الفكر العربي و إشكالية الضبط الدلالي
بقلم الأستاذ رقيق عبد الله.
إن اشكالية الضبط الدلالي التي رافقت الفكر العربي، هي نتاج لجدل الخصائص اللغوية التى ميزت ذاكرتنا المركزية العربية وفق فكرة أسست عبر التراث أن اللغة جزء من الدين، و كانت قداستها لذاتها، والحقيقة ان لا قداسة لذات القداسة وانما لفعلها الاجتماعي كما قال دوركايم . إن العقل العربي الذي هو جزء من الفطرة، والفطرة جزء من الكون. واللغة كما يقر نعوم تشومسكي هي تلك الفطرة الانسانية المشتركة وفق نظرية النحو التوليدي و النحو الكلي. اذاً فاللغة ليست عرقا وانما لسان. إن التراث ادرج اللغة العربية للعرب كأداة للتميز العرقي لا التواصل الفكري، فكانت لغة مستحوذة كتبت في عصر التدوين على شرط أن كاتبها لم يلحن. إنّ البدوي يتميز بعدم الانتاج على صعيد الفعل الاجتماعي و الجهل لعالمه كما قال الجابري في التركيب البياني للعقل العربي، ولذلك لم تتطور اللغة وفق سياق مراحل التاريخ المختلفة. إن اللغة والتي هي نظام للتفكير ارتهنت وفق ذاكرتنا الثقافية لتلك المصادر الحتمية في التراث، فكانت لغة أهل الجنة قداسة و منه شكّل اللفظ الدلالي للمعنى الغير خاضع لمعقولية الحقائق و مرتكزها الفعال. إنّ ابن حزم حين قال ان العربية ليست هي أفضل اللغات، بل كل لغة هي آية من أيات الله ، وفي أعجازه أختلاف ألسنتكم وألوانكم، كان يلغي ذاك العارف المتموضع الذي عايش اللغة وفق زمن ثقافي متخيل لا يعي انشغالات راهنه ولا مدركات الحقائق. إنّ طرح اللغة العربية على انها لغة أهل النار أيضاً هي فكرة المعلق في الفراغ، و يجعل منا حقيقة اننا نموت وفي انفسنا شي من ولاّدة حين قالت أنا والله أصلح للمعالي
وأَمشي مشيتي وأتيهُ تيها
وَأمكّنُ عاشقي من صحن خدّي وأعطي قُبلتي مَن يشتهيها.حقيقة ان نمط العقل العربي لم يعتمد على فاعلية تجعل من التفكير و التلفظ والفعل في اتزان الوجود وعدمه. إنّ تحولات النور والظلام وفق فلسفة الوجود السلطوي للغة كأداة حولت لسان العرب لعرق أمعن السيف في اثبات وجوده و إلغاء خصوصيات الاخرين وثقافتهم. انتصر الأمير و خلدت لغته مع الفيء، الجزية والخراج، و وضفت لمشروع قومي حداثي تنافى فيه السلوك القيمي للعرب مع هذا المشروع القومي السلطوي فكانت الهزائم تتلوها الهزائم، هزائم المعارك و هزائم الذات لانه فاقد في كثير منه لحقيقة النهوض والحضارة. إنّ من ادرك حقيقة الاشياء و عظمتها يتقبل أنّ اللغة لسان انساني مشترك به تكون الفاعليات الاجتماعية تناشد استقرار تواصلها و حوار ذاتها ومنطلق فاعليتها. فاعلية تجعل من اللغة العربية تراثاً انسانياً عاماً لا عرقاً أصولياً خاصاً! فكل رسول على لسان قومه أرسل، يحمل لهم من السماء رسالة الهداية والنور، و العربية لا للعرب خلقت لانها أداة للعالمين رحمة و حكمة. إنّ اشكالية الفكر العربي أن اتخذ من قبائل مضر و ربيعة أبجدية حياة، و نمط تفكير فماتت كل خيول بني أمية خجلاً و ظل الصرف والاعراب……يتبع