جثث أطفال فلسطين بلا قرنيات وناقصة ألأعضاء!
د. عبد الكاظم العبودى
تمتد الانتهاكات الإسرائيلية في التلاعب بأجساد الفلسطينيين وجثثهم، لدرجة تُظهر وجهًا قبيحًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، ولم يسلم الفلسطينيون في «مسيرات العودة» واحتجاجاتهم المؤكدة لعربية القدس، والرافضة للحصار وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باعتبار القدس عاصمة إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والتي تزايدت في أغسطس (آب) 2018، من سرقة أعضائهم.
قال ” روبريشت فاندربيكين” ، الأكاديمي البلجيكي، والرئيس الثقافي لنقابة «ACOD» العمالية البلجيكية: ( إن قوات الاحتلال الإسرائيلية تسمم الفلسطينيين، وتختطف الأطفال وتقتلهم لسرقة أعضائهم على خلفية احتجاجات آب/ أغسطس)، وقد جاءت تلك التصريحات لتؤكد تحذيرات رياض منصور، السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، والتي قال فيها: ( إن جثث الفلسطينيين الذين قتلوا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية «عادت بلا قرنيات، وغيرها من أعضاء الجسم وأجهزته؛ مما يؤكد بشكل أكبر التقارير السابقة حول حصاد أعضاء الفلسطينيين من قوات الاحتلال).
الأسلحة الغريبة التي تستخدمها إسرائيل لقمع المتظاهرين
أفاد موقع ” جلوبال ريسيرش” : ( بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اختبرت أسلحة جديدة وغير معروفة على المدنيين الذين كانوا يحتجون على الحصار المفروض على غزة عام 2018، واستشهدت بصور ومقاطع فيديو تُظهر أسلحة بدت غريبة وغير مألوفة استخدمت لقمع المتظاهرين، بالإضافة إلى استخدام غازات تسبب تشنجات، أصابت أطفال منهم الطفل محمد هاني عماد (15 سنة) الذي كانت تداهمه التشنجات والغيبوبات بين الحين والآخر بعد استنشاقه كميات كبيرة من الغاز الإسرائيلي).
السجون والمعتقلات الإسرائيلية: مختبرات بحثية طبية ودوائية :
دعا فروانة المختص بقضايا الأسرى كافة الجهات الرسمية و غير الحكومية، إلى أخذ هذا الملف بكل جدية وأن يتم البناء عليه من خلال الشهادات الموجود، وتوثيق الأحداث التي واكبت السجون والتقدم خطوة للأمام، من حيث التوثيق الممنهج، وحصر الشهادات والتوجه للمؤسسات الدولة، وإحالتها إلى محكمة الجنيات الدولية. وذكر العديد من الأسرى المحررين الذين أمضوا سنوات في المعتقلات السرية الإسرائيلية مثل (معتقل رقم 1091 ومعتقل رقم 1391 ومعتقلي باراك وصرفند وعتليت، وصرفند، وبتاح تكفا، والجلمة) بأنهم شاهدوا أسماء بعض الأسرى المفقودين محفورةً على جدران الزنازين، وتبادل بعض الأسرى المحررين الحديثَ مع أولئك الأسرى الذين لم تظهر لهم أسماء في سجلات الصليب الأحمر وسجلات مصلحة المعتقلات الإسرائيلية العامةَ وبياناتِ الجيش الإسرائيلي.
وأفاد الأسرى المحررين بأنهم تحدثوا مع أسرى فلسطينيين من عرب الـ48 وأسرى لُبنانيين ومصريين، وطلب هؤلاء من محدثيهم أنْ يُبلِغوا العالمَ بأن إسرائيل تنكر وجودهم وهم أحياء، وتستخدمهم فئران تجارب على الأدوية العسكرية وخلاف ذلك. بالرجوع إلى القانون الدوليّ لحقوق الإنسان الذي أقرّته الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، تنصّ المادة 13 منه على أنّه لا يجوز تعريض أي أسير حرب للتشويه البدني أو التجارب الطبيّة أو العلميّة أو غير ذلك.
الباحثون الصهاينة في اسرائيل على خطى النازيين في جرائم الابادة:
عرف التاريخ الحديث سلسلة من الانتهاكات الموثقة، إذ انتشرت في سجن نيوغيت في الولايات المتحدة الأميركية عام 1721 المقايضة من قبل السجناء على تخفيض مدة عقوباتهم مقابل دخولهم في تجارب تتضمن تلقيحهم بجراثيم ممرضة. تكررت هذه الانتهاكات مرات عديدة في القرن التاسع عشر، في أميركا بشكل أساسي، إضافة إلى حوادث سُجّلت في بريطانيا عام 1875، وفي النمسا عام 1899، وكان ضحيتها أطفال.
أما الانتهاكات الأكثر شهرة في هذا السياق فقد ارتبطت بالنازيّة، إذ قامت بإجراء اختبارات على الأسرى والضحايا، خصوصاً المصابين منهم بإعاقات ذهنية لاعتبارها أنهم أدنى درجة من المواطنين الأصحاء. كما تضمنت إجراء تجارب للأدوية التي يقومون بتطويرها على اليهود، وأشهر من قام بذلك الطبيب النازي جوزيف مينغل في مخيم اعتقال وتجميع اليهود (Auschwitz Concentration Camp) وغيره في مخيم (Dachau) في أربعينيات القرن الماضي، وقد تمّ كشف ممارساتهم ومحاكمتهم في سلسلة المحاكمات الشهيرة المعروفة باسم «Nuremberg Trials» (نسبةً إلى المدينة الألمانية) والتي جرت أواخر عام 1946 حتى عام1947 .
أما التاريخ المعاصر، فقد زخر بحوادث انتهاكات مشابهة، إذ شكلت المعتقلات الأميركية في العراق مسرحاً لاختبارات لشركات الأدوية الأميركية كانت تجرى على المعتقلين. وبالعودة إلى سجون الأرض المحتلة، لا تقتصر جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الفلسطينيين على التعذيب الجسدي والنفسي، بل تتخطاها إلى اختبار أسلحة على الفلسطينيين وتجريب أدوية على الأسرى منهم . في العام 2009، أصدر مركز «سواسية» لحقوق الإنسان تقريراً مفاده أن عدداً من الأسرى الفلسطينيين قد فقد بصره إثر اختبارات طبيّة أجريت في سجون إسرائيليّة. كذلك صرّح الأسير المحرر محمد التاج بأنه تلقّى أدويةً مجهولة المصدر والتركيب خلال الأسر عقب إصابته بتلفٍ في الرئتين وعضلة القلب، بينما صرّح الأسير المحرر زياد شعيبات بتلقيه علاجاً مجهولاً لآلام [الديسك] في ظهره خلال فترة أسره، وفي اليوم التالي همس له الممرض محذراً إياه بطريقة غير مباشرة من الآثار الجانبية لهذا الدواء. عقب خروج شعيبات من الأسر، بدأت الأورام تظهر في أنحاء جسده كافة، وسط عجز طبي عن تقديم العلاج له. من جهة أخرى، سُجّل تلقّي رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك، الذي يعاني من داء السكّري وارتفاع ضغط الدم، دواءً منتهي الصلاحيّة خلال إحدى فترات اعتقاله. وبحسب التلفزيون الرسمي الفلسطيني، في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2011، فقد تلقّى الأسرى حُقناً أدت إلى تساقط شعر رؤوسهم ووجوههم بشكل دائم، بينما أصيب آخرون بالعقم وفقد غيرهم صحته. إنّ هذا ما هو إلا غيض من فيض سياسة سلطات الاحتلال تجاه الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، والتي تقوم على نظام (الموت البطيء) منذ اللحظة الأولى لأسرهم حتى خروجهم، ولعلّ مرحلة إجراء الاختبارات السريريّة والدوائيّة على هؤلاء الأسرى تعدّ الأخطر في نظام الموت البطيء هذا. وبحسب ما جاء في تصريح رئيس هيئة شؤون الأسرى في منظمة التحرير الفلسطينية، عضو البرلمان الفلسطيني عيسى كركي في 31 آذار/مارس 2015، عقب إحدى زياراته للأسرى، فإنّ المرضى منهم هم ضحايا لجرائم قاسية ترتكب بحقهم في السجون. أتبع عيسى كركي هذا التصريح بآخر في 12 نيسان/أبريل 2015 أعلن فيه: ( أنّ إسرائيل تقوم بتجارب طبية على الأسرى، وأنه من الوارد بحسب تقديره أنها تقوم بتسميمهم أيضاً). تلى هذا التصريح بيان صدر في التلفزيون الرسمي الفلسطيني في اليوم التالي يفيد ( بأن السجون الإسرائيلية باتت بؤرة لزرع الأوبئة والأمراض، ومنها الإيدز، في أجسام الأسرى الفلسطينيين ونشرها بينهم.) وفي العام نفسه، ( اتّهم سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور قوى الأمن الإسرائيلية بسرقة أعضاء من جثامين فلسطينيين قضوا على أيدي القوات الإسرائيلية، وأن الفحوص الشرعية الموثقة بتقارير كانت تبين اختفاء قرنيّة العين وغيرها من الأعضاء). نفى سفير سلطة الاحتلال لدى الأمم المتحدة هذه «الاتهامات»، واضعاً إياها في إطار معاداة الساميّة، متّبعاً ذلك بكتابٍ إلى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، يدعوه فيه إلى إدانة هذه الاتهامات.
أما على المستوى العالمي، فقد حذّر روبرت ڤاندربيكن، المستشار الثقافي في الاتحاد التجاري البلجيكي (ACOD) والباحث في جامعة غنت البلجيكية في آب/أغسطس عام 2018 من أن أهالي قطاع غزة لا يتم فقط تجويعهم حتى الموت أو تسميمهم، بل الأمر يتعدى ذلك إلى اختطاف الأطفال منهم ومن ثم قتلهم واستئصال أعضائهم لبيعها أو إجراء تجارب عليها. لم يكن هذا التصريح الأول لــ ” ڤاندربيكن” في هذا الخصوص، إذ سبقه تصريح آخر عام 2009 في الصحيفة السويدية «Aftonbladet»، وهو ما اعتُبرَ تصريحاً معادياً للساميّة بشكل واسع، لتصفه حكومة الاحتلال بأنه أحد الأساليب الجديدة في تلطيخ سمعة الكيان. أما كلاس سميليك، زميل ڤاندربيكن والبروفيسور السابق في مجال الدراسات العبريّة واليهوديّة في جامعة «غنت»، فقد صرّح لموقع «Joods Actueel» البلجيكي اليهودي بأن «ادعاءات» ” ڤاندربيكن” غير مثبتة أو مدعمة بالأدلة، وأنها أعادت إلى الواجهة تلك الدعايات القديمة المعادية للساميّة والتي تتهم إسرائيل بتسميم الآبار وقتل الأطفال لاستخدام دمهم في أداء طقوس دينية. وبعد قيام موقع «De Wereld Morgen» بنشر مقال للبروفيسور ڤاندربيكن في هذا الخصوص، عاد ليُتبِعَه بما سمّاه «تصويباً» للمقال السابق، يطلب فيه عدم الربط بين قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي باختطاف وقتل الأطفال الفلسطينيين من جهة واستئصال الأعضاء لزراعتها لاحقاً.و تطول قائمة الانتهاكات، الموثق منها وغير الموثق، وتتباين استراتيجيات المجتمع الدولي في التستّر على هذه الانتهاكات منذ إعلان قيام الكيان الإسرائيلي وما قبل ذلك، لكن يبدو أن القاسم المشترك الوحيد بين هذه الاستراتيجيات، مهما اختلف الزمن وتباينت المعطيات وتبدلت الوجوه والأقنعة، الذهاب بالوقاحة في منحنى تصاعدي يصبح معه كل انتهاك ثانوياً ولا يستحق الذِكر إذا ما قورن نسبياً بآخر تلاه.
تاريخ طويل وقديم من تجريب الدواء على أجساد الأسرى:
لا تتوقف الاختبارات الطبية الإسرائيلية على أجساد الأسرى الفلسطينيين عند الشهادات الحديثة نسبيًا في العقد الثاني للقرن الواحد والعشرين، وإنما تحمل تاريخًا يمتد لعقود مضّت، ففي عام 1985 قدّم حزبَ «ميرتس» الإسرائيليّ برئاسة “يوسي سريد” ، استجوابًا لوزير الصحة الإسرائيلي يستفسر فيه عن سبب سماح الوزارة للجهاتِ الأمنيّة بزيادة نسبة التجارب الطبية على الأسرى العرب في سجون إسرائيل، ولم ينفِ وزير الصحة حينها وقوع هذا التجارب، مؤكدًا وقوعها وبرّر موقفه بأن وزارته حصلت على الإذن القضائي بذلك من المحكمة الإسرائيلية العليا، وهو ما يظهر تورط جهات حكومية وقضائية في ذلك.ما نشر عنها :
◼في شهادات للأسرى المحررين، قالوا إنهم وجدوا على جدران الزنازين أسماء أسرى مفقودين، تنفي إسرائيل وجودهم، وتمكّن بعض المُحرَرين من التحدث معهم أثناء الأسر، ليؤكدوا أن إسرائيل تعاملهم كـ«فئران تجارب» لأدويتها الطبية!
◼في يوليو /تموز عام 1997 خرجت للنور أرقام عن عدد هذه التجارب، عندما نشرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية، تصريحات لرئيس لجنة العلوم البرلمانية، تفيد بإقرار وزارة الصحة الإسرائيليّة منحها تصاريح لشركات الأدوية الخاصة لإجراء تجارب على الأسرى الفلسطينيين، وأجرت حتى تاريخه 5 آلاف تجربة.
◼أكدت داليا إيتسك، عضو الكنيست عن حزب العمل، حيازة مكتبها على ألف تصريح من وزارة الصحة لشركات الأدوية لإجراء تلك التجارب، وفي الشهر ذاته أكدّت ” إيمي لفنات”، رئيس شعبة الأدوية في وزارة الصحة الإسرائيلية ذلك، لافتةً إلى أن هناك زيادة سنوية قدرها 15% على حجم تلك النوعية من التصريحات لإجراء تجارب أدوية على الأسرى الفلسطينيين والعرب، وقد يمتد الأمر لحقن الأسرى بفيروسات خطيرة قبل إطلاق سراحهم بحسب تحقيق لصحيفة «برافدا» الروسية، أفاد بإصابة العديد من الأسرى بأمراض عضال وإعاقات مُستدامة عقب خروجهم من السجون الإسرائيلية.
◼بيت لحم – تقرير معا – في ظل تزايد عدد الأسرى المرضى بأمراض خطيرة داخل سجون الاحتلال واستشهاد بعضهم، إضافة لتزايد الحالات المرضية بين من يتم الإفراج عنهم من هؤلاء الأسرى واستشهاد بعضهم بعد تحرره بفترة وجيزة، ومتابعة لهذا الملف رصدت معا بعض الشهادات الحية لمسئولين ولأسرى جرى الإفراج عنهم في محاولة للوقوف على حقيقة ما يجري داخل سجون الاحتلال في الجانب الصحي.
◼سلطت صحيفة “برافدا” الروسية الضوء على انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين في السجون، ولا سيما ما يتعلق بحقن هؤلاء الأسرى بفيروسات خطيرة، خاصة أولئك الذين اقترب موعد إطلاق سراحهم. وأوضحت الصحيفة أن أعدادا من الأسرى الفلسطينيين يعانون بعد خروجهم من سجون الاحتلال من أمراض عضال، أو إعاقات مستدامة، نتيجة الممارسات الإسرائيلية إزائهم، كما أن بعض هؤلاء المعتقلين يتوفون بعد وقت قصير من الإفراج عنهم، وهو الأمر الذي يؤكد صحة هذه الادعاءات.
◼وأشارت صحيفة “برافدا” إلى التحذيرات التي أطلقها أخيرا مجلس التضامن الدولي لحقوق الإنسان، والتي أوضح فيها أن إسرائيل تختبر عقاقيرها الجديدة على المعتقلين الفلسطينيين على نحو يتعارض كليا مع المبادئ الأخلاقية والمهنية الطبية المتعارف عليها دوليا.
◼وبيّن فروانة أن هناك (1200) أسير تقريبا يعانون من أمراض مختلفة، بينهم (170) أسيراً بحاجة إلى عمليات عاجلة وضرورية، و(85) أسيرا يعانون من إعاقات مختلفة (جسدية وذهنية ونفسية وحسية)، و(16) أسيراً مقيمون بشكل دائم في ما يسمى مستشفى سجن الرملة، و(24) أسيراً مصابون بمرض السرطان، هؤلاء يعيشون في ظروف صحية غاية في السوء، وضغط نفسي تنفذه بحقهم إدارة السجون، وإهمال طبي وأدوية لا يعرفون محتواها، ولكن كل ذلك نضعه بين يدي المجتمع الدولي الذي عليه ان يتدخل ويدخل السجون ليراقب ماذا تفعل إسرائيل بحق الأسرى.
◼وأكدت عدة دراسات علمية تأثير السجن وظروف الاعتقال داخله والإهمال الطبي وسوء المعاملة لها علاقة بالأمراض التي تصيب الأسرى والمحررين.
◼وقال فروانة إذا كان الحديث يدور عن ألف تجربة سنويا قبل 15 عاما، وزيادة مقدارها 15% سنوياً، فاليوم يدور الحديث عن أكثر من (ستة آلاف) تجربة سنوياً ومنذ 15 عاما، لا سيما وأن سلطات الاحتلال لم تنفِ ذلك حينها، ولم تعلن توقفها عن ذلك، ولكن تدهور الوضع الصحي للأسرى باضطراد وظهور أمراض غريبة بين أوساط الأسرى وافتراس السرطان لأجساد بعضهم داخل السجون أو بعد تحررهم، يدلل على أن هذه التجارب لا زالت مستمرة، وتسير باتجاه التزايد والاتساع.
◼وأوضحت شهادات حية من قبل أسرى محررين من عدة سجون لـ معا أن (إدارة السجون تحقن الأسرى بإبرة الأنفلونزا)، ولكن هذه الشهادات أكدت أن عشرات الحالات ممن يحقنون بهذه الابر يصابون بالأنفلونزا بنسبة أكبر من الأسير الذي لم يتلق هذه الحقنة، مشككين في محتوى تلك الحقن”.
◼واكد الأسرى المحررون في شهاداتهم “ظهور أمراض جديدة وأعراض غريبة يصاب بها عدد كبير من الأسرى بعد حقنهم بإبرة الأنفلونزا”. وبيّن الأسرى المحررون لوكالة معا أنه رغم وجود أمراض خطيرة وغريبة أحيانا السجون إلا أن عيادة السجن لا تقدم لهم سوى المسكنات وبعض الادوية، والأسوأ انها لا تخبر الأسير بمرضه ولو استمر سنوات.
◼ومن هذه الحالات أسير في سجن النقب، بعد عام كامل من معاناته من مرض أصابه هدد بالإضراب عن الطعام إن لم تخبره مصلحة السجون عن وضعه الصحي، فحين ذاك أبلغته الإدارة بأنه مصاب بتقلّص في الكبد وذلك بعد أكثر من عام وهو لا يتلقى سوى المسكنات الأمر الذي فاقم وضعه الصحي كما تسببت الادوية التي تناولها طيلة هذه الفترة بإصابته بقرحة المعدة، ورغم أن إدارة السجن وعدته بإجراء عملية جراحية له إلا أنه مضى 6 أشهر دون أن تجري له العملية، وهو التاريخ الذي أفرج فيه عن الأسير الذي قدم شهادته لـ معا. وروى عدد من الأسرى عن حالات مرضية غربية في سجن مجدو أيضا، منها تحول بشرة الأسير إلى اللون الأصفر وظهور بياض يميل إلى الصُّفرة في عينيه.
◼وقال الأسير المحرر في شهادته الحية لـ معا إن أحد الأسرى حقن بإبرة الأنفلونزا وبعد وقت قصير تحولت بشرته إلى اللون الأصفر وظهر بياض مائل للصُّفرة في عينيه، وأصبح جسده يتعرق بشكل كبير وبدأ يرتعش ويهلوس، وبعد أكثر من ساعة من مناداة السجان جاء طبيب السجن وأعطاه حبة دواء “نورفين”- مسكن- واستمر الصفار والتعب لمدة أسبوع، مع تقيؤ شديد مصحوب بالدم، وخسر من وزنه كيلوغرامات عدة وعادت الحالة وتكررت بعد شهر، وضعفت رؤيته كثيرا بعد هذه الإصابة.
◼أسير آخر في سجن مجدو أصيب بذات المرض بعد حقنه بإبرة الانفلوانزا حيث أصيب بالصفار والتعرق وتقيء الدم وضعف الرؤية والتعب العام والهزال الشديد، وأصيب أيضا بوجع شديد في احدى قدميه وفقد السيطرة عليها، ومنذ 6 أشهر ينتظر إرساله إلى المستشفى.
◼وأسير ثالث أصيب بقرحة في المعدة في سجن مجدو من كثرة الادوية المسكنة التي يأخذها في حال أصيب بالتعب، بعد ابرة الأنفلونزا، وهذه الحالات شهادة حية من أسير محرر قبع في سجني مجدو والنقب 13 شهرا فقط وشهد على هذه الحالات أمام عينيه..
◼ومن الحالات المرضية التي يصاب بها الأسرى أيضا في سجني مجدو والنقب، التهابات في الأعضاء التناسلية وتضخم حجمها يرافقه ألم شديد وانتشار نوع من الحبوب “الحساسية” بحجم كبير حول الأعضاء التناسلية والتي وصلت لأحدهم حتى أسفل قدميه، وهو الأمر الذي عانى منه العديد من الأسرى، بينما إدارة السجن تكتفي بصرف مرهم لهم رغم أن هذه الحالة استمرت شهورا مع بعض الأسرى.
◼وتكشف شهادات الأسرى عن قلق كبير يساور الأسرى في سجن النقب الصحراوي، خاصة بعد أن سمع هؤلاء الأسرى عن سبب آخر لنقل الضباط والسجانين من السجن في فترة لا تتجاوز العامين، فبحسب الأسرى لا يقف السبب وراء ذلك إلى منع إقامة هؤلاء السجانين علاقة مع الأسرى، بل سمعوا ضباط الاحتلال يذكرون سببا آخر وهو أن منع تواجدهم لأكثر من عامين سببه قرب مفاعل ديمونا النووي وما قد يسببه لهم من أضرار صحية خاصة الإصابة بالسرطان، حيث نقل أسير محرر شهادة حية من أسير ما زال في الاعتقال إن احد ضباط السجن قال له لن تراني كثيرا في السجن حيث يتم تغيرنا من قبل إدارة السجن كل عامين على الأكثر بسبب وجود السجن في منطقة قريبة من مفاعل ديمونا.
◼وقال عدد من الأسرى الذين تحرروا في شهادات لوكالة معا إن الادوية والحقنة التي يأخذونا للعلاج داخل السجن لها آثار جانبية سلبية كبيرة من وجع وألام وتعرق وهزال وقرحة ووجع معدة لدرجة أن بعض الأسرى يفضل التعب على اخذ الادوية أو الحقن.
◼وأفاد احد الأسرى المحررين في شهادته إن حبة الدواء التي يتناولها بعض الأسرى لوجع معدته من القرحة تصيبه دوما بوجع في الرأس وجفاف في مجرى الجهاز الهضمي.
◼وتضيف الشهادات الحية لأسرى محررين أن مِن أخطر المشكلات التي بات يواجهها الأسرى المحررون من سجون في الجنوب وبشكل خاص سجن النقب هو الإصابة بالعقم، والتي رأوا إنها تعود لسببين، وهما: أن دواء المعدة الذي يتناولونه- كما قالوا- يتسبب بالعقم، إضافة إلى وجود السجن قريبا من مفاعل ديمونا.
وتشير شهادة الأسرى إلى وجود غضب في داخل سجن النقب من الدواء المقدم لعلاج قرحة المعدة، مشيرين إلى أن بعض الأسرى كان ينجب قبل اعتقاله ولكنه أصيب بالعقم بعد الإفراج عنه.
◼وفي شهادة حية لأسير محرر، بعد 9 سنوات من الاعتقال تنقل خلالها بين سجون “نفحة” و”ريمون” و”النقب” و”عسقلان”، اصيب خلالها بألم في عموده الفقري وانزلاق في عدد من فقرات العمود الفقري وطوال سنوات الاعتقال التسع لم يعرف ما هو مرضه وكانت إدارة السجن تقدم له المسكنات فقط، وعلِم بمرضه بعد التحرر.
◼وتساءل أسير في شهادته “هل كان صدفة استشهاد الأسرى المحررين بعد فترة قصيرة من نيلهم حريتهم؟، أليست الظروف المعيشية الصعبة والإهمال الطبي وما لا نعرفه من أنواع الدواء وأخطاء الأطباء والحقن التي لا احد يعرف محتواها، وأجهزة التشويش الذي تنتشر حول عدد من السجون، سببا كافيا لاستشهاد عدد كبير من الأسرى المحررين بعد تحررهم، واستشهاد الأسرى داخل السجون؟!!”، الا تستحق كل هذه الأسباب وقفة جادة من قبل العالم لوقف الانتهاك الذي ينفذ بحق الأسرى ويفقدهم مع الوقت صحتهم ويحرمهم من الاستمرار بالحياة كما باقي البشر..!!
◼وهناك أمثلة لأسرى محررين ليست للحصر، إنما أمثلة فقط، ، أفرج الاحتلال عن الأسير محمد التاج حيث عبّر المحرر التاج عن اعتقاده واشتباهه بأن مواد للعلاج من بعض الأمراض تقدمها سلطات الاحتلال للأسرى هي في حقيقة الأمر قاتلة على المدى الطويل.
◼وكشف التاج أن الأسير الشهيد أشرف أبو ذريع الذي استشهد قبل أشهر كان تلقى مادة لزجة بفمه، وباعتقادي ويشاركني هذا الاعتقاد إخوتي الأسرى المقربين من الشهيد أبو ذريع أنها كانت سبباً لقتله، حيث ادعت سلطات الاحتلال حينها أنها كانت مادة لفحص (DNA)..
◼وقال الأسير المحرر محمد التاج، إن سلطات الاحتلال قررت إطلاق حريته من الأسر، بعد تأكدها بأن حالته الصحية صعبه جداً، وأنه يعاني منذ عام 2004 من وضع صحي سيء.
◼وأكد التاج أن تدهور حالته الصحية وإصابته بالتليف الرئوي، كان نتاج سياسة الإهمال الطبي الذي تمعن فيها سلطات معتقلات الاحتلال.
◼واتهمت عائلة الشهيد أشرف أبو ذريع إدارة مصلحة السجون بالتسبب في إعدامه من خلال حقنه بإبرة مجهولة في يوم تحرره من سجون الاحتلال بعد ست سنوات من الاعتقال. وقال والد الشهيد إن الاحتلال لم يكتف بحقنه بهذه الإبرة، بل أقدم على مسح وجهه وأنفه بمادة أخرى قبل تسليمه لذويه يوم الإفراج عنه، مدّعيًا أن هذا تطعيم ضد الأنفلونزا، ويأتي حرصًا على سلامته بعد الإفراج عنه.
◼كما واستشهد في بداية العام 2011، الأسير المحرر لاعب كرة القدم زكريا داوود 43 عاما، من بلدة الخضر ببيت لحم، بمرض السرطان، بعد 4 أشهر على الإفراج عنه، حيث قضى 9 سنوات في سجون الاحتلال، وأفرج عنه لخطورة حالته.
◼كما واستشهد الأسير المحرر زهير لبادة ( 51 عاما) في المستشفى الوطني بمدينة نابلس، في 31 أيار 2012 بعد أسبوع من إفراج سلطات الاحتلال عنه من مستشفى الرملة لتدهور حالته الصحية، حيث كان يعاني فشلا كلويا وتشمعا بالكبد والتهابا رئويا حادا نتيجة الإهمال الطبي الكبير الذي عانى منه خلال وجوده في سجون الاحتلال، مما أدى الى تدهور وضعه الصحي.