الملتقى يترجم الكفاءة العلمية والمكانة العالمية للهيئة المنظمة، لاسيما بعد النجاح الباهر لملتقى ” القراءات الحداثية “
أبرز أهدافه… الحفاظ على انتظام أمر الأمة وصيانة المجتمعات من التناحر الفكري والتمزق الاجتماعي والتنافر السياسي.
تحتضن قاعة المحاضرات الكبرى أبو القاسم سعد الله، بجامعة الشهيد حمه لخضر بولاية الوادي، هذه الصبيحة وعلى مدار يومين، فعاليات الملتقى الدولي الرابع حول “صناعة الفتوى في ظل التحديات المعاصرة”، الذي ينظمه معهد العلوم الإسلامية بالتعاون مع مخبر الدراسات الفقهية والقضائية، وذلك بحضور وتأطير نخبة من الأساتذة والباحثين من داخل وخارج الوطن.
إشكالية الملتقى
وحسب رئيس الملتقى البروفيسور إبراهيم رحماني، فالملتقى يناقش محور غاية في الأهمية، كيف لا وهو محور صناعة الفتوى، هاته الاخيرة يضيف رحماني مدير معهد العلوم الإسلامية وأستاذ الفقه والفقه المقارن، التي كانت مصدر إشعاع في الحضارة الإسلامية، فضلا عن كونها أسهمت بدور كبير في توجيه الأمة، وهذا يضيف ذات المتحدث راجع لجهد الفقهاء في إثراء مسالك معالجة مشكلات الناس في تصرفاتهم الفردية والجماعية، ولان ما يشهده العالم اليوم من تحولات عميقة لها آثارها على مختلف الأصعدة، أصبحت المعلومة فيه سريعة التداول بين الناس بفعل الوسائط الحديثة، ومنها ما تعلق بالفتوى الشرعية التي توسع نطاقها حتى وسمها بعضهم بأنها “فتاوى عابرة للقارات”، الشأن الذي دعانا يقول رحماني مدير معهد العلوم الإسلامية ، ومدير مخبر الدراسات الفقهية والقضائية بجامعة الوادي، انطلاقا من واجب البلاغ المبين إلى استنفار أهل العلم والنظر لمعالجة المسألة انطلاقا من التصوير الجيد للمواضع التي مسّها الضر، وعليه يختم الفقيه ابراهيم محمد الامين رحماني السوفي الجزائري، صاحب الاصدارات والمشاركات العلمية البحثية المتخصصة وطنيا وعربيا وعالميا، أنه وفي هذا الوقت بالذات ما أحوجنا إلى تلك النماذج الإفتائية التي تمتلك القدرة على استحضار النص وتوظيفه في اللحظة المناسبة، وتطل على المستقبل في الوقت الذي تتأمل فيه نص السؤال، وتسترجع الموروث الفقهي في الساعة التي تتهيأ فيها لتقديم المعالجة الفقهية للحال والمآل.
ومن جهة أخرى فقد نوه مدير الملتقى الدكتور أمير شريبط ، أننا نسعى من خلال هذا العمل الاكاديمي الدولي الرابع لمعهد العلوم الإسلامية بجامعة الوادي، إلى الإسهام في ضبط الفتوى ضبطا علميا منهجيا محكما، بما تقتضيه يضيف شرابيط لفظ الصناعة من تحصيل الملكة الفقهية التي يقتدر بها المرء على التصرف الـسديد الذي تحقق من خلاله مقاصد الشرع السامية، إضافة الى تبيان ما يترتب على إهمال ضوابطها أو الغفلة عنها من مزالق ومعضلات غير محمود العواقب، وكل هذا يقول ذات المتحدث يفرض على العلماء والباحثين بذل قصارى جهودهم، في توجيه الأمة نحو بر الأمان في خضم التدافع الكوني الراهن، ومواكبة الركب الحضاري باجتهاد رحيب ونظر متفتح، وذلك من خلال النهوض بالمستوى الاجتهادي لمفتي العصر، وتنظيم مؤسسات الفتوى، وسنّ قوانين تجرم كل من يقدم عليها قبل التمكن من أدواتها والتحلي بآدابها، جاعلين من تراثنا العلمي وما كتبه فقهاؤنا الأقدمون في تأصيل مسائل الفتوى نبراسا يهتدى به في حسن تنزيلها على الواقع المتغير على حد قول الدكتور شرابيط.
المحاور والاهداف
وأمام جملة التحديات والتضارب والفوضى في الإفتاء، والسعي الحثيث لإرجاع الأمور إلى نصابها، وسؤال أهل الذكر والاختصاص، واجتماع الخبراء ذوي الشأن من خلال فتح أوجه الحوار البناء مع الجميع، قصد الوصول إلى برّ الأمان والحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية، فقد سطرت اللجنة العلمية للملتقى الدولي الرابع لمعهد العلوم الإسلامية حول “صناعة الفتوى في ظل التحديات المعاصرة”، جملة من المحاور والاهداف لتحقيق المبتغى، فأما المحاور يقول الدكتور عبد القادر مهاوات رئيس اللجنة العلمية، تتمحور حول صناعة الفتوى المعاصرة “المقومات والضوابط”، ويتم يتطرق في هذا المحور إلى: أصول الإفتاء – مآلات الفتوى – البعد المقاصدي – التأثير الاقتصادي – البيئة الاجتماعية – المدارس الفقهية – تغيير الفتوى – عموم البلوى – ما جرى به العمل، أما المحور الثاني فهو حول مزالق الفتوى في القضايا المعاصرة، أين يناقش المشاركون : الفتاوى المستوردة – الإفتاء الفضائي – الإفتاء الإلكتروني – الفتاوى الشاذة – الثابت والمتغير في الفتوى – فتاوى الأقليات – فتاوى الرخص – التلفيق في الفتوى – الفتاوى الفردية في الشأن الـعام ، في حين يتم دراسة ( صناعة المفتي- ثقافة المفتي- التخصص الإفتائي – التدريب على الفتوى- مراعاة التكامل المعرفي… الخ)،في المحور الثالث الموسوم التأهيل الإفتائي المعاصر ومقتضياته، على أن يرفع المشاركون سقف بحثهم إلى محور غاية في الأهمية والدقة والموضوعية وهو دراسة “مؤسسات صناعة الفتوى المعاصرة “الهياكل والمرجعيات”، وفي يتم التطرق إلى أهم (المجالس المحلية للفتوى – المؤسسات غير الحكومية للفتوى – دور الجامعات الإسلامية – الهيئات الوطنية للإفتاء – المجامع الفقهية الإقليمية والدولية – هيئات الفتوى والرقابة الشرعية للمؤسسات المالية – منصب مفتي الجمهورية – المرجعية الـوطنية – … الخ)، وهذا يضيف مهاوات من أجل تحقيق جملة من الأهداف أهمها، التأكيد على عظيم منزلة الفتوى في الإسلام في ظل التغيرات التي يشهدها العالم في شتى مجالات الحياة، وبيان دورها في تحقيق الوسطية ومحاربة الغلو والتطرف، وتجديد النظر في أصول الفتوى وآدابها، من خلال التحرير الموضوعي لضوابطها والتنظيم المحكم لمؤسساتها بما يحقق أمن الشعوب والأمم، إضافة الى التحذير من مزالق الفتوى ومشكلاتها في واقعنا المعاصر، وبيان الحلول الناجعة لمعالجتها والوقاية منها، وتبيان أثر الفتوى على مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتقييم واقع الفتاوى عن طريق الوسائل الحديثة، وخاصة ما يتعلق بالفضائيات والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، فضلا عن هدف الحفاظ على قداسة الـفتوى من انفلات المتعالمين وتسيب الأدعياء وآفات الغلو، وصيانة تدين الناس من الإفراط والتفريط، ومن ثم يختم مهاوات الحفاظ على انتظام أمر الأمة وصيانة المجتمعات من التناحر الفكري والتمزق الاجتماعي والتنافر السياسي.
أعمال الملتقى
للإشارة وحسب رئيس اللجنة التنظيمية للملتقى الدكتور علي باللموشي، فقد استقبلت الهيئة المنظمة للملتقى ما يزيد عن التسعين (90) بحثا، الامر الذي أحالنا الى ضرورة التحكيم الثنائي، والذي شارك فيه أكثر من سبعين (70) خبيرا من داخل الوطن وخارجه، لنصل في نهاية المطاف بعد رحلة طويلة إلى قبول تسع وخمسين (59) بحثا موزعة على محاور الملتقى الأربع بنسب متفاوتة، نعتقد بأنها استوفت أغلب الأهداف المتوخاة من عقد الملتقى، أين سيتم عرضها ومناقشتها خلال يومين متتاليين زيادة في الإثـراء وتبادل الخبرات، وتنمية للقدرة على التفكير والتواصل مع الآخرين، لكون الحدث الدولي يستقبل مشاركين من 09 دول (تونس، المغرب، ليبيا، مصر، السودان، السعودية، العراق، سوريا، أمريكا)،وأكثر من 14 مؤسسة علمية وجامعية من داخل الوطن (الوادي- باتنة- قسنطينة- ميلة – جيجل- المسيلة- الجلفة- غرداية – البليدة – الجزائر- أدرار- وهران – تلمسان ).
من بحوث الملتقى
الفتاوى الفقهية المعاصرة ” من فقه السؤال إلى فقه المآل، للدكتور الحسان شهيد، من جامعة عبد المالك السعدي، تطوان – المغرب، حيث يناقش ما يتعلق بمآلات القول أو الفتوى أو الاجتهاد؛ من حيث تداعياته الإعلامية ووقعها على الناس أجمعين ؛ مسلمين أو غير مسلمين؛ وأقصد به المآل الحضاري، ثم المآل التدافعي للقول، زمن التدافع بين الحق والباطل المتلبس بشتى الصور الإعلامية والدعائية. ويرسم مقاربة حول عدة أنواع للفقه: فقه السؤال، فقه الحال، فقه المجال، فقه المقال، فقه المآل.
تحقيق المناط الخاص في الفتوى “مفهومه، ضوابطه، وتطبيقاته” الأستاذ الدكتور نذير أوهاب، أستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض. وقد أشار البحث إلى أنّ الأصل في الحكم على تصرفات المكلفين، الاعتداد بالظاهر، وهو الواجب على المفتي في جواب المستفتي؛ لأن الباطن غيب لا يمكن الاطلاع عليه، ولما كانت الفتوى أعم موقعا، وأخص لزوما، فإن المفتي قد يخرج عن هذه القاعدة استثناء لدواع تلجئه لذلك منها: الاحتياط لوجود شبهة – إعمال القرائن في حال المستفتي – الكشف عن مرادات ألفاظ السائلين.
مسوغات تغير الفتوى في الفقه الإسلامي، للأستاذ الدكتور نصر سلمان، أستاذ بجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة، وقد خلص إلى عدم الجمود على الفتاوى الخاضعة لملابسات معينة، بل يجب إخضاعها للملابسات الجديدة الطارئة، وهذا مراعاة لتغير الأحوال المحيطة بكل من المستفتي والفتوى، كتغير الظروف، والزمان، والمكان، والعادات والأعراف والتقاليد، وذلك لأن ما يصلح لبيئة، أو زمن، أو عرف ما قد لا يصلح لغيره، بل يكون العلاج الأنجع، والفتوى الأصوب في خلافه.
ضوابط ترشيد الإفتاء السياسي في وسائل الإعلام الجماهيرية، للأستاذ طه أحمد حميد الزيدي، أستاذ بكلية الإمام الأعظم ببغداد، وتأتي أهمية هذه الدراسة والحاجة إليها، من أهمية الفتاوى السياسية، التي تؤسس لاستقرار النظام العام، وضبط تعامل أبناء المجتمع أفرادا وجماعات مع الواقع السياسي ومستجداته على وفق محددات الشريعة ومقاصدها. ومن أهمية الإعلام ودوره المؤثر في المجتمعات، وفي تشكيل الرأي العام والقدرة على الإقناع والتغيير.
تباين الفتاوى الجماعية المتعلقة بالمسلمين في ديار الغرب، للأستاذ الدكتور باحمد أرفيس، بجامعة غرداية، وخلُص البحث ضرورة لزومُ العمل على تقريب نشاط المجامع الفقهية، وضرورة التقائها في دورات موحَّدة لاستعراض ما صدر عنها من فتاوى وقرارات، ومقارنتِها وترجيحِ الأصوب منها. وفتحُ الباب واسعا أمام الخبراء في كل الميادين ليسهموا بدراساتهم الميدانية المبنية على التجارب والدراسات العلمية الدقيقة. ثم حصر قائمة النوازل التي تمسُّ الحاجة إلى تبيان أحكامها وعرضها على مخابر البحوث للتدقيق فيها وتوضيح ما غمض منها.
الفتوى وإشكالية التوظيف السياسي، للدكتور فوزي أوليطي، أستاذ بجامعة المرقب بليبيا، وانتهى إلى ما يجب على المفتي لأجل منع التوظيف السياسي السيء لفتواه، من عدم التسرع في الفتوى، والتمهيد للفتوى، والبيان والوضوح فيها، ومراعاة مآلات الفتوى، وغير ذلك.
الفتاوى الشاذة من القنوات الفضائية إلى اليوتيوب، للدكتورة وحيدة بوفدح بديسي، أستاذة بجامعة الأمير عبد القادر ب قسنطينة. وخلصت إلى أن الوسيلتين الإعلاميتين أسهمتا بشكل إيجابي في نشر الثقافة الشرعية الفقهية، وتقريب العلماء والفقهاء من الجمهور، وأسهمتا في المقابل وبشكل سلبي في انتشار بعض الآراء الغريبة والفتاوى الشاذة، التي كان لها العديد من الآثار السلبية على المجتمع، وأساءت بصورة واضحة للدين وأحكامه.
الفتاوى المستوردة “دراسة حول المفهوم والآثار” للدكتور علي أبو الفتح حسين حمزة العبادي، أستاذ بجامعة النيلين بالسودان. وقد بين ما يترتب على الفتاوى المستوردة من آثار: الخطأ في الفتوى، وزعزعة الأمن والتهيئة للتطرف، والجرح والاسقاط لبعض الأشخاص والهيئات. وأوصت الدراسة بأن الواجب على علماء الأقطار القيام بواجبهم، وعدم التهاون فيما يطرح لهم من أسئلة واستفسارات؛ ليقطعوا الطريق أمام الفراغ في الفتوى الذي يُسد غالباً بغير أكْفاء أو بفتاوى مستوردة قد تخطئ في الغالب، وعليهم أن ينصحوا من يسألهم عن شأن خاص بدولة معينة بالرجوع إلى المفتين من هذه الدولة ودوائر الاختصاص فيها.
صناعة الفتوى باستخدام إدارة المعرفة لمواجهة التحديات المعاصرة، للأستاذ محمد الحسن المتخصص في أنظمة الإدارة والمعلوماتية من سوريا. وتسعى الورقة البحثية لتطوير مهارات معرفية رقمية تسمح بتوظيف التقنية المعاصرة ووسائل الاتصال والمعرفة في تنظيم واستثمار الثروة العقلية والفكرية والخبرة المتراكمة في تنظيم الفتوى والارتقاء بالمستوى العلمي لها وصون قداستها في ظل الانتشار العشوائي الكثيف للفضائيات ووسائل التواصل وتبادل المعلومات، بهدف الوصول إلى صناعة للفتوى المعاصرة وفق شروط وضوابط موضوعية.
إهمال تنميةِ المَلَكات الفقهية ومهاراتِ التفقّه وأثره على اضطراب الفتاوى في القضايا المعاصرة، للدكتور محمد علي جبران زريب، أستاذ بجامعة نجران بالسعودية، حيث يتناول بالدراسة والتحليل بعض تجليات ارتباك الفتاوى في القضايا المعاصرة وتضاربها، مضمِّناً تلك التجليات شيئاً من الأسباب التي تبعث عليها، والتي تدور غالباً حول إهمال شيء من ملَكات الفقه ومهاراته، وعدم الحرص على الجانب التطبيقي إبّانَ تفقّهِ المفتي.
تلقي الفتاوى الدينية في مواقع التواصل الاجتماعي وسبل تجاوز الأزمة، للدكتور الحنفي المراد، أستاذ بأكاديمية مراكش – المغرب، وانتهى إلى التوصية بـ: الابتعاد عن الشذوذ.- حفظ هيبة الفقه.-استحضار الواقع المجتمعي والبشري.-استحضار الواقع الكوني.- اعتبار أعراف الناس. -عدم التسرع في الجواب، وهو من آفات الإفتاء المعاصر.- استحضار الفقه المجتمعي.- الابتعاد عن الفقه الخيالي.
عماره بن عبد الله