العقل العربي بين الفاعلية و تأصيل التفكير بقلم الأستاذ رقيق عبد الله

العقل العربي بين الفاعلية و تأصيل التفكير

بقلم الأستاذ رقيق عبد الله

إن الانكسار المراوغ للعقلانية الذي اتسمت به الذاكرة المركزية للثقافة العربية و ابتعادها عن رؤية الحقيقة وفق منطق نقد المنطق و خلق تصورات قارة في الثقافة العربية مستمسكة بأصل الفكرة او بالاحرى تأصيل التفكير، اي أن التفكير لا يمارس باعتباره عملية ابداعية تختص في فحص وتقييم لأي حلول معروضة، ويستخدم من أجل الكشف عن العيوب والأخطاء، وانتهاج الشك في كل شيء،او على انه نشاط مركب يهدف إلى البحث القوي عن الحلول أو محاولة التوصل إلى نتائج أصيلة لم تكن موجودة من قبلً، ويمتاز بالشمول والتعقيد. وانما اكتفت الذاكرة المركزية للثقافة العربية على التفكير بأصل من نموذج و هو ما يسمى العقل الفقهي الذي يعتمد على ثنائية الاصل والفرع واستنباط من تفصيل .

حقيقة ان الوجود لا يقبل الفراغ .ان اشكالية عدم تحرر العقل من سطوة الاصل و التفكير النموذجي اوقع هذا العقل في جدلية قولبة الظواهر وفق اصل الفكرة وحين تكون الظاهرة اكبر من القالب او التفصيل النموذجي تضييق الظاهرة او المشكلة لكي تكون وفقه .ان التفكير وفق النموذج هو نتاج هيمنة الفقه على الثقافة عبر كل مراحل التاريخ الاسلامي و فُقد التوازن المدرك المميز و الفاعل .ان هذه الهيمنة خلقت لنا بنية عقلية استبدادية تُخضع الاخر كما المعرفة وفق النموذج الذي اُتبع في انشاء القالب الذي يستند اليه دينيا او سياسيا او عرقيا او معرفيا ،لقد تحول الاستبداد و فق اصل التفكير الى بنية عقلية و مركب ثقافي لذاكرتنا المركزية ،ان محاولات بن رشد مثلا في تفكيك نمط التفكير النموذجي عكس الغزالي مثلا للعقل الفقهي و تفكيره بالمنطق الارسطي و هو في الحقيقة اوقع ابن رشد ذاته في اشكالية النموذج المقولب لاصل الفكرة اذ انه لم يتحرر من اصل التفكير و نموذجيته وانما نقل اصل التفكير من الاصل الديني لكل فكرة، الى اصل فلسفي و هذا لا يعتبر تحررا وانما نقل لنقل .ان ابن رشد عكس ما ميزه الجابري بالعقلانية واتخذه نموذجا ،ولو كان الجابري يلحقني برد في عالمه الاخر لسألته كيف حرر ابن رشد ذاته و كان عقلانيا وهو في الحقيقة فيلسوف الارسطية الاول وشارح افكارها ،ان الارسطية تعني سيادة العقل حقيقة ولكنها عقلانية صورية و فق المنطق الصوري الذي يعتمد على المسلمات دون الملاحظة و التجربة و فروض العقل ،ان الكنيسة لم تعدم قاليليو بل اعدمه المنطق الصوري المعتمد من الكنيسة.

ان ابن رشد نوّع لنا الاصول في التفكير التى يمكننا الرجوع اليها في النموذج ولكنه لم يحررنا ؛ ان العقل الفقهي اخضع المنظومة الاجتماعية لوسائل ضبط جعلت من القالب النموذجي المذهبي اساس كل عملياتها ،فنحن لا نسال مثلا على فائدة المنتج الذي اكتشف امامنا وانما سؤالنا بأصل حلال ام حرام، هاتف ومركب، اكل وشرب، لباس و سياسة ،اقتصاد وثقافة و فقد العقل العربي فاعلية الوازع و معيار الضمير الحر الغير مبني وفق اي نموذج الا ان استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك. ان الزامية العقل الفقهي في التفكير وفق القالب او اصل الفكرة او الاستنباط من تفصيل قهر فاعلية العقل العربي و اسكنها و خلق انفجار نصي كان لبني أمية فيه حكمة و لبني العباس ملك، و المتوكل شارح للفكرة السلطان والفقيه و التاريخ يغلق وعيه بين الرسالة الفقهية والفتاوى الكبرى من زمن الخليفة الى و لي العهد……..يتبع.

عن amara

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: