أسدل الستار عن قمة بمن حضر من القادة العرب، تفرقوا في ظل أوضاعهم العربية الصعبة وعلاقاتهم العربية العربية الأصعب، تفرقوا على وضع لا يحسدون عليه، وضع يسوده الخلافات والصراع والتنافس وسياسات المحاور، بل قول ولا تخجل نظام عربي رسمي في أسوأ حالاته، لا معنى للتضامن العربي لا في الواقع ولا في الاوراق، كل دولة لها أولوياتها الخاصة تسعى لتحقيقها، ولو بالتحالف مع “الشيطان” دون مراعاة لمصالح الدول الأخرى، وكل نظام سياسي عربي يسعى للحفاظ على رأسه حتى لا حساب رأس بني عروبته ووطنه الاكبر.
نعم هي قمة العرب الأخيرة بل قول قممهم منذ ذلك الزمن، الذي غاب فيه زئير أسودهم، فهم اليوم وبعد ذلك المجد في وضع لا يحسدون عليه، تمزق من الداخل سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا، ونهش من الخارج يستنزف الثروات ويبيع الأوطان ويقتل الإبداع والمبدعين والعلماء والمبتكرين، ويميع الشباب ذكورا وإناثا، ويفكك الأسر التي تبني المجتمعات، بل وضع يخدش القيم والمبادئ والأخلاق، ويقضي على كل مقاومة أينعت في البلاد العربية وأرادت العزة والكرامة، فماذا بقي لنا نحن العرب وللأجيال القادمة من مروءة وشهامة ..؟ بل قل ماذا بقي للعرب من أراض مقدسة غير محتلة…؟ أين نخوتهم وحميتهم، بلدانهم أضحت ساحة للصراع الإقليمي والدولي فضلا عن ذلك الصراع الدولي الأمريكي – الروسي في المنطقة، وما تسعى من خلاله شرطي العالم أمريكا لإعادة ترتيب وهيكلة الأوضاع الإقليمية وتصفية القضية الفلسطينية عبر نافذة “صفقة القرن” بما يخدم مصالحها ومصالح أمن إسرائيل وبالتالي دمجها في منظومة الأمن الإقليمي، مقابل جهود روسية طبعا عبر سوريا في محاولة لإعادة دورها الدولي وتعديل النظام الدولي الأحادي القطبية الى نظام متعدد الأقطاب.
هيهات هيهات ماذا بقي للعرب وبلادهم تنهار الواحدة تلو الأخرى، بل تهدى أمام أعينهم وهم يندّدون ويطالبون وفقط ، فمتى تكون للعرب عزّتهم وحدتهم، متى نشعر أنهم أقوياء في وجه الطغمة الامبريالية الأمريكية والعنصرية الصهيونية التي احتلت البلاد طولا وعرضا بغير حساب، في الوقت الذي يظنون ” أهل الحب صحيح مساكين”، أن إسرائيل تجاملهم وأن أمريكا تصادقهم، ألم يعلموا أن الاولى تستغل ضعفهم ووهنهم، والثانية تقايضهم بالذي هو أدنى وتستنقص من مروءتهم، فما أحلهم وهم يجتمعون على كراس فاخرة وأمام طاولات باهرة ويبتسمون ويقهقهون وهم يعلمون أنهم لا يفعلون شيئا، ما أحلهم والمواطن العربي ينتظرهم من أجل التندر والضحك والمسخرة على قمم المساخر والمهازل، دون أن يعنيه ما سيتمخض عن قمة الغلابة النيام ،لانه يعرف أنها فاقدة لإرادتها وقراراها السياسي، وحتى صياغة بياناتها الختامية، التي كما قال الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي تأتيهم جاهزة وما عليهم سوى التوقيع.
صحيح ندرك كل الادراك بأن الحالة العربية في قمة إنهيارها، كيف لا وقد هرب العرب من إستحقاقات القمة ومواجهة الدول التي تعادي أمتنا وتحتل أرضها، معوضين عجزهم بالقول أن إيران هي من تشكل الخطر على أمنهم واستقرارهم وتتدخل وتعبث في شؤونهم الداخلية، وعليه فعدم تصدي القمة العربية للمخاطر الحقيقة المحدقة بالأمة العربية، والانشغال في اختراع أعداء وهميين وافتراضيين، سيجعل حجم النزف في الجسد العربي يزداد اتساعا، في زمن لم يبقى للعرب فيه سوى تمتمات وكلمات وخطابات، مضمونها فارغ من أي دعوة إلى اتحاد و لو شكلًا، هذا حال العرب بعد غياب أسودها (يفرج الله).
بقلم الكاتب :عماره بن عبد الله