ثورات ملونة يستمر مسلسلها في محطة من أهم محطات العقيدة الإنجيلية الصهيونية في المنطقة، والتي يرتبط فيها نزول المسيح (حسب معتقدات القوم) بدوائر الخراب المحيطة بالكيان الصهيوني.. والتي أصبحت الجزائر مستهدفة أكثر من اي وقت مضى من طرف هذا الكيان وهذا في إطار ذمم تباع وتشترى من مواطنين، بني جلدتنا بتذكرة إلى دبي.
مخطط الخراب الذي صدرته غرفات الكيان المظلمة إلى الجزائر، انطلق سنة 2012، ناسجا شبكة من الأحداث المحيطة بالجزائر: على غرار إقامة منشآت عسكرية أمريكية جنوب شرق تونس بمنطقة الفوار، إلى جانب قاعدة عسكرية أمريكية أمامية متأهبة للتدخل في ليبيا متى سمحت الظروف بذلك. بالإضافة، إلى عملية نقل قاعدة التنصت الأمريكية من إيطاليا إلى منطقة الهوارية بتونس، وهذا بعد تفكيكها بموجب حكم قضائي إيطالي، وهي المنصة التي من خلالها تتحسس واشنطن كل كبيرة وصغيرة في شمال أفريقيا. هذا إلى جانب تزايد أسراب طائرات الدرون والتي كثفت انتشارها في المجال الجوي المتاخم للجزائر بحجة استهداف معاقل إرهابية (هي طائرات استطلاعية تجسسية أكثر منها قتالية).
تأتي تلك الأحداث تزامنا مع تقرير أمريكي يشير إلى موجة ثانية من (الربيع العربي) ستعرفها ثلاثة دول، والأمر يتعلق بكل من السودان، الجزائر ومصر. ولقد أشار في وقت سابق مسؤول شعبة مكافحة الإرهاب الأمريكي “رافي غريغوريان – Ravi Gregoriane” إلى ما أسماه بغضب واشنطن على الجزائر نتيجة رفضها لطلب أمريكي بخصوص إمكانية تدخل القوات المسلحة الجزائرية في طرابلس. وفي إطار المعادلة الإنتقامية الأمريكية المشار إليها أعلاه – نسج شبكة من الأحداث الأمنية المحيطة بالجزائر -، أقام البنتاغون قاعدة مركزية أمريكية بأغادس النيجرية، والتي أوكلت لها مهمة الربط والتنسيق مع المصالح العملياتية والإستخباراتية المتوضعة على أقرب النقاط المحيطة والمؤثرة على دوائر الأمن القومي الجزائري.. على أن تكون الأدوات العسكرية هي آخر ورقة من المحتمل استعمالها ضد الجزائر بطريقة أو بأخرى.
إلا أنه وبعيدا عن الخطاب الصلب للواجهة الإستراتيجية للكيان الصهيوني (واشنطن)، يأتي الحراك الشعبي في الجزائر مثله مثل بقية الثورات الملونة في المنطقة العربية، وعلى الرغم من المستوى الراقي والسلمي لمثل هكذا انتفاضة ضد ثالوث: الفساد، حزب فرنسا الحاكم في الجزائر، والإمبريالية الجديدة، إلا أننا نتجه بمثل هكذا أدوات ومن حيث لا ندري نحو قيام ما يعرف ب:”إسرائيل الكبرى”.. وسواء أحببنا أم كرهنا تبقى سوريا صامدة وحجرة عصية أمام هذا المشروع. أما الجزائر فلن يغفر لها الكيان الصهيوني رفضها لأي تقارب أو حوار معه، لتأتي فرصتها للثأر من الجزائر – وهذا تفاديا لأي طعنة من الخلف قد يكون مصدرها الجزائر-، وهذا من خلال هندسة خبيثة لمخطط الخراب في الجزائر أطلقه “مركز رصد التحركات الشعبية في العالم” التابع لدوائر أمن الكيان الصهيوني، حيث يشير ذلك المخطط إلى ما يلي:
لقد تم تشكيل غرفة عمليات مركزية لإدارة الثورة في الجزائر (مقرها مدينة الرباط المغربية)، تضم 4 ضباط من مصالح الإستخبارات المركزية الأمريكية، و6 ضباط من المخابرات المغربية، إلى جانب 12 شخص يطلق عليهم إسم “خبراء التغليط” وهم صرب، أعضاء في منظمة “أوتبور” الصربية، الممولة من طرف جهات رسمية أمريكية، والتي تأسست في تسعينيات القرن الماضي بجامعة بلغراد. والتي كان هدفها آنذاك هو إسقاط نظام سلوبودان ميلوزوفيتش، وهو ما حصل فعلا سنة 2001م.
يشارك في نفس الغرفة 8 أفراد جزائريين من ذوي التوجهات الإسلاموية، تم تدريبهم لمدة 6 أشهر من طرف خبراء منظمة “أوتبور”، تحت إشراف ضباط أمريكيين ورجال استخبارات مغاربة، وكان ذلك في النصف الثاني من سنة 2018م.
وتعمل غرفة العمليات المركزية لإدارة الثورة في الجزائر على: التنسيق، التنظيم والإمداد حاليا ومستقبلا مع جهات معينة تشارك حاليا في الحراك، مع تأمين التواصل مع هذه الغرفة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، تعمل على إثارة الفوضى من خلال مواجهة القوات الأمنية الجزائرية. وذلك من خلال خلق ظروف مواتية تحول من خلالها الحراك السلمي إلى اشتباكات عنيفة، باختصار الأمر يتعلق برسم مسار جديد للحراك.
إلى جانب هذه الغرفة، تم تشكيل غرفتي عمليات ميدانية متقدمة (متواجدة بكل من وجدة المتواجدة في شمال شرق المغرب، أي بالقرب من الحدود الجزائرية)، وهذا قصد تنفيذ مخططات الغرفة المركزية. ويدير الغرفة الأولى 11 ضابط من المخابرات من جنسيات مختلفة: أمريكية، مغربية وصربية بالإضافة إلى 3 جزائريين. أما الغرفة الثانية، فتقع في مدينة الرشيدية. ويديرها ضابطين من الإستخبارات العسكرية الفرنسية.
على أن تتم عملية التدريب العسكري في 03 معسكرات، موزعة جغرافيا كالتالي:
* معسكرين متواجدين بالمغرب: الأول متواجد على بعد 28 كلم شرق مدينة العيون الصحرواية. يتدرب فيه 362 فرد معظمهم جزائريون. أما المعسكر الثاني، فيقع شمال شرق سمارا، يتلقى فيه 284 فردا تدريبهم على أيدي 13 مدربا وإداريا.
* معسكر متواجد بموريتانيا: بالضبط في بلدية موغرين، أي على الحدود الموريتانية المغربية. يتلقى فيه 340 فردا تدريبهم على أيدي 46 مدربا وإداريا.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد، أن هنالك تنسيق كبير بين حركة النهضة في تونس وهذه الغرف. حيث تقوم بعض المجموعات الجزائرية المرتبطة مع بعض التنظيمات الإسلاموية في الجزائر بالتنسيق مع النهضة من خلال تلك الغرف، وتعتبر نفسها نقطة ارتكاز وتتواجد حاليا بمدينتي الكاف وجندوبة.
على العموم، تلك التدريبات لم تنطلق منذ بداية الحراك الشعبي في الجزائر، وإنما كانت واحدة من المراحل التي تم اتخاذها منذ حوالي عام من تاريخ بداية الحراك الشعبي. أي في وضع كان فيه الحلف الأمريكي – الصهيوني (الإسرائيلي) في حالة تأهب وتحسس لاستغلال أي حراك في الجزائر. وهذا بعد دراسة طبيعته وطبيعة القوى التي تقف خلفها (لا ننسى أن الجزائر فتحت سنة 2005 أراضيها لمكاتب الإستخبارات الغربية وعلى رأسها المخابرات الأمريكية والبريطانية، وهو ما جاء على لسان وزير داخليتها السابق زرهوني)، من أجل الإنقضاض عليها. وذلك في إطار مسار صدامي يعزز الفوضى والخراب في الجزائر.. وهؤلاء هم مهندسي وعرابي مخطط الخراب في الجزائر:
“ستيف مانون” مستشار إستراتيجي للرئيس ترامب. وهو الذي افتتح مكتبا في بروكسل لتنظيم ثورات ملونة أخرى في أوروبا.
المليادير الأمريكي “جورج سوروس”، ويعد الممول الأساسي لكل العمليات المشار إليها سابقا.
مؤسستي ألبرت أينشتاين وفريدوم هاوس: والمعنيتين مباشرة ببرامج التدريب وإعداد كوادر التغيير والمقاومة اللاعنفية.
الدكتور بلهول نسيم
(خبير أمني وعضو الهيئة العلمية لشبكة باب المغاربة للدراسات الإستراتيجية).