نقف اليوم على حد السيف لنقص لكم وجع جديد من فلسطين التى تعشقون هذا الوجع يكتب بمداد الدم والشهادة ويطلق عليه مقابر الأرقام أو شهداء الثلاجات.
ربما يكون كلامي لمن لم يسمع أو يرى هذا الامر بالمستهجن والمستغرب ولكن فى فلسطين أصبح هذا الوجع كباقي الأوجاع التي يبتكرها ويتفنن عدونا فى إذائنا فيها .
ولكن عندما تقرأون سطوري القليلة ستطلعون على حجم الوجع الذي يسكن اسر وعوائل ومحبي من بقوا عبارة عن ارقام فى مقابر مجهولة أو جثة هامدة في تلاجة موتى ليقضي فيها ما تبقى من حكم عليه اصدرته محكمة عسكرية عنصرية لا تعرف للشرائع الانسانية مكان ولا بتكريم المتوفي بدفنه راحة لذوية ومحبية .
ولكن الاستثاء هنا أن الشهادة فى فلسطين عبادة وفخر نتقرب فيها إلى الله لننتزع حقنا المسلوب من عدو مارس ابشع وأحقر وأجرم ما انتجته وحشيات العالم قاطبة بممارسات لم تقرأ ولن تروى إلا في تاريخهم الملطخ بالعار والإجرام والوحشية والتي لن تروى لا في قديم العصر ولا فى حديث الزمان.
هذا الإنتظار الذى ينتظرة ذوي هؤلاء الشهداء بعودة إبنهم الشهيد ليلقوا عليه التحية ونظرة الوداع الأخير ليبرد من خلالها لوعة الفراق الطويل آملين بالملتقى الابدي عندما يلتقى الحبيب حبيبه فى جنه الفروس الأعلى نحسبهم كذلك ولا نزكيهم.
هذا الوداع يريح الروح ويكون الزفاف لهؤلاء كالاعراس لا نحيب فيها ولا عويل فأرض فلسطين تعشق الفرسان الذين يترجلون ويدافعون عنها بأغلى الاثمان لان المعشوقة تستحق والمهور غالية وفلسطين هى الاغلى.
هذه الارض المباركة لن تنجب إلا الاسود الذين لن يدعوا مغتصبها ينعم بالسكينة والإطمئنان، وفى هذا الصراع الممتد منذ ما يزيد عن السبعون عام واهل فلسطين والأحرار من أمتنا لن تكل لهم عزيمة ولن تنحني لهم رايه ولن تنكسر لهم إرادة.
وعلى مدى السنين الطوال وعذابات الانتظار بقيت عوائل هؤلاء الشهداء قابضين على جمر الإنتظار لم تكل لهم عزيمة بالمطالبة برفات أبنائهم فنظموا الإعتصامات وجندوا وتجندوا خلف مؤسسات حقوق الانسان ودعموا السلطة وطالبوها لكي لا تغفل اعينهم عن قضية أبنائهم ولا يتركوهم وليعملوا كل ما في وسعهم ليعيدوهم لأهاليهم ليدفنوهم ويكرموهم.
ولقد نجحت سلطتنا الوطنيه بإسترجاع عدد كبير من هذه الجثامين ولا ننسي تلك الصورة التى إنتشرت عبر وسائل الإعلام لذلك الشيخ وهو يطبع قبلة الوداع الأخير على جمجمة إبنه الشهيد.
وحسب الإحصائيات الأخيرة والمتداولة بين المؤسسات المعنية فى هذا الملف أن هناك ما يقارب على 304 جثة لا تزال محتجزة تخضع لمعايير الترقيم الظالمة التى تحتجز فيها دولة العدو لجثامين هؤلاء العظماء ولا تزال المطالبات والوقفات الشعبية والرسمية تقوم بدورها حتى تحرير كل هؤلاء الجثامين وإعادة إكرامها ودفنها وفق الشرائع السماوية.
وبعد كل ما ذكر نقف اليوم صحافيين ونشطاء ومؤسسات بجانب أسر هؤلاء الشهداء للمطالبة بإسترجاعهم لتطفئ نار الوجع من صدور أسرهم.
كما ندعوا من خلال هذه النافذة الإعلامية لتسليط الضوء على هذه القضية الإنسانية وتطالبون حكومتكم التي نقدرها أن تستخدم نفوذها وعلاقتها للضغط على دولة الإحتلال بالإفراج وتحرير رفات هؤلاء الشهداء وأن تفضح ممارسات من يتغنون بالديمقراطية والإنسانية وهم منها ابرياء.