الفاعلية بين التأويل و المطلق في العقل العربي.
بقلم الأستاذ رقيق عبد الله
لقد اعتمد العقل العربي على آليات التعامل مع ممارسة للاجتهاد وفق النص الممارس، وأهمل الكاشفات الدالة له و استمسك بعقل تعاملي ينطلق من أخذ أنماط التفكير من نصف الطرق لا من بدايتها. فالعلم هو حقيقة واحدة ولكن له مراتب مشككة .
إن المنهج الذوقي للمعرفة كان أحد المناهج المشكلة للتراث، والتي قدمت للعقل العربي أسباب الادراك والحرية، التأويل والفهم ، الحرس والجرس ؛انه ورغم عقلانية ابن رشد لكنه سقط في كتم التأويل، وإلجام العوام عن علم الكلام كما قال الغزالي.
إن المنهج الذوقي قاوم الموجود وتحدى الممكن. لقد كان منهجاً تحررياً نحو الانعتاق بأشكالها المتعددة نحو المطلق لا قصر التأويل فقادرية وتجانية الجزائر و شاذلية تونس وسنوسية ليبيا و مهدية السودان كانت تشكل قمة التحرر نحو المطلق. إن الفتاوى الكبرى لابن تيمية لا يمكنها أن تكون داخل سياق الممكن والموجود. إن فتاوى تستمر لاكثر من سبعمئة سنة، كانت في ظروف خاصة وفق تاريخ 728ه و صراع المذاهب والطوائف المغول و الروم، لا يمكنها ان تتجسد في بيئة غير البيئة و زمن غير الزمن. إن أحادية الحقيقة عند ابن تيمية جعل من أمراء نجد يجعلون من الفتاوى الكبرى دليل شروح لحياة السلطة و متطلباتها. إن الحقيقة متعددة وليست واحدة والاحادية عجز.
قلوب العاشقين لها عيون..ترى ما لا يراه الناظرون.
ان رفض التأويل او كتمه خلق رفضاً للاسباب ومنه رفع العقل.
إن ابن عربي حين قال لو علمته لم يكن هو، ولو جهلك لم تكن انت. فبعلمه اوجدك وبعجزك عبدته فهو هو له لا لك. وأنت أنت له لا أنت. إن الناظر الى المنهج الذوقي وفق ما نعيشه اليوم في الراهن الاجتماعي والسلوكي والتربوي سيصل الى حقيقة أنّ العبادة ظاهرة وباطنة. ظاهرها رياء، و باطنها نتاج. إن الحرية كقيمة متجسدة في المنهج الذوقي، خلقت لنا الامر التكويني والآخر تكليفي .فإبليس عصى ربه في الأمر. وآدم عصى ربه في النهي وكلاهما مطيع.
إن حقيقة العقل الممارس لم يتخذ من العرفان منهجاً لتفعيله، بل اقتصر على أدبيات الفكرة، و اتخذ من إلغائهم عبر مشروع سلطوي ديني ميز التاريخ العربي من محمد بن عبد الوهاب في شبه الجزيرة الى رشيد رضا في مصر و الشام و مجلة المنار الى عبد الحميد بن باديس بالجزائر الى السلطانين محمد بن عبد الله و سليمان بن محمد بمراكش، و دخل الفكر العربي في حالة الحيرة الغير منتجة و فق الحاكمين بأمره المدافعين عن ملكه و ملكوته .حقيقة أنه لو لا الحيرة ما وجد العجز. عجزٌ جعل من فاعلية العقل العربي بين الفتاوى الكبرى و مساهمات أمراء نجد نحو رسم مسار الحقيقة الواهمة……يتبع