احصي الدقائق والثواني والسجن يسرق عمر ابنتي التي انهت عامها الرابع بعيدة عنا ، نفتقدها في كل لحظة ، ونتمنى أن تدور عقارب الزمن بسرعة لتكون بيننا ، فقلبي لم يعد يحتمل فراقها “.
طالبة متفوقة ..
في قرية ” أماتين “، بمحافظة قلقيلية ، أبصرت الأسيرة أنسام النور قبل 22 عاماً ، لتكون الثالثة في عائلتها المكونة من 8 أنفار ، وتعتبرها والدتها الخمسينية ” أم باسل “، الاقرب اليها والاحب لقلبها رغم حبها لكل اسرتها ، وتقول ” ابنتي أنسام هي روح المنزل لانها وحيدتنا ، تميزت باخلاقها العالية وبر الوالدين ، صاحبة قلب كبير وطيب وحنون ، متميزة في كل شيء ، وقريبة منا وتحظى بمحبة ومكانة كبيرة في قلوبنا جميعا ، ولم نتوقع في يوم من الايام أن تكون خلف القضبان ، فهي فقط مهتمة بعائلتها ودارستها وليس لها انتماء حزبي “، وتضيف ” منذ صغرها ، تمتعت بشخصية قوية وريادية ، مثقفة ومجتهدة وطموحة ، كرست حياتها للدراسة وتحقيق طموحها باكمال مشوارها التعليمي والحصول على الشهادات العليا “، وتكمل ” خاضت معركة الثانوية العامة بمثابرة واجتهاد ، وحصلت على معدل 97% بالفرع الادبي ، وانتسبت لجامعة القدس المفتوحة في نابلس تخصص تربية ابتدائية بعدما كرمت لتفوقها بمنحة دراسية كاملة،وخلال الفصل الاول من دراستها حصلت على المرتبة الاولى في القسم “.
الاعتقال والمداهمة ..
تروي الوالدة أم باسل ، أن أنسام ، توجهت للجامعة كعادتها بتاريخ 9/3/2020 لتقديم الامتحانات النهائية ، وبعد ساعات علمت العائلة بقيام الاحتلال باعتقالها قرب مستوطنة ” قدوميم ” المحاذية لمدينة نابلس ، وتقول ” تلقينا اتصال من احد الشبان ، ابلغنا فيه انه شاهد جنود الاحتلال يحتجزونها قرب المستوطنة ، فكان الخبر صدمة كبيرة وقاسية ، بسبب تضارب الروايات حول ما حدث مع ابنتي “، وتكمل ” شعرنا بقلق وتوتر عندما نشرت وسائل الاعلام العبرية خبراً زعمت فيه ان الاحتلال اعتقل ابنتي بتهمة محاولة طعن مستوطن ، في نفس الوقت ، علمنا انها تعرضت للضرب المبرح من قبل جنود الاحتلال الذين نقلوها لجهة مجهولة “، وتتابع ” لم نصدق مزاعم الاحتلال الذي لم يكتفي باعتقال ابنتي دون ذنب ،و بعد ساعات فوجئنا بقيام قوات كبيرة من الجيش باقتحام منزلنا،عزلونا واقتادوا كل فرد منا لوحده للتحقيق الميداني حول قيام انسام بتنفيذ العملية “.
لحظات مؤلمة ..
تنهمر دموع الوالدة أم باسل ، وتقول ” على مدار أيام ، عشنا كوابيس رعب وقلق على مصير ابنتي التي انقطعت أخبارها ، اقتادها الاحتلال لجهة مجهولة ولم يسمح للمحامين بزيارتها طوال فترة التحقيق ، وكانت اللحظات المؤلمة عندما شاهدناها في المحكمة واثار الضرب الذي تعرضت له واضحة ، فرفض الاحتلال الافراج عنها “، وتضيف ” بعد التحقيق نقل الاحتلال ابنتي لسجن هشارون ،و تمكن المحامي من زيارتها ، وابلغنا انها تعرضت للضرب على كافة انحاء جسدها والراس “، وتكمل ” استمرت المحاكم بتمديد توقيفها على مدار 7 شهور ، حتى حوكمت بالسجن الفعلي لمدة 5 سنوات ، بتهمة محاولة الطعن والانتماء لتنظيم معادي والتحريض على الاحتلال “.
معاناة المرض ..
لم ينال الحكم من عزيمة ومعنويات أنسام ، التي تأقلمت مع واقع الاسيرات في سجن ” الدامون “، لكن ما تعرضت له اثر على صحتها كثيراً ، وتقول والدتها ” كرمها رب العالمين بالصبر والارادة ، وتجاوزت الم ومحنة العذاب والفراق القسري ، لكنها منذ حوالي عام ، اصبحت تعاني من اوجاع مستمرة في القدمين ويديها ، وبسبب الاهمال المتعمد ، تعرضت لمضاعفات ، فامتد الالم لباقي الاطراف وجسدها “، وتضيف ” حالياً ، تعاني من ألم شديد ومستمر في الظهر وفقدت 7 كيلو من وزنها ، وبعد تدهور صحتها ، اضطرت الادارة لنقلها للمشفى 4 مرات خلال شهر ، وحتى اليوم لم نعرف نتيجة الفحوصات التي اجريت لها رغم ان الادارة زعمت انها تعاني من نقص بفيتامين d3 و b12 ، وما زالت بحاجة لمتابعة ورعاية صحية “.
المراة المظلومة ..
تواطب الوالدة ” أم باسل ” على زيارة كريمتها في سجن ” الدامون “، وتقول ” يعاقبنا الاحتلال بسياساته وقيوده الثقيلة والموجعة ، لكن نتحمل كل شيء لنرى ابنتي ونطمأن على اوضاعها ، والحمد لله ، رغم الحكم والمرض فهي قوية وتتمتع بمعنويات عالية “، وتضيف “في يوم المراة ، يؤكد الاحتلال بممارساته ، انتهاكاته المستمرة لحقوقها ، فأي ظلم وعقاب أكبر من الاعتقال والسجن ، والمؤلم غياب دور وصوت مؤسسات حقوق الانسان وحتى المطالبة بحقوق المراة “، وتكمل ” يجب ان يتذكر الجميع الاسيرات في كل يوم وتقديرهن لما يقدمنه من تضحيات وبطولات وتفاني في سبيل وطنهن وشعبهن ، فأين الدفاع عن حقوق المراة التي ما زالت تدفع ثمن ظلم الاحتلال؟ “، وتتابع ” المعنى الحقيقي ليوم المراة ، بالوقوف لجانب الاسيرات والمراة الفلسطينية التي لولاها لما يكن هناك حياة وأمل وحرية ، نتمنى انصاف المراة المظلومة في كل مكان وخاصة في فلسطين وسجون الاحتلال ، والوقوف لجانب مناضلات الحرية حتى كسر قيودهن وحريتهن “.