العقل العربي بين الفاعلية وازدواجية الحقيقة.
بقلم الاستاذ / عبدالله رقيق
إن مغالطة الحقيقة المزدوجة أسست لها نخبة تأثرت بكم الازمات عبر ذاكرتها الثقافية المركزية، فحادثة السقيفة أزمة، وحروب الردة أزمة، وصراع الغنائم أزمة، والفتنة الكبرى أزمة، والفرق والاختلاف في أسس الحكم أزمة، والفتوحات في بلدان مختلفة الشعوب والتاريخ أزمة، و الاسئلة حول طبيعة الايمان أزمة، و انتفاء الشعور الجمعي عبر الجيل الاول ازمة، والفجوة بين ما هو ديني و دنيوي ازمة،وصراع الايمان والعقل ازمة، والتوفيق بينهما في ظل ما هو موجود أزمة.
من هنا تقبل العقل العربي عبر نخبته الحقيقة المزدوجة وهما حقيقتان متناقضتان ولكنهما صحيحتان عبر الفقيه ووليه. الاولى صحيحة بالنسبة للعقل والثانية صحيحة بالنسبة للدين. والحقيقة أن الحق لا يضار بالحق كما قال ابن رشد وأن الشريعة والحكمة هما الاتصال المنطقي لعلو العقل و فاعليته الذي حل مكانه وعي زائف ممثلا بالايديولوجيا وكان نتاجها أن نفيت المعقولية و ضربت الموضوعية وادلج الدين تبعا لموقف السلطة ولاية و بيعة، و موقف المعارضة ورهانات واقعها. ووضف التاريخ أيضا و هو احد الآليات المكونة لبناء مركزية الذاكرة الثقافية الإسلامية لمشروعية السلطان و قهر خصومه. فكان التغريب بشقيه لهذا العقل وذاكرته.
إن التغريب الواعي للعقل العربي ولذاكرته الثقافية المركزية هو تغريب قد نتقبله عبر كل أزماتنا و ما نعيشه عبر مشروع حداثي لم نتهيأ له اجتماعيا، ولا ثقافيا أو سياسيا ولا حتى اقتصاديا. إن هبرماس حين قال إن الحداثة هي انفتاح على امكانات متعددة. فنحن نقول عبر ذاكرتنا المركزية ذات الازمات المذكورة إن تعدد الانفتاح يفقدنا إمكانياتنا الواهمة .إن عدم إدراك الادراك جعل من التغريب اللاواعي والذي كلف المشروع السياسي السلطوي في ثقافتنا المركزية في اتقانه! فالتجربة الايرانية التي أرادت ان تواجه الغرب وقعت في التغريب اللاواعي فمصطلح الثورة الإسلامية هما مفهومان متناقضان. فالاسلام ومعناه التسليم وهو مفهوم مركزي في ذاكرة ثقافتنا أما مفهوم الثورة الذي هو مصطلح مرتبط بالغرب المراد قتاله و تكفيره ولا أساس له في مركزية الذاكرة الثقافية الاسلامية، فمن باب المعقولية ان تسمى مكان الثورة الإسلامية دولة الخلافة الإسلامية، فبعد ثورتهم فقدت حريتهم. إن حالة التغريب اللاوعي المتعددة للمجتمعات العربية و الإسلامية جعل منها تعيش جملة من المتناقضات عبر الفعل الاجتماعي وفاعله فالأستاذ الجامعي يتطير من صباح يوم وهو يحاضر عن الموضوعية وقتها، و السياسي ينتظر الطالع، و خبير الاقتصاد يرجم غيبه . إن عملية التغريب اللاواعي التى تمارس على العقل العربي سيجعل من فكرة ماكس فيبر ممكنة التحقق وهي حين قال ان روح الزهد الديني فرت من القفص الى الأبد، لقد خرجت من قفص الأديان الى فضاء القيم الحقيقية التي نزلت الاديان من أجلها. إن رمزية السيف أنشودة وعلما هو إفراغ الإسلام من موروثه الإنساني الحقيقي الذي بعث من اجله. فكانت الصدمة النرجسية الكبرى لهذا العقل وفاعليته وهي التغريب اللاواعي يساند الحق هنا وهو انسان، ويكفر به هناك ويتلذذ بعذابه. يبني امة هناك و يهدم بيت شيخه هنا. إنها صدمة الحقيقة المزدوجة! عقل بمحدودية نظام وفاعلية جعلت من مناهج الأدلة فصل مقال….يتبع