مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس
يواصل مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس نشر تجارب الأسرى ، حيث ينشر بحلقة هذا الأسبوع تجربة الأسير المحرر كرم عمرو من مدينة دورا.
الأسير المحرر كرم عمرو يروي تجربته النضالية
أنا كرم محمود احمد عمرو من بلدة دورا محافظة الخليل موالد 9/10/1980، نشأت في أكنافها درست في مدارسها ومنذ البداية كنت اشعر بميل شديد لمقاومة الاحتلال، بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في عام 2006 بدأ التفكير بشكل جدي في تشكيل مجموعة عسكرية ، وبالفعل تم تشكيل مجموعة من كل من حسن الفسفوس وامجد النمورة وأنا ، وقد خططنا لإطلاق النار على الشارع الالتفافي ، لكن الأمر لم يطل بنا طويلا حتى تم اكتشاف المجموعة واعتقالها في ليلة 22/5/ 2006، فقد اقتحمت قوة كبيرة من الجيش بلدة دورا ، وتم محاصرة منزل والدي في منطقة احنينية وبدأ الجنود يلقون الحجارة على باب المنزل ، خرج والدي فابلغه ضابط المخابرات لأنهم يريدون اعتقالي ، كنت أنام لوحدي في الطابق الأرضي ، وابلغ ضابط المخابرات المدعو ( بنيامين ) والدي وقال له : إذا لم تخرجه ودخلنا علية في المنزل سوف نقوم بقتله ، دخل والدي وأيقظني من النوم وقال لي : الجيش يريد اعتقالك ، في هذه الفترة كان الجيش قد اخرج كل أسرتي من المنزل إلى الشارع وتم حجزهم، وفور خروجي من البيت انهالت علي مجموعة من الجنود بالضرب مما أدى إلى كسر إحدى ساقيّ إضافة إلى رضوض في كافة أنحاء جسمي .
تم نقلي إلى معتقل عصيون بين بيت لحم والخليل ، طلبت لعدة جلسات استجواب مع المخابرات وأنكرت التهم الموجهة لي ، مكثت مدة 32 يوما في التحقيق ، رغم إنكاري للتهم الموجهة ضدي إلا أن ذلك لم يحل دون محاكمتي وإدانتي بالاستناد إلى قانون تامير الذي يدين المتهم في المحكمة بشهادة شخص.
تمت محاكمتي في محكمة عوفر وبعد عدة جلسات مكثفة حكمت على بتسعة شهور بتهمة محاولة إطلاق النار في حين حكمت على حسن الفسفوس ست سنوات وقد تولى الدفاع عني في تلك القضية المحامي أنور ابو عمر .
بعد صدور الحكم نقلت إلى معتقل النقب الصحراوي، ومكثت فيه إلى أن تم الإفراج عني بتاريخ 7/2/2007.
بعد خروجي من المعتقل جددت نشاطي في كتائب شهداء الأقصى وقد كانت مكونة من عدة أجنحة في محافظة الخليل ، وكان اتصالي المباشر من المرحوم أكرم الهيموني عضو المجلس التشريعي الفلسطيني الذي بدأ يعمل على توحيد كافة أجنحة الكتائب في المحافظة، وقد شكلنا مجموعة عسكرية في منطقة دورا من كل محمود فوزي عمر وماهر عزيز عامر عمرو وطلال الدراويش وامجد ابو راس ونهاد مهاوش عمرو .
لم يطل بي الأمد خارج السجن فبعد شهرين تقريبا من خروجي من السجن ، وفي ليلة الاعتقال بتاريخ 22/4/2007كنت مع مجموعتي في مهمة، وبعد منتصف الليل توجهت إلى البيت وما ان وصلت المنزل استقبلت مكالمة من محمود عمرو ابلغني فيها أن الجيش يحاصر منزلة وما ان أغلقت التلفون سمعت صوت انفجار فأدركت أن بيتي محاصر سارعت أخفيت قطعة سلاح كانت بحوزتي في ألأعشاب الكثيفة في حديقة المنزل ، وما أن وصل الجيش حتى أطلق قنابل صوت على الباب وعندما فتحت الباب أخذوني جانبا وبدأ التحقيق معي حول حيازتي قطعة سلاح ، أنكرت ذلك وبدأ الجيش في عملية تفتيش مركزة وقد نبشوا كل أثاث المنزل وحطموا محتوياته، وإثناء التحقيق الميداني أنكرت وجود سلاح في حيازتي ، لكن التفتيش ظل مستمرا وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف صباحا وأثناء التفتيش في حديقة المنزل عثر احد الجنود على قطعة السلاح، وقد عرفت ذلك عندما بدأ يصرخ وجدت سلاح باللغة العبرية ، حينها انهال علي الجنود بالضرب ، وبعد مصادرة السلاح والعديد من المحتويات كصور الرئيس عرفات وبعض الأوراق والكتب ، حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا، اقتادني الجيش مشيا على الأقدام إلى بيت محمود عمرو ، كنت مصفد اليدين ومغمى العنين تحت الضرب والسباب بألفاظ نابية ، وعندما وصلت معهم إلى بيت محمود عمرو، أزال العصبة عن عيني سألني ضبط المخابرات ويدعى ” بنيامين ” أين أنت الآن ، أجبت في بيتي . رأيت في تلك اللحظة محمود عمرو وقد أجلسه الجيش في زاوية المنزل وقد اسند ضابط المخابرات السلاح الذي تم العثور عليه في منزله إلى الحائط ، سال الضابط محمود لمن هذا السلاح ، أجاب انه لي وكان ذلك من اجل التأثير علينا نفسيا في التحقيق .
نقلت أنا ومحمود عمرو مصفدي الأيدي ومغمي العيون إلى معسكر المجنونة قرب بلدة دورا وهناك ألقانا الجنود على أرضية من الزلط في العراء ،وانهالوا ضربا على محمود عمرو ، من شدة الألم طلب مني أن أبلغت الجنود انه مريض بالقلب ، وما أن أبلغتهم حتى انهالوا على ضربا وتنكيلا وسحب احد الجنود أقسام سلاحه ووضعه في رقبتي وقال لي متهكما : أنت متصور مع ابو عمار ؟! ، وفي هذه الأثناء سمعت صوت رجل يتحدث ويتصل تلفون وعرفت انه والد طلال الدراويش ، حيث انه تم مداهمة منازلنا الثلاثة في لحظة واحدة إلا أن طلال لم يكن حينها في المنزل فاعتقلوا والده ، وقد سمعت الجنود يضغطوا عليه من اجل تسليم ابنه .
نقلت مع محمود الى مركز تحقيق عصيون، التقيت هناك مع عيسى نواجعة ومحمد مخامرة وفضل القط وكلهم من منطقة يطا، وفور دخولي المعتقل كلفت بدور المتحدث باسم المعتقلين ( دوبير) واستمر الوضع على هذا الحال دون أن نطلب أنا ومحمود للتحقيق وبعد يومين استدعي محمود للتحقيق وتم نقلة في سيارة جيمس من باب المعتقل إلى جهة مجهولة .
في اليوم التالي طلب مني الضابط بحكم عملي كشاويش أن احمل الطعام إلى الزنازين وكانت التعليمات بأنه يمنع على الحديث مع أي شخص، وفي احد الزنزانات شاهدت طلال الدراويش مستلقيا فيها ، حاولت أن أرسل له رسالة فقلت له :” لا أعرفك ولا تعرفني ” سحبي الضابط المناوب وعنفني وقال : الم اقل لك انه ممنوع عليك التحدث إلى المعتقلين .
بعد 12 يوما من مكوثي في معتقل عصيون نقلت إلى معتقل عوفر وهناك تلقيت لائحة اتهام من بند واحد هو حيازة سلاح ، المحامي خالد الأعرج قدر الحكم علي بناء على التهم الموجه سنة ونصف فعلي بالحد الأقصى ، وبعد حضوري عدة جلسات في المحكمة العسكرية فوجئت بتحويل ملفي من قاضي فرد إلى ثلاثة قضاة وتوجيه لائحة اتهام من 32 بند من ضمنها بنود خطرة استنادا إلى قانون تامير الذي يدين المتهم بناء على اعترافات او شهادات شخص واحد.
بعد حوالي شهرين من وجودي في معتقل عوفر تم نقلي إلى مركز تحقيق عسقلان وقد شاءت الصدف أن أكون في زنزانة مقابلة لزنزانة الرفيق احمد سعادات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، كنت أشاهده حينما يتم إخراجه من الزنزانة للتحقيق ، دخلت فترة تحقيق كان معظمها نفسي ومن الوسائل التي استخدمت ضدي هو الإيهام بان والدتي معتقلة ، وقال المحقق لقد جلبنا والدتك للتحقيق ، وانه لا يمكن الإفراج عنها إلا إذا أقررت بالتهم الموجهة ، وبالفعل اسمعني صوت تقول ” لقد اعتقلوني يا كرم ” استمرت فترة التحقيق خمسة وأربعين يوما وقابلت عدة ضباط تحقيق منهم من كان يستخدم أسلوب اللين وآخرون استخدموا الشدة وهذه جزء من أساليب التحقيق ، لكني لم أدلي بأية اعترافات على الإطلاق ، وقد ساعدني في ذلك خبرتي في الاعتقال في الفترة السابقة .
بعد انتهاء فترة التحقيق تم إعادتي إلى معتقل عوفر وقد استقبلني فيه الأخ عماد خرواط وكان موجها عاما للمعتقل وكذلك الأخ نبيل ابو قبيطة .
المحكمة :
تم توجيه لائحة اتهام لي من 32 بندا كما ذكرت استنادا إلى قانون تامير وقد طلب لي الادعاء العام بالحبس 22 عاما ، لغاية هذه الفترة لم التقي أبناء مجموعتي محمود عمرو وطلال الدراويش ، وكان من ضمن التهم الموجهة لي المشاركة في حدث بتاريخ 28/6/2006 حيث كنت في هذا التاريخ في الاعتقال أثناء فترة اعتقالي الأولى ، أبلغت المحامي بالأمر ، وقد شكلت هذه الواقعة تشكيك في كل لائحة الاتهام وقد حكم علي بخمسة سنوات فعلية .
مكثت فترة قصيرة في معتقل عوفر قم نقلت إلى عسقلان ، وبعد فترة من وجودي في الاعتقال تم تكلفي تنظيميا باستجواب شخص مشتبه به بالتعاون مع الاحتلال وعلى خلفية ذلك تم نقلي إلى قسم العزل في عسقلان ، وفيه التقيت كل من خالد الفسفوس ومحمود الفسفوس ومعتز ابو زنيد ، بعد ذلك تم نقلي إلى معتقل ريمون وفيه تسلمت عدة مهام تنظيمية منها عضوية المجلس الثوري لحركة فتح في المعتقل ومسئول اللجنة الثقافية ، وقد ضم المعتقل فيت تلك الفترة حوالي الف معتقل كان اكثر من نصفهم من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات .
أفرج عني بتاريخ 20/2/2011 ، وبعد حوالي ثمانية أشهر من خروجي من السجن فوجئت بإعادة اعتقال إداريا حيث تم نقلي إلى معتقل عصيون ومنه إلى معتقل عوفر حيث تم إدخالي إلى التحقيق ووجهت لي تهمة إطلاق نار ، وبعد فترة التحقيق نقلت إلى معتقل النقب الصحراوي وأمضيت فترة الاعتقال الإداري والبالغة ستة أشهر .
أعيد اعتقالي مرة أخرى في 4/6/2018 على خلفية اتهامي بحيازة عبوة ناسفة تم العثور عليها في محيط المنزل وقد حيث تم تفجيرها من قبل وحدة المتفجرات الإسرائيلية ، وإثناء المحكمة اثبت الدفاع بأنه لم يكن لي معرفة بها حيث أن وجودها في باحة المنزل يشكل خطرا على أسرتي وانه ليس من المنطق أن أقوم بوضع عبوة ناسفة قابلة للانفجار في باحة منزلي وقد حكمت خمسة شهور وأفرج عني بتاريخ 22/10/2018.