السجون الصهيونية نموذجا تتجلى فيه الحالة الأسوأ للاحتلال ، على مدار التاريخ.
ابراهيم مطر
السجون الصهيونية نموذجا تتجلى فيه الحالة الأسوأ في الاحتلال، على مدار التاريخ، لأن أهدافه وآثاره لا حدود مكتوبة لها، فهي تمس الجسد والروح، كما تمس الفرد والجماعة، وتعيق من تطور الإنسان والمجتمع. فما من أحدٍ يستطيع أن يصف السجن وقسوته ومرارة جدرانه وبرودة الحياة في عتمته كما يفعل أولئك الذين كانوا شهودا على زهور أعمارهم وهي تذبل خلف الأسلاك الشائكة وفي زنازين الانفراد . إذ يخرج الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال الإسرائيلي، الموزعة من شمال فلسطين حتى جنوبها، ولا كلمة على لسانهم سوى: “الحمد لله أن أخرجنا من القبر” . واليوم يعاني 6750 أسيرا من عذابات القيد في 17 سجنا ومعتقلا ومركز توقيف أبرزها: النقب، وعوفر، ونفحة، وجلبوع، وشطة، وريمون، وعسقلان، وهداريم، وايشل، وأهلي كيدار، وهشارون، والرملة، ومجدو . وهي سجون تفتقر، إلى الحد الأدنى من شروط الحياة الأساسية. إن معظم الزنازين لا تتعدى مساحة الواحدة منها 20 متراً مربعاً، بها عدد كبير من الأسرى، غالباً ما يضطرون للنوم على الأرض جراء الازدحام وصغر المساحة. وتغيب عن هذه السجون أدنى الشروط الصحية، وذلك “يتنافى مع المادة 85 من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين، ومع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، خاصة ما يتعلق منها بأماكن الاحتجاز”.فكل من دخل السجون الإسرائيلية مورس بحقه أشكال متعددة من التعذيب النفسي والجسدي، وكذلك في المعتقلات ومراكز التوقيف، التي ورثها الاحتلال عن الانتداب البريطاني، وتم توسيعها عام 1970. ولاحقا، بنت (إسرائيل) عدداً من السجون والمعتقلات بمواصفاته الخاصة، وهي منتشرة جغرافياً على طول وعرض الوطن الفلسطيني المحتل، ولا سيما في أراضي 1948 في الداخل الإسرائيلي. أما مراكز التحقيق والتوقيف فهي عديدة، ويوجد فيها العشرات من المعتقلين. وهي تابعة لأجهزة الأمن الداخلي، ومن أبرزها: الجلمة، وبتاح تكفا. وهناك مراكز تحقيق في بعض السجون، مثل عسقلان . وهناك سجون ومعتقلات كانت قائمة، ثم أغلقت بعد اتفاقية أوسلو للسلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، حيث انسحبت بمقتضاها القوات الصهيونية من بعض المناطق الفلسطينية، عندما قامت السلطة الوطنية الفلسطينية في مايو/ أيار 1994. وتجمع كافة الدراسات الحقوقية والإنسانية على أن جميع مرافق السجون الإسرائيلية يملؤها العفن والرطوبة، ويتعرض الأسرى داخلها إلى استفزاز وقمع يومي وتفتيش مستمر وإهمال صحي. هناك في ظلمات القهر حيث التنكيل والعذاب بعيدا عن العالم، إنها زنازين العزل في السجون التي لا يمكن وصفها بأقل من مقابر الأحياء. وباستشهاد الأسير طقاطقة، يرتفع عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة الي
220 أسيرا فلسطينيا مجموع من استشهدوا وأعدموا وفقدوا حياتهم نتيجة المرض وسوء المعاملة والإهمال في السجون منذ عام 1967، وفق ما ذكر نادي الأسير الفلسطيني، الأمر الذي دفع السلطة الفلسطينية إلى الدعوة لفتح تحقيقات حول القضايا والمخالفات القانونية التي ترتكب بحق الأسرى، وضرورة فرض القانون الدولي على الاحتلال.
منهم (64) شهيد جراء سياسة الإهمال الطبيالمتعمد و (75 ) نتيجة القتل العمد ، و( 7 ) معتقلين استشهدوا داخل السجون والمعتقلات نتيجة اطلاق النار عليهم مباشرة ) و ( 73 ) نتيجة التعذيب . كان آخرهم الشهيدان فارس بارود من قطاع غزة ونصار طقاطقة من بلدة بيت فجار ولا زالت سلطات الاحتلال تحتجز جثامينهم . ويلقى الأسرى حتفهم خلف قضبان إسرائيل إما تحت وطأة التعذيب أو إهمال الأسرى المرضى بتركهم دون علاج. ولا يستجيب الكيان الاستعمارى الصهيونى لنداءات المنظمات الفلسطينية والدولية بشأن تحسين الأأوضاع داخل السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف، نافية وجود أي تقصير بحق الأسرى. 700 أسير مريض يقبعون في معتقلات الاحتلال، من بينهم 30 حالة مصابة بالسرطان، و17 أسيرا يقبعون بشكل شبه دائم فيما تعرف “بعيادة الرملة” بأوضاع معقدة، لا يتلقون الحد الأدنى من الرعاية الصحية اللازمة والتي كفلتها الاتفاقيات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان. ومن ضمن الأساليب التى تقدم عليها مصلحة السجون والمعتقلات للاحتلال قانون التغذية القسرية بحق الاسرى المضربين عن الطعام
ويعد إستهتار بموقف اتحاد الاطباء العالمي الذي حظر التغذية بالقوة للاسرى المضربين واعتبره نوعا من التعذيب وإجراء يؤدي الى القتل. واستخدمت سلطات السجون اسلوب ( الزوندا) وهي التغذية القسرية بحق المضربين وذلك من خلال اقحام الانبوب البلاستيكي في الانف وبعنف شديد وايصاله الى المعدة محشوا بسائل غذائي، وسحبه وإدخاله عدة مرات كجزء من التعذيب والضغط، في مشهد وحشي لازال الاسرى يعيشون بألم وهم يتذكرون هذا المشهد الارهابي الذي مورس بحقهم في معارك الكرامة التى خاضوها بالإضراب عن الطعام . وكان لنتائج التغذية القسرية بهذا الاسلوب القمعي سقوط شهداء بالحركة الأسيرة واصابة العديد بنزيف حاد، بعد ان صارعوا الموت، حيث التعذيب الجسدي، والنفسي، والإهمال الطبي، وغيرها من الانتهاكات والإجراءات التنكيلية المرتكبة بحق الأسرى.
هناك في ظلمات القهر حيث التنكيل والعذاب بعيدا عن العالم، إنها زنازين العزل في السجون التي لا يمكن وصفها بأقل من مقابر الأحياء. كما كشفت دراسات حديثة ان سلطات الاحتلال الصهيونى،أجرت 6 آلاف تجربة سريّة على الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجونها، واستخدمتهم كحقول تجارب. كما اوضحت وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، بدراسة عبد الناصر فروانة، أن “إسرائيل استخدمت الأسرى والأطفال فئران تجارب للعقاقير والأدوية، وحقولاً للتجارب الطبية والعسكرية في خطوة خطيرة جداً”. مما يمثل انتهاكاً لكافة المواثيق الدولية، ويتطلب تحركاً جاداً وفعالاً لفضح تلك الجرائم، أن العديد من الأسرى المحررين الذين أمضوا سنوات في المعتقلات الإسرائيلية شاهدوا أسماء بعض الأسرى المفقودين محفورة على جدران الزنازين.
و“مئات الأسرى مصابون بالعديد من الأمراض الخطرة كالسرطان، وأن هناك أسرى يشكون من الأدوية والتي تسببت لاحقاً في تدهور أوضاعهم الصحية”، مطالبًا كافة المؤسسات الرسمية وغير الحكومة، لأخذ الملف بجدية وتوثيق أحداثه، وحصر الشهادات والتوجه للمؤسسات الدولة، وإحالتها إلى محكمة الجنيات الدولية. وبالخروج عن المهمة الإنسانية التى يحملها الأطباء ” سمحت مصلحة السجون للاحتلال بإجراء تجارب عسكرية على الأطفال الفلسطينيين.واعطائهم العقاقير الطبية . والأخطر من ذلك، وجود هذا التلازم المقيت والقاسي، بين الاعتقالات والتعذيب، بحيث يمكن القول إن جميع من مروا بتجربة الاعتقال، من الفلسطينيين، قد تعرضوا -على الأقل- إلى واحد من أحد أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي، مما جعل من السجون الصهيونية نموذجا تتجلى فيه الحالة الأسوأ للاحتلال ، على مدار التاريخ، لأن أهدافه وآثاره لا حدود مكتوبة لها، فهي تمس الجسد والروح، كما تمس الفرد والجماعة، وتعيق من تطور الإنسان والمجتمع. لذا فإن كان تحرير الأسرى ضرورة حيوية لتعزيز ثقافة الصمود والمقاومة، فإن التثقيف بخطورة الاعتقالات يُعتبر واجبا ملحا وضروريا لحماية المقاومة، وإن العمل من أجل مواجهة الاعتقالات ووقفها، بات ضرورة موضوعية لحماية المجتمع من خرابها.
ابراهيم مطر
مدير قسم الإعلام الالكترونى والمرئي
الدائرة الاعلامية مفوضية الشهداء والأسرى والجرحى بحركة فتح