محكوم بالسجن المؤبد 4 مرات
مراد أبو الرب تحدى الاحتلال وسجونه بالتعليم والشهادات
واصبح معلماً للاسرى الطلبة ومشرفاً على امتحانات الثانوية خلف القضبان ..
تقرير: علي سمودي
تتزين جدران منزل عائلة الأسير مراد محمد رضا أبو الرب ، بالشهادات العلمية التي حصل عليها خلال اعتقاله ، ومع دخوله عامه الرابع عشر خلف القضبان ، يعبر والد الأسير عن الفخر والاعتزاز بفلذة كبده وايمانه الكبير بحريته القادمة رغم المؤبدات الاربعة التي صدرت بحقه ، ويقول ” هذا الحكم لم ينال من عزيمة ومعنويات ابني البطل والمقاوم ، وهذه المؤبدات لا تعني لنا شيئاَ لقناعتنا بان محكمة الاحتلال باطلة ، فالحكم لرب العالمين ولا بد للقيد أن ينكسر ” ، ويضيف ” رغم وجع التحقيق وعذاب الأسر ومعاناة السجن ، صمد وتمتع مراد بمعنويات عالية ، فلم يهتز أو يتأثر ومارس حياته الاعتقاليه بشكل طبيعي وشارك الاسرى كل معارك الحرية والكرامة لانتزاع حقوقهم وكسر القيد “، ويكمل ” منذ اليوم الاول ، استثمر مراد كل لحظة من اعتقاله ، وتحدى الاحتلال وسجونه من خلال اكمال دراسته الجامعية رغم حصوله على شهادة البكالوريوس من جامعة النجاح الوطنية “.
تميز ونجاح ..
الوالد أبو الرب ، الذي قضى سنوات عمره الأخير يتنقل بين سجون الاحتلال لزيارة نجله مراد ، يقول ” نشعر بفحر واعتزاز بكل نجاح يحققه مراد الذي انتصر على القيد والسجان ، فقد حصل على درجة الماجستير في في العلوم السياسية والادارة ، ولم يكتفي بذلك ، فاكمل تعليمه رغم منغصات الاحتلال وادارة سجونه “، ويضيف ” مع دخوله العام الجديد ، يسجل ابني كل يوم حكاية نجاح وامل جديدة ، فقد حصل على شهادة الدبلوم “هيومن رايس وتش” لحقوق الانسان ، ودبلوم في الاقتصاد “، ويكمل ” يكرس حياته منذ سنوات ، لخدمة وتعليم الأسرى ، وبعد افتتاح فرع لجامعة القدس المفتوحة لتعليم الاسرى في السجون ، يقوم حالياً بتدريس الطلبة والاشراف على امتحانات الثانوية العامة اضافة لعضويته في اللجنة علمية داخل السجون الاسرائيلية .
السيرة الذاتية ..
ينحدر الأسير مراد من عائلة مناضلة ، ابصر النور عام 1980 في بلدة جلبون شرق جنين ، ويعتبر الخامس في أسرته المكونة من 11 نفر ، ويقول والده ” عاش وتربى في قريتنا ، تميز ببر الوالدين وحب العائلة والاخلاق الحميدة ، حنون ومعطاء ويحب مساعدة الناس خلال دراسته كان يعمل لمساعدتي باعالة اسرتنا الكبيرة “، ويضيف “خلال تعليمه بمدارس جلبون ، برزت لدبه روح وطنية ونضالية عالية ، فكان يشارك في المسيرات والفعاليات الوطنية لحبه لوطنه والدفاع عن ارضه وشعبه ، فقد كان غيوراً جداً على ابناء شعبنا ويتاثر بجرائم وممارسات الاحتلال “، ويكمل ” بعد نجاحه في الثانوية العامة ، انتسب لجامعة النجاح الوطنبة تخصص فنون جميلة رسم وتصوير ، وكان محباً للتعليم وطموحاَ وناشطاً سياسياً في الجامعة التي تخرج منها رغم مطاردته من الاحتلال “.
مقاومة ومطاردة ..
خلال دراسته ، اندلعت انتفاضة الاقصى الثانية ، فانخرط مراد في صفوفها وقسم حياته بين الدراسة والمقاومة بشكل سري ، ويقول والده السبعيني أبا العبد ” لم نعلم بدوره ونشاطه حتى طارده الاحتلال ، فقد التحق بكتائب شهداء الاقصى منذ تأسيسها ولنشاطه الفاعل بمقاومة الاحتلال اصبح مطلوباً وتخفي عن الانظار وتمكن من تضليل الاحتلال ومواصلة جامعته ودوره النضالي “، ويضيف ” اشتدت ملاحقة مراد مع تصاعد وتيرة الانتفاضة وعمليات كتائب شهداء الاقصى ، واضطر للتخفي والتنقل بين نابلس وعدة مناطق في ظل الكمائن والتهديدات التي لم تنال من عزيمته وروحه الثائرة “.
اعتقال وتحقيق ..
انقطعت اخبار مراد عن عائلته التي لم يتمكن من الوصول اليها وزيارتها في قريته جلبون ، وعاشت كوابيس القلق والرعب على حياته ، فقد تمرد ورفض التراجع والاستسلام حتى تمكن الاحتلال من حصاره واعتقاله فجر 31-8-2006 ، ويقول والده ” استمر الاحتلال بملاحقته ورصده حتى اكتشف مخبأه في بلدة العيزرية ، فحوصر واعتقال في الساعة الثانية فجراً ، وعلى الفور اقتاده الاحتلال الى اقبية التحقيق “، ويضيف ” من زنازين المسكوبية نقل مراد لمسلخ بيتح تكفا العسكري وسط عزلة وحرمان من زيارته حتى للمحامين ، وعلى مدار 3 شهورتعرض لتحقيق قاسي جداَ حتى نقل الى سجن جلبوع “، ويكمل ” رغم مرور السنوات ، لن ننسى تلك المحطة المريرة التي تجرعنا فيها كل صنوف المرارة والاحتلال يتكتم على مصيره حتى شاهدناه أول مرة في المحكمة العسكرية “.
الحكم والمعاناة ..
يروي الوالد أبو العبد ، أن فترة محاكمة مراد التي استمرت عامين ، كانت مؤلمة وقاسية ، ويقول ” لم يكن يسمح لنا برؤيته الا في المحكمة وسط حصار الجنود والسجانين الذين منعونا من مصافحته وحتى الحديث معه ، واستمرت رحلة المعاناة والتلاعب باعصابنا بين التاجيل والتمديد والنقل والحرمان منه “، ويضيف ” في محكمة سالم ، وقف مراد بالجلسة الاخيرة بشموخ وصلابة يتحدى السجانين والقضاة رافضاً ابداء الندم وطلب الرحمة والشففة من الاحتلال الذي مارس كل انواع الجرائم بحق شعبه ، فحوكم بالسجن المؤبد 4 مرات “، ويكمل ” صبرنا رغم القهر ورفع مراد معنوياته بصموده ورباطة جأشه وهو يردد الحكم لرب العالمين موعدنا مع الحرية قريب “.
اعتقل عبير ..
وبدات رحلة معاناة العائلة بين السجون لتعيش نفس الدوامة التي مرت بها خلال اعتقال كريمتها عبير خلال انتفاضة الحجر ، ويقول الوالد ” كانت ابنتي ناشطة ومناضلة وشاركت بمقاومة الاحتلال ، فاعتقلت عام 1991 ، وتعرضت للتحقيق وحوكمت 3 سنوات وتحررت “، ويضيف ” ابنتي ما زالت ممنوعة امنياً من زيارة شقيقها رغم مرور سنوات طويلة على تجربتها الاعتقالية التي سطرت فيها ملاحم صمود وبطولة “.
خلف القضبان ..
رغم معاناتها من امراض القلب والضغط ، واظبت الوالدة السبعينة رسمية ” أم العبد “، على زيارة مراد الذي تعتبره ” حياتها وروحها وكل العالم “، وتضيف ” فراقه مؤلمة وصعب ، لكن رب العالمين كرمني بالصبر خاصة خلال زيارته ، ورغم اوجاع رحلة السفر للسجون استمريت بزيارة ابني “، وتضيف ” اشعر اليوم بحزن كبير ، فبسبب مضاعفات المرض لم اتمكن من زيارته منذ 6 شهور ، واصلي لرب العالمين ليكرمني بحريته وعناقه والخلاص من عذابات الزيارات وتعسف السجان “، وتكمل ” افراحنا اصبحت اسيرة مع مراد ، وعندما تزوجت شقيقاته في غيابه بكينا جميعاً وتحول الفرح لحزن ما زال مستمراً حتى يعود لاحصاني “.
في الذكرى ..
يقول الحاج أبو العبد ” يوم وتاريخ اعتقاله ، مناسبة صعبة ومؤلمة تذكرنا بابني الذي لا تغيب عنا صوره ولحظات وذكرياته ، لقد مر 13 عاماً وابني خلف القضبان ، وحتى لو كان بعيداً عنا ليوم أو حتى ساعة فهذا مؤلم وصعب علينا لان فراقه قسري خاصة وان باقي اخوانه الذكور يعيشون بعيداً عنا في فرنسا منذ عام 1998 ، فكان يملاً حياتنا ويعوضنا عنهم “، ويضيف ” منذ صغره ، تحمل المسؤولية وكان رجل المنزل ونوارته وشمعته ، و في كل زيارة ، يشحنا بالمعنويات والارادة والصبر والثبات ، ورسالتنا له : ان يبقى صامدا كما عرفناه بثباته ودينه ، فالامل بالله لاينقطع والمؤبدات لانعني لنا شيئا والحكم حكم رب العالمين ولابد للقيد ان ينكسر ان شاء الله” .