“النطف المهربة”.. سفراء للحرية رغم أنف السجان تقرير :  عهد أبو خوصة:

شعب الجبارين، عبارة مازالت محفورة في ذاكرة كل فلسطيني، رددها القائد الشهيد ياسر عرفات على مر السنين، شعب لا ينحني ولا يركع ولا يستكين، اختار الثورة والمقاومة طريقا لحرية الإنسان والوطن، بينما غاب عن ذهن قادة الاحتلال عندما زعموا، إن “الكبار سوف يموتون والصغار سوف ينسون”، غاب عنهم أن الكبار زرعوا في كل شبل فلسطيني “حلم العودة” و”التحرير” و”الإيمان بعدالة قضيته الوطنية”، وهكذا جاء سفراء الحرية للتأكيد أن الشعب الفلسطيني عموماً والأسرى الفلسطينين خصوصًا ينتزعون الحياة من العدم، وأن السجن والسجان لن يستطيعا الوقوف أمام إرادة الحياة لدى مناضلي الحركة الوطنية والأسرى خلف القضبان وفي زنازين الموت الإسرائيلي.

 

أول طفل من “النطف المهربة”

وفي تصريح لـ”الكوفية”، قال الأسير المحرر تامر الزعانين، إن الفكرة كانت تراود زوجتي بعدما علمت بقصة الأسير عمار الزبن الذي نجح في تهريب نطفة خارج السجن ورزق بطفل، وعرضت علي زوجتي أن نقوم بنفس العملية وقد حصلنا على مباركة أفراد العائلة وموافقة رجال الدين، وهنا كانت البداية في رحلة تهريب النطف .

وأضاف الزعانين، أن الاحتلال علم بعد فترة كبيرة من الحمل والولادة وبعدها فرض غرامة تقدر بـ”ألفي” شيقل وتم منعي من الزيارة لمدة 6 أشهر ووضعي في العزل لمدة أسبوعين.

و تابع، كنت على تواصل دائم مع زوجتي منذ تهريب النطفة إلى قطاع غزة وعلى مدى جميع فترات الحمل حتى الولادة، ورغم كل المتاعب والصعوبات التي واجهناها كان شعور الفرحة هو المسيطر الأكبر،  وعلى الرغم من أن الاحتلال يحاول دائما قتل إرادة الأسير، ولكن إرادة الأسرى أكبر من كل العقوبات التي تمارسها إدارة مصلحة السجون.

وأكد الزعانين أن تهريب النطف، كان له أثر كبير على الأسرى ونسيج الأسرة الفلسطينية بشكل عام، ويعتبر إنجازا عظيما يضاف لإنجازات الأسرى الفلسطينين

فكرة وأمل تحول إلى حقيقة

وفي تصريح لـ “الكوفية” قال مدير عام العلاقات العامة والإعلام في وزارة الأسرى حسن عبد ربه، إن عمليات “تهريب النطف” والتي صارت تعرف لاحقاً بـ”سفراء الحرية” من قبل الأسرى الفلسطينين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة الذين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد ولسنوات طويلة، بدأت من خلال أولى العمليات الناجحة التي تم توثيقها للأسير عمار الزبن من محافظة نابلس والمحكوم بالسجن 27 مؤبدًا، الذي أنجب طفله “مهند” عام 2012 وأنجب طفلاً آخر عام 2014، وتوالت من بعدها عمليات زراعة النطف وكان من أبرز الحالات حالة الطفل “مجد” نجل الأسير عبد الكريم الريماوي من بلدة بيت ريما قضاء رام الله، والمحكوم بالسجن 25 عاماً ومعتقل منذ عام 2000، وأعقب ذلك العديد من الحالات في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وبلغ عدد الحالات التي نجحت تقريباً 71 طفلاً من مختلف محافظات الوطن وذلك لنحو 54 أسيرًا قاموا بعمليات التهريب.

وأضاف عبد ربه، أن بعض الأسرى تمكنوا من الإنجاب أكثر من مرة والبعض الآخر رزق بتوائم، وسجل العدد الأكبر لهذه الحالات في الضفة الغربية، وحصر العدد في قطاع غزة  بـ 8 حالات تقريبًا أنجبوا 13 طفلاً، وبحسب مركز رزان الطبي الذي يتم فيه عمليات الزراعة والإشراف عليها ومتابعتها من الناحية الطبية، فإن نسبة النجاح وصلت لـ 60% من العمليات التي تمت لزوجات الأسرى.

إلى جانب ذلك هناك العديد من المضايقات التي يتعرض لها الطفل ووالدته بعد الإنجاب من خلال الحرمان من الزيارة ومنع الطفل من زيارة والده داخل السجن، وعمدت إدراة مصلحة السجون إلى معاقبة الأسرى بطرق شتى مثل الحرمان من الزيارة أو النقل لسجن آخر وفرض غرامات مالية تصل إلى 1300$، وهذا ما حصل مع الأسير عبد الكريم الريماوي، حيث حرمت زوجته في حينه من الزيارة لمدة عام، وهذه إجراءات تلجأ لها مصلحة السجون لمعاقبة الأسرى الفلسطينيين.

الأوراق الرسمية لـ”سفراء الحرية”

وأكد عبد ربه أن الأوراق الثبوتية لسفراء الحرية يتم إصدراها من خلال إدراة الداخلية الفلسطينية، ويتم تسجيل الأطفال بشكل قانوني وشرعي بحيث يحصل الطفل الذي يتم إنجابه بهذه الطريقة للأسرى على شهادة الميلاد بشكل رسمي، وجدير بالذكر أن الاحتلال يعاقب الأسرى وزوجاتهم وأطفالهم الرضع تحت ذريعة أن هذه العملية تمت دون إذن مسبق من إدراة مصلحة السجون وأنها تمت من خلال عمليات تهريب وهذا يخالف أنظمة وتعليمات مصلحة السجون.

كيف يتم “تهريب النطف”؟

وأضاف عبد ربه، أن هناك عدة طرق يلجأ لها الأسرى لتهريب النطف سواء من خلال الملابس أو الهدايا، ومن خلال الأطفال القصّر عندما يتم إدخالهم لغرفة الزيارة  في الدقائق الأخيرة لتوديع آبائهم داخل السجن، بالإضافة إلى أن هناك طرقًا خاصة بالأسرى في التعامل مع هذه المسألة التي تتم بمعزل عن رقابة وعيون إدارة مصلحة السجون والسجانين، ويوجد العشرات من الحالات التي لم تنجح فيها عمليات الزراعة لاعتبارات لها علاقة بالجوانب الطبية.

عنصرية الاحتلال تجاه الأسرى الفلسطينين

وتابع عبد ربه، أن الأسرى الفلسطينيين لمسوا بشكل واضح أن هناك عنصرية من قبل إدارة مصلحة السجون وسلطات الاحتلال في التعامل مع هذه القضية من خلال مسألة الخلوة الشرعية التي سمحت بها  المحكمة العليا الإسرائيلية  لإرهابيين إسرائيليين مثل يغئال عمير قاتل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين، وعامي غوبر الذي قتل عمالًا فلسطينيين في قطاع غزة، حيث سمح لهم بالخلوة الشرعية والإنجاب وهم قيد الاعتقال داخل السجون، بينما منعت نفس المحكمة الإسرائيلية، الأسير وليد دقة  المحكوم بالسجن المؤبد وهو من فلسطينيي الداخل المحتل، حيث يحمل الهوية الإسرائيلية، ورغم ذلك رفضت المحكمة عام 2008 طلبه بالخلوة الشرعية كشكل من أشكال التمييز العنصري في التعامل مع الأسرى، الأمر الذي دفع الأسرى لابتكار طرقهم الخاصة في تهريب النطف.

السلطة مسؤولة عن التقصير

من جهته، قال المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي فضل طهبوب، إن “السلطة الفلسطينية مقصرة بحق أسراها ومعتقليها حيث لا يجوز أن تترك أسيرا داخل السجون لمدة 20 أو 30 عامًا دون محاولة إخراجه وتحريره.

 

وأضاف طهبوب، في تصريحات خاصة لـ”الكوفية”، أنه سبق وقامت السلطة بعمليات تبادل وإفراج عن أسرى، ويجب أن يستمر هذا الأسلوب مهما كلف الثمن، والأمر الذي دفع الأسرى للقيام بعمليات التهريب هو عدم قدرة المنظمات الفلسطينية على تحريرهم  حيث يحتاج الأسير لإبقاء ذكرى منه.

وأكد طهبوب، أن دولة الاحتلال عنصرية، مارس كل أشكال الفاشية تجاه الأسرى والمجتمع الفلسطيني وتمارس “الأبارتهيد” في كل سلوكياتها ولا نعول عليها في أي موقف إنساني

وشدد، يوجد تقصير كبير من السلطة الفلسطينية تجاه قضية الأسرى ولا تبذل أي مجهود في سبيل تحريرهم ويجب تسليط الضوء على قضية الأسرى بشكل مكثف.

رغم أنف السجان والمحتل سوف نبقى هنا على هذه الأرض، سوف نقاوم حتى الرمق الأخير لكي نستعيد كل شبر من رأس الناقورة حتى النقب، يد السجان لن تنال من عزم وصمود شعب ابتكر كل الطرق للتشبث بالأرض والحياة والوطن، لأنه “على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ، على هذه الأرض سيدةُ الأرض، أم البدايات أم النهايات، كانت تسمى فلسطين صارتْ تسمى فلسطين، سيدتي أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة”.

عن amara

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: