أكد نائب وزير الدفاع الوطني, رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد ڤايد صالح, هذا الثلاثاء, أن الشعب الجزائري الذي “أفشل الإرهاب وأحبط مخططاته, مطالب اليوم أن يعرف كيف يكون حصنا منيعا لصد كل ما من شأنه تعريض الجزائر لأخطار غير محسوبة العواقب”.
وقال الفريق ڤايد صالح في كلمة توجيهية خلال زيارة عمل وتفتيش قادته إلى الأكاديمية العسكرية لشرشال “الرئيس الراحل هواري بومدين” في إطار متابعة مدى تنفيذ برامج التعليم والتكوين للسنة الدراسية 2018-2019, إن “الشعب الذي أفشل الإرهاب وأحبط مخططاته ومراميه, هو نفسه المطالب اليوم, في أي موقع كان, أن يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه وشعبه, وأن يعرف كيف يكون حصنا منيعا لصد كل ما من شأنه تعريض الجزائر لأخطار غير محسوبة العواقب”.
وذكر نائب وزير الدفاع الوطني في كلمته التي ألقاها أمام إطارات وطلبة الأكاديمية وتابعها جميع أفراد وحدات الناحية العسكرية الأولى عن طريق تقنية التحاضر المرئي عن بعد, بالتضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري وفي طليعته الجيش الوطني الشعبي ومختلف الأسلاك الأمنية في مواجهة الظاهرة الإرهابية المقيتة.
وقال في هذا الشأن “لقد تعودت في كل مناسبة على أن أكون دوما صريحا, وتعودت على أنني لا أخشى لومة لائم في قول الحقيقة كما هي لاسيما إذا تعلق الأمر بالوطن وبأمنه واستقراره”, مؤكدا أن “إرساء الجزائر لكافة عوامل أمنها, من خلال القضاء على الإرهاب وإفشال أهدافه, بفضل الإستراتيجية الشاملة والعقلانية المتبناة, ثم بفضل التصدي العازم الذي أبداه الشعب الجزائري وفي طليعته الجيش الوطني الشعبي رفقة كافة الأسلاك الأمنية الأخرى, لم يرض بعض الأطراف الذين يزعجهم بأن يروا الجزائر آمنة ومستقرة, بل يريدون أن يعودوا بها إلى سنوات الألم وسنوات الجمر, التي عايش خلالها الشعب الجزائري كل أشكال المعاناة, وقدم خلالها ثمنا غاليا”.
وأضاف أن “الشعب الأصيل والأبي والواعي الذي عاش تلك الظروف الصعبة, وأدرك ويلاتها لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يفرط في نعمة الأمن ونعمة راحة البال”, واستطرد بالقول “إننا ندرك أن هذا الأمن المستتب, وهذا الاستقرار الثابت الركائز, سيزداد تجذرا وسيزداد ترسيخا, وسيبقى الشعب الجزائري, يرفل في ظل هذه النعمة, وسيبقى الجيش الوطني الشعبي ماسكا بزمام ومقاليد إرساء هذا المكسب الغالي الذي به استعاد وطننا هيبته”.
كما ذكر الفريق ڤايد صالح بجسامة المهام العظيمة التي يتولاها الجيش الوطني الشعبي, والجهود المضنية والحثيثة التي يبذلها أفراده في جميع مواقع تواجدهم وفي كل الظروف والذين يستحقون كل العرفان والتقدير, حيث قال “إنني وأنا أستحضر وإياكم هذا العز التاريخي الجليل المقام, فإنني أفكر باعتزاز شديد في كل أفراد الجيش الوطني الشعبي الذين يستحقون مني اليوم عن جدارة واستحقاق بأن أسميهم بأبناء نوفمبر, لأنهم سواء يرابطون مرابطة يقظة وساهرة بعقول طالبة للعلم والمعرفة على مقاعد التكوين والتعليم والتدريس, أو يرابطون على الأرض وفي الميدان على الثغور, في السهول والجبال وعلى الحدود الوطنية الممتدة , فقد أظهر أفراد الجيش الوطني الشعبي بمختلف فئاتهم مدى وعيهم بواجب الالتزام بكسب كافة مقومات القوة, تكوينا وتعليما وتحضيرا وممارسة مهنية ميدانية, ناهيك عن حسن الاستخدام بل الاستعمال الأفضل والأمثل للتجهيزات المتطورة والعتاد الحديث الموجود في الحوزة”.
وأشار إلى أن “الالتزام بكل هذه العوامل هو التزام في ذات الوقت وبالضرورة بحفظ حرمة كل شبر من تراب الجزائر الغالية, وكل ذلك يثبت جليا درجة عالية من الحرص على القيام بالمهام الشريفة الموكلة, صونا لأمن الوطن وحماية لاستقلاله وسيادته واستقراره”.
وأوضح الفريق ڤايد صالح أن “ذلكم هو عهدنا بجيشنا, وذلك هو أملنا في بلوغ قواتنا المسلحة طموحاتها المشروعة, في ظل توجيهات فخامة السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة, وزير الدفاع الوطني”.
واعتبر أن “هذه الطموحات الرامية دوما إلى إبقاء وهج, بل وروح ثورة نوفمبر بكل ما تحمله من مبادئ سامية وقيم نبيلة تملأ القلوب وتعمر النفوس, وتبعث على الفخر والاعتزاز وتزيد الأمل في المستقبل ما دام الشعب الجزائري ينجب شبابا أمثالكم, وأمثال كافة أفراد الجيش الوطني الشعبي, سليل جيش التحرير الوطني, الذين يعلمون علم اليقين أعداء شعبهم ووطنهم ويدركون مكائدهم وأبعاد دسائسهم, ويعرفون بالتأكيد كيف يحفظون حرمة تاريخهم الوطني ويقدرون ثورتهم ومن صنعوها حق قدرها”.
وخلال كلمته, ذكر نائب وزير الدفاع الوطني بالأهمية القصوى التي يكتسيها هذا اللقاء المتزامن مع احتفال الشعب الجزائري قبل أيام قليلة باليوم الوطني للشهيد, كما يتزامن مع شهر مارس, شهر الشهداء, وهي محطات تاريخية ناصعة صنع ملاحمها جيل نوفمبر الذي بذل النفس والنفيس في سبيل استرجاع حرية شعبه واستقلال وطنه.
وقال أن هذا “اللقاء الذي يأتي بعد أيام قليلة من احتفال بلادنا باليوم الوطني للشهيد, ويأتي أيضا متزامنا مع شهر مارس الذي يوصف بأنه شهر الشهداء.
فالقيمة العالية والقدر الرفيع الذي يكنه الشعب الجزائري لشهدائه الأبرار يجعل من هذه الذكرى الميمونة بل هذه الذكريات العديدة والمتعاقبة, فرصة متجددة يعلو من خلالها صوت الذاكرة الوطنية المجيدة, ويعم كافة أرجاء الوطن الذي ينحني شعبه إجلالا وتكريما لهؤلاء الأبناء البررة, الذين تبقى ذكراهم عالقة في مخيلة الشعب الجزائري, وتبقى بطولاتهم ومآثرهم حجة دامغة وشاهدا مفحما من شواهد العز, التي تغرس في نفس كل جزائري وترسخ في عقله باعثا أساسيا, من بواعث التمسك بمرجعية أول نوفمبر الأغر”.
كما تعد “مسلكا آمنا من مسالك السير على هدى هؤلاء الأبطال, الذين منحوا لمعنى الجهاد كافة أبعاده ودلالاته العميقة, بما يجعلنا اليوم نستذكر تلك الأقلام المجاهدة التي تربت في مدرسة الثورة التحريرية المباركة واستطاعت أن تدون بأحرف من ذهب الملاحم البطولية لرجالات ثورتنا وتكون رافدا قويا وغزيرا من الروافد التي تغذى منها المسار الثوري لشعبنا المجاهد. هؤلاء الذين نترحم على أرواحهم الطاهرة في كل وقت وحين, وننحني إجلالا وعرفانا لتضحياتهم الجسام في سبيل كرامة شعبهم وانعتاقه وحرية وطنهم الجزائر”.
ووصف الفريق قايد صالح اليوم الوطني للشهيد بـ”المناسبة الوطنية عالية المقام, تستحق مني اليوم أن أدعو الجميع في الجيش الوطني الشعبي, سليل جيش التحرير الوطني, بأن يؤكدوا عملا وسلوكا وفي الميدان, على أنهم جديرون بعظمة وشموخ هذا التاريخ, وأنهم جديرون أيضا بحمل رسالة أسلافهم وتحمل مسؤولية حفظ أمانتهم من بعدهم, هؤلاء الذين نحتوا من الصخر الصلد, تاريخا وطنيا مجيدا جسدته ثورة نوفمبر الخالدة التي صنفت عن جدارة واستحقاق كأعظم إنجازات القرن العشرين برجالها وبما حملته من قيم سامية تمثل أرقى ما تدركه النفس البشرية من تضحيات وأخلاق ووطنية وإخلاص, وفي ذلك قدوة لمن أحب هذا الوطن العزيز, وأراد خدمته بوفاء”.
وأكد رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي أن “أنصع صفحة في تاريخ أمتنا هي الصفحة التي نقشت عليها هذه الملحمة التاريخية التي كرمت الكثير من الأبطال الأشاوس بالشهادة ورضوان الله تعالى ونال الآخرون شرف الجهاد والعيش في كنف الاستقلال والحرية”.
وفي ختام كلمته, فسح نائب وزير الدفاع الوطني المجال أمام الإطارات والطلبة, الذين عبروا عن امتنانهم على العناية التي توليها القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي للأكاديمية ولطلبتها, قبل أن يتابع عرضا قدمه قائد الأكاديمية اللواء بلقاسم بوعافية حول الوضعية العامة لهذه القلعة التكوينية الرائدة, وحول مسار وتطور التكوين والتعليم بها, والدور الأساسي الذي تقوم به في ميدان التكوين الأساسي القاعدي للطلبة الضباط, وهذا لفائدة جميع القوات والمديريات, حيث أصبحت بذلك مشتلة حقيقية لتخريج الكفاءات والمصدر الأساسي الذي تتزود منه مختلف الوحدات القتالية بالعنصر البشري الكفء والمؤهل الذي يضمن لها مواصلة أداء مهامها.
للإشارة, فإن الفريق ڤايد صالح استهل زيارته إلى الأكاديمية مرفوقا باللواء سعيد شنقريحة قائد القوات البرية واللواء علي سيدان قائد الناحية العسكرية الأولى واللواء بلقاسم بوعافية قائد الأكاديمية, بوقفة ترحم على روح الرئيس الراحل “هواري بومدين” الذي تحمل الأكاديمية اسمه, حيث وضع إكليلا من الزهور أمام المعلم التذكاري المخلد له وتلا فاتحة الكتاب على روحه وعلى أرواح الشهداء الأبرار, وذلك وفاء منه لتضحيات شهداء ومجاهدي الثورة التحريرية المباركة.