هل أراك سالما منعما وغانما مكرما…؟؟ صفوة الكلام بقلم عماره بن عبد الله

 

    يعتبر احياء عيد النصر المصادف لـ 19 مارس من كل سنة، تتويجا لكفاح شجاع للشعب الجزائري مدة أكثر من 132 سنة، ضد المستعمر الفرنسي مع دفع ثمن باهض من الشهداء والمختفين والمعطوبين والارامل واليتامى، وكذا تهديم الآلاف من القرى والمداشر عبر كامل التراب الوطني.

  فعلا فقد كان هذا الانتصار المبين تتويجا لمقاومة مريرة، مقاومة دامت أزيد من قرن بين طغيان المحتل المدجج بقـدرات عسكرية عالمية، وشعب أعـزل ولكن متسلح بإرادة فولاذية وبإيمانه بالنصر، أين أخفق المستعمر رغم وحشيته، في إبادة هذا الشعب المجاهد من فوق أرضه، كما أخفق في طمس هويته وتغييبها رغم كل ما جنده وجلبه من أجناس مختلفة للاستيطان في الجزائر، وما سلطه من قمع وتجويع وتجهيل على أبناء الجزائر ،نعم فشلت الوحشية الاستعمارية في كسر إرادة شعب الجبارين، على انتزاع الحرية وإن كلف ذلك مجازر ومجازر مثل مجزرة يوم النصر العالمي على النازية، يوم 08 مايو 1945 التي خلفت عشرات، إن لم نقل مئات الآلاف من الشهداء والضحايا من رجال و نساء وأطفال، والتي أصبحت خلافا لما حلم به المستعمر، وقودا قويا للهيب اشتعل يوم أول نوفمبر 1954، في خضم ثورة زعزعت ضمائر العالم، وكلفت الشعب الجزائري تضحيات جساما، ثم توجت بالنصر والحرية والاستقلال.

نعم هو يوم النصر الاغر الذي يأتي في شهر، يعرف عندنا بشهر الشهداء أين تجلت، فيه الأعمال ذات المقاصد النبيلة والنيات الصافية، شهر عبر خلاله الشعب الجزائري عن مكنونه ومخزونه من كنوز الصدق في العمل والإخلاص لله والوطن، فعظم عدد الشهداء فيه بسم الله ومن أجل الوطن، وعظم إصرار المجاهدين بل وجعلوا من أنفسهم في هذا الشهر المنعرج والمحطة، مشاريع شهادة أو مشاريع نصر مبين، شهر استجاب فيه سبحانه وتعالى لذوي النوايا الحسنة من أبناء الوطن ، فمنهم من نال شرف الشهادة ومنهم من نال شرف النصر، فاستحق بذلك هذا الشهر المبارك بأن يكنى بشهر الشهداء، وشهر تحقيق الإنجازات الدبلوماسية، أين أفشلت بحنكة المفاوضين الجزائريين المتشبعين بقيم الثورة، ومحاولة فرنسا استعمال جميع الوسائل لإخماد الثورة ، ورضخت للتفاوض وأجبرت على اللجوء للحل السياسي، والاعتراف بالجزائر كدولة مستقلة.

اليوم وبعد 57 سنة من ذلك اليوم المجيد، الذي تم خلاله وقف إطلاق النار، بعد التوقيع على اتفاقيات ايفيان، التي ميزت نهاية حرب التحرير الوطني ضد المستعمر الفرنسي، هاهي الجزائر تحيي الذكرى في سياق سياسي وطني خاص مُتميز بمظاهرات شعبية تطالب بتغيير عميق للنظام، تحيي الذكرى وهي تمر مرحلة مفصلية حساسة من تاريخها، يحتم علينا جميعا التعامل معها بموقف وطني جامع من خلال ندوة وطنية جامعة مستقلة، لا يكون لها لون إيديولوجي أو سياسي، ولا تخضع لإملاءات أي جهة صعودا أو نزولا، ندوة نادى اليها رئيس الجمهورية محددا في الوقت ذاته، أهم المنطلقات والمحاور والتي ستكون على حد قوله “هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس وإعداد واعتماد كل أنواع الإصلاحات التي ستشكل أسس النظام الجديد الذي سيتمخض عنه إطلاق مسار تحويل دولتنا الوطنية..”، وهو ذات الحل الأسلم والامثل لتجنيب الجزائر المصير المجهول المفتوح على كل الاحتمالات ، التي لا نتمنى إلا أن نراها سالمة منعمة وغانمة مكرمة..(..)

 

عن amara

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: