ان ثقافة الوضع التي اعتمدها العقل العربي المبنية على الاكتفاء بذاتها و على رصيدها الغير واعي، التي تشاهد ولا تفعل فهي على رصيف الحياة عبر تاريخ اهمل ثقافة الموقف التي هي ارادة وتغيير، حرية و مسؤولية فعل، و الانسان محورها الفاعل، و التنوير حركتها الديناميكية الواعية بذات وجوده. ان الثقافات الانسانية المختلفة اختارت إرادتها الحرة الواعية.
ان اليابانيين وعبر توكوجاوا ناقشوا العقل و الواقع وكان الموقف و النهوض. ان الصينيين طرحوا أيهما نختار كونفوشيوس ام الحقيقة و كان الموقف؛ ان كونفوشيوس كان يبحث عن الحقيقة و نحن نبحث أيضا . ان الثقافة الأوروبية حولت الزمن الى قيمة مالية وأنهت ثقافة الوضع وصراع الرب على ارضه. رغم أن ابن رشد في كتابه بداية المجتهد كان طرحه أعمق ولكن ينطبق على العقل العربي ما قاله تقي الدين المقريزي حين قال.. الرخاء اني لاحق بمصر فقال الذل وانا معك..!!.ان اشكالية العقل العربي المكون انه ظل في ثقافة الوضع الفاقدة للحرية ،الغير واعية بما هي فيه في ظل واقع شبكي عالمي و ظلت كل انفعالات مواقفها قائمة على انتصار الخير و قهر الشر وفق وعي منفصل عن الواقع الثقافي والاجتماعي العام .ان اين رايك عبر الموضوعانية وتصورها عن الانسان و الحياة وان العالم الواقعي هو منفصل عن وعي الانسان لحقيقة واقعه ،حيث يمكن للانسان ان يدركها عبر العقل والحواس و لكنه يظل في ثقافة الوضع الراهن به المرهون اليه ليعيش أوهام معارفه و ان العقل في ثقافة الموقف هو مصدر المعرفة الاوحد عبر الحواس التي تشكل لنا مفاهيمنا العقلية التي عبر وعيها المشكل لذاتنا نفهم الواقع لكن لا نخلقه. ان مقاربة أين راند كانت مقاربة مثيرة حين طرحت الأنانية العقلانية للانسان وأنها قيمة عليا لانها تشكل حرية وجوده وان التضحية قيمة مصطنعة وفق ثقافة الوضع و تناقضات انسان المرحلة. ان ثقافة الموقف هو ما طرحه جان بول سارتر ،البير كامو، سيمون دي بوفوار عن الحرية والانسان المسؤولية و الوجود وانه هو ما يقرر ان يكون .لقد حول سارتر وفق ثقافة الوضع الأوروبي وغزو المانيا لفرنسا في 1940 الفلسفة من البحث في الماهيات الفلسفية الى فكر عبثي حر ثائر ،واقر وعي الانسان لذاته عبر الوجود و الوجود في ذاته من خلال محيطه فكانت ثقافة الموقف حيث عبر سارتر انه من غير الممكن إطلاق الحريات الفردية في مجتمع ليس بحر، فهو يرى أن الحر لا بد أنْ يعيش بين الأحرار، ومع ذلك يدعو سارتر بضرورة الدعوة لتحرير الناس ذاتيا، و يعتقد سارتر أنَّ حرية الإنسان مرتبطة بحرية الآخرين، حيث لا يمكن أنْ يكون حرًّا دون أنْ يكون الآخرين أحرارًا، و يؤكد ليس المهم أنْ نعرف لماذا نحن أحرار، ولكن المهم أنْ نعرف ما هي الطرق التي تؤدي للحرية، وهنا يتفق مع هيجل حين قال ما مِن أحد يستطيع أن يكون حرًّا، إنْ كان جميع الناس غير أحرار..
إنَّ أول شرط من شروط الحرية أنْ يكون الناس أحرارًا، هنا ولدت ثقافة الموقف التي غابت عن العقل العربي و افقدته فاعليته المعتمدة على الوعي بالذات و إرادتها الحرة عبر مجتمع مدني وانسان مستقل يستخدم العقل و ينجز الفعل فيكون الموقف ثقافة و حياة و يٌصنع التاريخ من زمن الرواة الى حقيقة الانسان وحريته …….يتبع.