تصريحات هنية بشأن جنود الاحتلال الأسرى يرفع ثمن أي صفقة تبادل قادمة

تعتبر التصريحات التي أطلقها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” حول ما لدى الحركة من جنود أسرى من أقوى التصريحات التي خرجت بها الحركة منذ أسر عدد من جنود الاحتلال عام 2014.

وعلى الرغم من ان هذه التصريحات جاءت خلال معايدة هنية عوائل غزة إلا أنها تحمل العديد من الرسائل والدلالات وتعزز فرضية أن ما لدى الحركة يعتبر (كنز) يمكنه يؤسس لصفقة تبادل جديدة ويرفع ثمن أي صفقة قادمة.

وكان هنية قال يوم الأحد الماضي خلال زيارته لعوائل مدينة دير البلح وسط قطاع غزة إن حركته مستعدة للدخول بمفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.

وأكد هنية بهذا الصدد، جاهزية الحركة “لمفاوضات غير مباشرة، إذا كان العدو مستعدا وجاهزا للبحث في هذا الموضوع”.

وشدد في كلمة للأسرى، “لن نتخلى عنكم وما بين أيدينا من (كنز) على هذا الصعيد لا يمكن أن يفلت من أيدينا ولو اجتمعت علينا كل قوى الأرض إلا إذا استجابوا لمطالبنا ومطالب شعبنا الفلسطيني”.

وقال “أيها الأسرى أن المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام التي حررت بالخطف والمقاومة والبندقية مثل ما قال الشيخ احمد ياسين بدنا ولادنا يروحوا (يعودوا) أنه سيأتي اليوم الذي نحرركم فيه”.

كنز لا يمكن التسليم به

وأشار الخبير والمختص في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، في هذا الصدد إلى أن تصريحات هنية تؤكد على أن ما تمتلكه الحركة من أوراق يمكنها من إتمام صفقة تبادل جديدة “وهذا بحد ذاته كنز ليس لحماس فحسب وإنما للأسرى وعائلاتهم ولنا جميعا”، حسب قوله.

وقال فروانة لـ “قدس برس”: “إن هذا (الكنز) لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم التسليم به أو حتى مجرد التهاون في إجراءات تسليمه، وهذا يعكس تمسك حركة حماس بشروطها من جانب وبمبدأ التبادلية من جانب آخر وما دون ذلك  يعتبر هراء”.

وأضاف: “هذه التصريحات تؤكد على أن حركة حماس جاهزة كما في كل الأوقات السابقة لأية مفاوضات غير مباشرة تقود إلى إتمام صفقة جديدة، وبذلك يلقي هنية الكرة في الملعب الإسرائيلي ويحمل الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو مسؤولية التأخير واستمرار بقاء الإسرائيليين رهن الأسر في غزة وعدم جاهزيتها لإتمام الصفقة”.

وأشار إلى أن تصريحات هنية قد تحمل في طياتها رسالة إلى الناخب الإسرائيلي مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية وكذلك لعائلات الجنود ولدفعهم للضغط على حكومتهم.

وشدد فروانة على أن هنية أراد أن يطمئن الأسرى في سجون الاحتلال وذويهم ويعزز لديهم الأمل فيما يخص قدرة حماس على التمسك بهذا (الكنز) وثبات موقفها من المفاوضات والتبادلية وحرصها على تحقيق انجاز جديد يكسر قيد أبنائهم الأسرى.

حراك حول التبادل

ورجح الخبير والمختص في شؤون الأسرى أن يكون هناك حراك في هذه القضية، مشيرا إلى أن هذه القضية كثيرا ما طرحت على طاولة المفاوضات وأثيرت مرارا ضمن الملفات الشائكة ذات العلاقة بغزة.

وأشار إلى أن هذا الحراك يخرج إلى العلن أحيانا، ويتم بشكل صامت وبعيدا عن الأضواء أحيانا كثيرة، مستدركا بالقول: “لكن لا اعتقد ان شيئا جوهريا قد حصل أو تغيرا مهما قد طرأ على موقف نتنياهو من التبادلية أو أن ذاك الحراك قد نضج وبتنا على أعتاب انجاز صفقة جديدة. بل بالعكس أرى أن تصريحات هنية تصب باتجاه تحريك المياه الراكدة وتأتي استكمالا لما صرح به الناطق باسم كتائب القسام (ابو عبيدة) في بيانه الأخير قبل أسابيع قليلة. على أمل ان تكون هناك مفاوضات جدية بعد الانتخابات الإسرائيلية مباشرة، وهذا الأمر وارد جدا خاصة وأن الحديث يدور عن ربط كافة الملفات ذات الشأن بغزة ببعضها البعض وان كان لكل ملف استحقاقاته”.

حماس وتبيض السجون

من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، أن تصريحات هنية تأتي في إطار إستراتيجية حركة “حماس” الواضحة في ملف الأسرى وتأكيدها على تبيض سجون الاحتلال من الأسرى.

وقال الغريب لـ “قدس برس”: “تصريحات هنية تأتي في إطار التأكيد على أن ملف الأسرى له أولوية كبرى  لدى حماس ويعكس نجاح الحركة في الاحتفاظ بالجنود الأسرى على مدار 5 سنوات، وهو ما يعتبر ورقة قوة لدى حماس تضغط على الاحتلال فيها وقتما شاءت تحقيقا لمصلحة الأسرى في سجون الاحتلال وقضيتهم العادلة”.

وأضاف: “حديث هنية بان لدى حماس (كنز) يعزز رواية أن لدى حماس جنود أحياء وليس جثث وهو ما يرفع تكلفة أي صفقة قادمة ممكن أن تبرم عبر وسطاء مع الاحتلال”.

ورجح الغريب أن تزيد هذه التصريحات من تأليب الشارع الإسرائيلي وعائلات الجنود الأسرى على وجه الخصوص تجاه كذب الحكومة الإسرائيلية وتجاهلها لملف الأسرى والمفقودين”.

ثمن الصفقة والجاهزية

وقال الغريب: “أي اختراق حقيقي أو عملي في هذا الملف باعتقادي سيكون مكلف الثمن لنتناهو ولا مفر من الاستجابة لشروط حركة “حماس”.

وأضاف: “تصريحات هنية تعكس جهوزية حركة حماس للدخول في مرحلة تفاوض جديدة وهذا لن يتم إلا بالإفراج عن الأسرى الذين أعيد اعتقالهم في إطار صفقة شاليط والاستجابة لمطالب الحركة”.

وكانت “كتائب القسام”، الذراع العسكري لحركة “حماس” قد أعلنت في الثاني من نسيان/ ابريل 2016، أن في قبضتها أربعة من جنود الاحتلال، ونشرت أسماءهم وصورهم دون إعطاء المزيد من المعلومات، مؤكدة على أن أي معلومات حول الجنود الأربع لن يحصل عليها الاحتلال إلا عبر دفع استحقاقات وأثمان واضحة قبل المفاوضات وبعدها، مشيرة إلى عدم وجود أي مفاوضات بهذا الشأن.

وتمكنت المقاومة الفلسطينية في تشرين أول / أكتوبر 2011 من الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني من أصحاب الأحكام العالية وقدامى الأسرى، وذلك بعد مفاوضات غير مباشرة مع دولة الاحتلال برعاية مصرية استمرت خمس سنوات متواصلة، مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط الذي تم اختطافه في صيف 2006، إلا أن قوات الاحتلال أعادت اعتقال العشرات منهم في الضفة الغربية، ما اعتبرته الحركة خرقا لشروط الصفقة.

وتحتجز سلطات الاحتلال الإسرائيلي في قرابة الـ 23 سجنًا ومركز توقيف وتحقيق نحو 5700 أسيرا فلسطينيا؛ بينهم 1000 معتقل مريض و230 طفلًا وأكثر من 40 سيدة وفتاة.

غزة (فلسطين) عبد الغني الشامي

عن amara

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: