الأسير المحرر طالب فقوسة يروي تجربته النضالية

 يواصل مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس نشر تجارب الأسرى، حيث ينشر بحلقة هذا الأسبوع تجربة الأسير المحرر طالب فقوسة من مدينة دورا .

التجربة النضالية

أنا طالب حسن على فقوسه من بلدة دورا مواليد 4/2/1971 ، انتمي إلى أسرة كانت تعمل في الزراعة وتربية المواشي ، تعرضت أسرتي للعديد من الممارسات الإسرائيلية فقد هدم بيتنا واعتقل غالبية إخوتي وهم محمد وإبراهيم ومحمد (الصغير ) وأخي خالد إضافة إلى الطلبات المتكررة لوالدي من قبل المخابرات الإسرائيلية .

بدأت تجربتي النضالية ضد الاحتلال منذ نعومة أظافري حيث تفتحت عيناي على اعتقال أخي الأكبر محمد عام 1975 بتهمة التنظيم لحركة فتح مع المطاردين  الذين كانوا يتمركزون في الجبال المحيطة ، وكانوا يشكلون نموذجا ثوريا لكافة أبناء المنطقة ، وخلال رحلتي في مقاومة الاحتلال اعتقلت ثماني مرات  كانت اولاها في عام 1985 حيث لم يتجاوز عمري الرابعة عشرة على خلفية نشاطي في المدرسة وعلى خلفية ذلك قامت قوة كبيرة من الشرطة الإسرائيلية بمداهمة منزلي واعتقالي ومن ثم نقلي إلى معتقل الفارعة في منطقة نابلس وتم حبسي لمدة شهر ونصف ، وهنا التقيت بالعديد من المعتقلين اذكر منهم فوزي السويطي وفايق خلاف ومنجد قزاز .

أعيد اعتقالي مرة أخرى بتاريخ 19/5/1987وكان ذلك على خلفية إضراب الأسرى في معظم المعتقلات الإسرائيلية عن الطعام فقد قمنا بمسيرات تضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام تخللها صدامات مع الجيش بإلقاء الحجارة ورفع العلام واللافتات المنددة بالاحتلال وسياسة القمع للأسرى وقد اعتبرت من المحرضين ضد الاحتلال حيث قامت قوة كبيرة من الجيش باقتحام منزلي واقتيادي إلى مركز التحقيق في الخليل ،وقد وجهت لي عدة تهم تندرج كلها تحت المقاومة

الشعبية والتحريض ضد الاحتلال وقد حكمت على المحكمة العسكرية في رام الله بالسجن الفعلي لمدة ثمانية أشهر أمضيتها بين معتقلي رام الله والخليل ، وفي هذه التجربة التقيت بالعديد من قيادات الحركة الأسيرة ومنهم الأخ الشهيد زياد أبو عين وكامل حميد ، وقد تلقيت العديد من الدورات الفكرية والجلسات الثقافية الوطنية عززت لدي الوعي الوطني ورغبة مواصلة طريق الكفاح ضد المحتل ، خاصة وانه خلال وجودي في المعتقل اندلعت الانتفاضة الأولى التي أعادت الاعتبار للحركة الوطنية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني بعد خروج الثورة من لبنان الذي شكل حالة من الإحباط عند الشعب الفلسطيني واعتقد إسرائيل انه بإمكانها أن تخلق البديل ل ” م ت ف ” و أفرج عني بتاريخ 18/1/1988في ذروة الانتفاضة .

لم يمضي على خروجي من المعتقل شهر حتى أعيد اعتقالي مرة أخرى بعد أن داهمت قوة كبيرة من منزلي وكانت تبحث عن أخي خالد الذي استطاع الفرار ، وكانت قد صدرت أوامر من وزير الحرب الصهيوني بتنفيذ سياسة تكسير العظام وقد اعتقل في تلك الحملة كل من المرحوم الشهيد غالب الرجوب وعبد الحكيم الرجوب ، وبعد اعتقالي وتكبيلي طلب مني ادلهم على بيت احد المناضلين ليتم اعتقاله ادعيت إنني لا اعرف بيته وعندما أصر علي ضابط المخابرات محاولا كسر إرادتي والانصياع له مع يقيني انه يعرف البيت كون ذلك الشاب قد اعتقل عدة مرات ، قلت له متحديا : حتى لو اعرف بيته فاني لن أدلك عليه ، وقد أعطى الضابط أوامره للجنود الذين اعتدوا علي بالضرب وكسروا يدي الاثنتين المكبلتين وراء ظهري بالهراوات ، هذا إضافة إلى الرضوض في كل أنحاء جسمي حتى غبت عن الوعي ، نقلت بعدها إلى الخشابية وهي غرفة من الزينكو أمام مقر الحكم العسكري وكانت مقتظة بالشباب المعتقلين من كافة مناطق الخليل بعدها تم نقلي إلى مستشفى عسكري اجهل تماما مكانة ، وهناك وحتى أثناء معالجتي كان الجميع يعتدي على بالضرب حتى الطبيب المعالج في وحشية قل نظيرها .

بعد شهر تقريبا القي القبض على أخي خالد وتم إطلاق سراحي ، ومن الجدير بالذكر أن أخي خالد اعتقل عدة مرات كان آخرها اتهامه بالقيام بعمل عسكري وحكم علية ثمانية عشر عاما وأفرج عنة عام 1994 ضمن اتفاقية اوسلو بين م ت ف وإسرائيل .

كانت جذوة الانتفاضة تتصاعد والاعتقالات نزداد يوما بعد يوم إلا أن ذلك لم يؤثر على قوة المد الجماهيري للانتفاضة ، كان الواجب يفرض علي كغالبية أبناء شعبنا الانخراط في نشاط الانتفاضة والذي أدى إلى إعادة اعتقالي  بتاريخ  7\11\1989ونقلت إلى معتقل عناتا ومكثت فيه عدة أيام ومن ثم نقلت إلى معتقل الظاهرية وتم تبليغي بقرار الاعتقال الإداري لمدة ثلاثة أشهر ومن ثم تم نقلي إلى سجن النقب الصحراوي وقد استقر بنا المقام في قسم المعتقلين الإداريين ، حيث كانت إدارة السجن تفرض حالة من الرعب والإرهاب على المعتقلين فقد حرم الأسرى من زيارات الأهل وحتى الكتب والمجلات ، كان الطعام سيئا وقليلا ، إلا أن معنويات الأسرى كانت في ذروتها خاصة وان الانتفاضة تزداد قوتها واشتعالها يوما بعد يوم ، وقد كان معي في تلك التجربة العديد من أبناء بلدتي اذكر منهم احمد سلهوب وعبد المجيد السويطي وآخرين  وقد أفرج عني بتاريخ 6\3\ 1990 .

بعد خروجي من المعتقل كانت قد ازدادت جذوة الانتفاضة في كافة الأرض المحتلة وأصبح الاحتلال عاجزا عن السيطرة عليها وكنت اعتبر في نظره من المحرضين على الانتفاضة وأعيد اعتقالي إداريا مرة أخرى بتاريخ 20/9/1991كانت لمدة ثلاثة  شهور أخرى تم نقلي إلى سجن النقب الصحراوي وقد لاحظت انه قد أجريت عليه تعديلات كثيرة وقد اتسع لضم أكثر من 20 ألف معتقل وزيادة التحصينات ليتحول إلى ما يشبه معتقلات النازية وأمضيت فترة اعتقالي فيه دون زيارة الأهل إلى أن أفرج عني بتاريخ 26\12\1991 م .

بتاريخ 29/6/1995 وأثناء وجودي في العمل داخل الخط الأخضر في منطقة النقب جنوب فلسطين المحتلة داهمت قوة من الشرطة الإسرائيلية مكان العمل وتم اعتقالي واقتيادي إلى سجن السبع وبعد جولة من التحقيق تم نقلي إلى مركز تحقيق عسقلان وفيه تم وضعي في زنزانة انفرادية وكان التحقيق يتركز حول وجودي داخل إسرائيل وبعد شهر أطلق سراحي بعد صدور قرار بمنع دخولي داخل فلسطين المحلة عام 1948 .

في عام 2010 أعيد اعتقالي مرة أخرى ولكن هذه المرة بناء على اعترافات من معتقلين آخرين عن حيازتي أسلحة وقد تم التحقيق معي في معتقل عوفر وقد أنكرت التهم الموجة ضدي جميعها

، وبعد فترة من التحقيق أخذني ضابط التحقيق مع قوة كبيرة من الجيش إلى منزلي حيث قاموا بعمليات تفتيش وحفر في البيت وجواره إلا أنهم لم يعثروا على شيء .

إلا أن ذلك لم يعفيني من توجيه لائحة اتهام ضدي ، وقد تمت محاكمتي في معتقل عوفر حيث حكمت المحكمة العسكرية علي بخمسة عشر شهرا .

خلال وجودي في معتقل عوفر تعرفت على العديد من المعتقلين ومنهم أبو العوض قائد قوات ال 17 ومحمود ضمرة الذي كان يشغل منصب الموجة العام لحركة فتح في المعتقل ، وقد كلفت بممارسة عدة ادوار تنظيمية وإدارية في المعتقل بمعية هذين الرجلين .

أفرج عني بتاريخ 30/5/2011 بعد قضاء مدة الحكم كاملة .

أما الاعتقال الأخير فكان اعتقالا إداريا فقد تم اعتقالي بتاريخ 20/1/2015 على ملف سري لم تفصح عنه المحكمة فقد اعتبرت من قبل المخابرات الإسرائيلية شخصا نشيطا خطيرا على امن دولة الاحتلال الإسرائيلي وقد تم تمديد اعتقالي أربعة مرات بعد الاعتقال الأول الذي صدر قرار باعتقالي فيه لمدة ستة شهور ، وبلغ مجموع مدة الاعتقال ثلاثة وعشرين شهرا .

خلال وجودي هذه الفترة ورغم الاعتقال الإداري فقد نشطت داخل المعتقل وتسلمت ادوار قيادية في تنظيم حركة فتح فانتخبت مجلسا ثوريا ومن ثم لجنة مركزية إضافة إلى العديد من المهام الإدارية ، وقد التقيت وتعرفت على العديد من الأسرى في المعتقل منهم عبد دولي وإياد خضر ومحمد أبو العدس وراضي الخضور ومحمد الشواهين وآخرين . وقد كان وجودي بشهادة الكثيرين ملطفا للأجواء بين الفصائل داخل المعتقل فقد تشرفت بحل عدد من الأزمات بين الفصائل في المعتقل كان آخرها حل إشكال بين حركتي الجهاد الإسلامي وحماس ،أفرج عني بتاريخ 15/12/2016 بعد أن أمضيت 23 شهرا في الاعتقال الإداري .

عن amara

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: