بسام السائح : آخر شهداء القتل السادي في مشفى الرملة ؟!بقلم/ الاديب والأسير المحرر: وليد الهودلى

مدفن الاحياء : يبدأ بالتشكل في مخيلتك شكل المستشفى عندما تسمع اسمك اوّل مرة ينادى عليه ضمن قائمة : ” بوسطة على مستشفى الرملة ” ، تهيىء نفسك بعد انتظار طويل لفرصة قد تجد فيها علاجا ناجعا لمرضك  ، صحيح أن أخبار من اغتالتهم يد الاهمال الطبي المتعمد كثيرون في هذا المشفى وتتراقص صورهم في مخيلتك : محمد ابو هدوان ، رزق العرعير ، ميسرة ابو حمدية … والقائمة طويلة  الا ان شوقك لزيارة المستشفى ىيعلو على السطح، مهما كان افضل من السجن ،    ستغير جوّ سجن كئيب القى بثقله عليك أعواما عديدة تتناسب مع عمر حبستك ، تطأ قدماك عتبات البوسطة وأنت لا تكاد تصدق نفسك بأنك مسافر الى مستشفى ، تنزل من البوسطة بعد أن تصل مبتغاها بشق الانفس ، قبل فك القيد من قدميك ويديك لا بد من بعض التفتيشات وأنت لابس وأنت عار من ملابسك ، تجد زنزانة انتظار تنتظر فيها ساعة او ا كثر من زمن الانتظار الاسود  .

تدخل المستشفى بعد تفتشياتهم التي لا تبقي ولا تذر ، تصعق عندما تجد نفسك في سجن صغير لا علاقة له بالمسمى ، مجموعة زنازين عن اليمين وعن الشمال واقفة متربصة لا شيء فيها سوة الكآبة والجو الحزين المقلق والمؤلم  ، تجد أبراشا نفسها كتلك التي في السجون وعليها أجساد لم يشأ الموت أن يطرق أبوابها بعد ، معلقين بين الحياة المريضة الموحشة والموت الذي يتدلى من سقف هذه الزنازين . لم يكن مستشفى ولا عيادة وانما هو سجن من سجونهم اللعينة . شبح الموت يطاردك ولا ترى فيه سوى شبح ضحاياهم التي تأبى مفارقة المكان .

أسيرنا الشهيد يغزو جسده السرطان ويعبث فيه كما يحلو له وهم سادرون في غيهم ، المحكمة لم تأخذ قرارا في حكمه لثلاث سنوات خلت ولم تنظر في وضعه الصحي ، هذا من ناحية والعلاج يراوح مكانه دون أدنى شعور بواجب أخلاقي أو إنساني .

غادر عبد الحميد هذه اللعبة السوداء في أرواح البشر ، لم يعد يطيق رائحتهم النتنة ولا النظر في وجوههم القبيحة ، يأتون بلباس الطب الابيض بينما قلوبهم تنقع سوادا وظلما ، غادر ولم يترك لنا سوى ابتسامته الجميلة للحياة ، هذه الابتسامة تقول كثيرا وتختصر اشياء كثيرة كان يود أن تنقل لشعبه بكل دقّ وعمق .

” لن تجدوا حلا مع هذا العدو اللئيم الا بالوحدة ونبذ التفرق ، هو الباطل بعينه يتوحد عند مواجهتنا ونحن بحقنا الذي لاشك فيه نواجههم متفرقين . ”

” لم يمنعني المرض ولا قلة الحيلة ولا قلة ذات اليد من بذل أقصى ما عندي ، فلسطين غالية وثمينة ولن يستعيدها ويحررها الا من يبذل كلّ غال ونفيس عنده . ”

” أنا شاهدة حية على اجرام هذا العدو لن اكون الضحية الاخيرة الا اذا عملنا اللازم ، تحرير الاسرى واجب عظيم وقيمة عليا ما بعدها قيمة وهذه تحتاج من يملك هذا الاحساس الكبير .”

عن amara

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: