الجزائر بين خيارات الخير والشّر
بقلم :زكريا حبيبي _كاتب جزائري
بات الشعب الجزائري اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يُساند المؤسسة العسكرية التي تعهدت بمُرافقة الحراك الشعبي، وحماية إرادة الشعب، إلى غاية العبور بالبلاد إلى برّ الأمان، أو الانجرار وراء دعاة الفتنة وتفتيت وتقسيم البلاد، ممّن عملوا المستحيل من أجل تقديم أنفسهم على أنهم هم الأوصياء على إرادة الشعب، وبالتالي روّجوا لمقترحات “المرحلة الانتقالية”، وتعيين “شخصيات وطنية” لإدارتها، ووقف ما وصفوه ب”المتابعات والملاحقات الإنتقائية”، وترك مهمة محاربة الفساد والمفسدين للرئيس الذي سيتم انتخابه بعد المرحلة الانتقالية.
اليوم وأمام تصعيد بيادق الفتنة لهجتهم ضدّ المؤسسة العسكرية، بات لزاما على المواطنين الجزائريين، أن يختاروا الجهة التي يتخندقون معها، بخاصة أنّ مؤسسة الجيش أكدت مرارا وتكرارا أنها ليست هي الجهة المعنية بالتحاور معها، ما يعني أن الجيش سيلعب دور حامي إرادة الشعب الجزائري، ولن ينجر وراء الأفخاخ التي نصبها أعداء الجزائر في الداخل والخارج، والتي تحاول تقديمه على أنه طرف في الأزمة ويتوجب التحاور معه.
نهار أمس تأكد من خلال خطاب رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، أن مؤسسة الجيش غير معنية بالمشاركة في أي حوار، وأن دورها سيقتصر على توفير الوسائل اللوجستيكية لإنجاح أي حوار بين الأطياف الوطنية، ومن هنا نصل إلى أن مؤسسة الجيش لا تزال ثابتة على مواقفها التي تستند إلى الشرعية الدستورية، كما أنه من خلال خطاب بن صالح، يتجلى كذلك أن الدولة ممثلة في مؤسساتها الشرعية، لن تلعب هي الأخرى أي دور في إدارة الحوار الوطني، بل ستكون تحت تصرف السلطة الانتخابية التي سيُفرزها الحوار الوطني، لتوفير الإمكانيات والوسائل اللوجستيكية، علما هنا كذلك أن هذه السلطة الانتخابية ستتمتع بالاستقلالية المالية، الأمر الذي سيحصنها من أي ضغوطات ومن أي جهة كانت.
بالمُقابل نجد الجهة الأخرى التي صنّعتها الدولة الموازية، بقيادة ضباط فرنسا في الجيش الوطني سابقا، من أمثال الجنرال توفيق والجنرال المُخ… وبتوجيه من المخابرات الفرنسية، تُقدم بيادقها من أمثال طابو وبوشاشي… على أنهم الأصلح لقيادة البلاد دونما الاحتكام إلى إرادة الشعب الجزائري، لسبب بسيط للغاية، هو أن إعلام الدولة الموازية، وصفحات الفضاء الافتراضي التي تديرها الغرف السوداء، أعلنوا أن هؤلاء هم من يُمثلون الشعب الجزائري.
أمام هذه المفارقات الغريبة والعجيبة، يبقى على المواطن أن يعلن بصوت عال أنه يكفر بمنطق الدولة الموازية، ويدعم جيشه الذي حماه منذ انطلاق الحراك الشعبي وإلى يومنا هذا، ولم يسمح بإراقة نقطة دم جزائري واحدة، إذن فالاختيار يخص التخندق مع من يدافعون عن الشعب، أو الانجرار وراء من يدعون تمثيل الشعب، والذين يقاولون لأسيادهم من أعداء الجزائر، لتدميرها وتقسيمها.
هنا وليطمئن السواد الأعظم من الجزائريين الغيورين على بلدهم، يجب التنويه إلى الدعوة التي وجهها اليوم نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق قايد صالح، إلى سلك الضباط والمستخدمين المدنيين، لإحباط كافة المخططات الدنيئة، التي تحاك ضد الوطن في السر والعلنية، وهي الدعوة التي تؤكد مرة أخرى أن جيشنا الوطني الشعبي واع بحجم التحديات التي تواجه البلاد، وأنه سيظل دائما مستعدا لمواجهة كل المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر سواء في الداخل أو الخارج، وبالتالي لم يعد للمواطن أي اختيار سوى الاصطفاف إلى جانب جيشه، لانتزاع جذور العصابة، وقطع دابر من يتربص بأمن البلاد واستقرارها.
زكرياء حبيبي