كانت ثورة شعب وضربة قاضية مميتة لأحلام احتلال دام أكثر من 130 عاما، عندما أراد عن يعبث في آخر أيامه بالوحدة الترابية الوطنية لأمة موحدة، لكن أحرار ورقلة المجاهدة كانوا لهم بالمرصاد فعبروا من خلال هذه المظاهرة القومية رفضهم الصارم لمخططات الاستعمار الفرنسي الاوروبي القاضية بفصل الصحراء عن الشمال، وهو الامر الدي قضى على أحلام المستعمر في تجزئة التراب الوطني.
هي وحسب حماة الذاكرة التاريخية مظاهرات شعبية حاشدة، أكد فيها الشعب المتطلع للحرية والاستقلال عن رفضه المطلق لكافة المؤامرات والدسائس، التي كانت فرنسا الاستعمارية تحيكها من أجل تحقيق حلمها في فصل الصحراء الجزائرية عن شمال الوطن بغرض الاستيلاء على ثرواتها، لكن خابت وخابت أحلامها أمام الحنكة والدهاء السياسي الذي كان يتمتع به قادة جيش التحرير الوطني، الذين اختاروا التوقيت الملائم لدحض وفضح المزاعم التي كان يروجها الاحتلال الفرنسي في أوساط الرأي العام الداخلي و الدولي، بخصوص أطماعه وسياسة فصل الصحراء الجزائرية عن باقي التراب الوطني.
هبة شعبية داعمة للوحدة الوطنية، كيف لا…. ؟؟ وتاريخها قد اختير بعناية فائقة من قبل قادة جيش التحرير الوطني، الذين وجهوا يوم 26 فبراير 1962 تعليمات كتابية وجد دقيقة إلى أعيان المنطقة تحث المواطنين، على الخروج في ذلك اليوم المشهود الذي كان قد تزامن مع قدوم وفد حكومي فرنسي رفقة ممثلين عن الأمم المتحدة إلى المنطقة، قصد الترويج للأطروحة الاستعمارية التي مفادها “أن سكان الصحراء يقبلون بالبقاء تحت الراية الفرنسية، بعد نيل الجزائر لاستقلالها ..” في مظاهرات شعبية عارمة يعبرون من خلالها، عن رفضهم المطلق للمساومات ولمخططات الاستعمار الفرنسي وتمسكهم بالوحدة الوطنية، أين تعالت زغاريد النسوة وترددت بكل شجاعة هتافات بحياة جيش التحرير الوطني والقيادة السياسية الممثلة في جبهة التحرير ، والحكومة المؤقتة رافعين شعارات “الصحراء جزائرية” و “لا لفصل الصحراء عن الوطن الأم ” و ” نعم للوحدة الوطنية” ، وبصدورهم العارية واجهوا قوات الاحتلال الفرنسي التي حاولت كسر إرادة المتظاهرين، حيث سارعت إلى استدعاء وحدات من الجيش الفرنسي ولصدهم وتعنيف التظاهرة السلمية، التي استطاعت أن تحرق آخر الأوراق التي كان يراهن عليها المستعمر في مفاوضاته مع جبهة التحرير الوطني، والتي كانت ترمي إلى فصل الصحراء الجزائرية عن باقي التراب الوطني، بغرض إلحاقها بتراب فرنسا الاستعمارية، لكن الارادة المتطلعة للحرية جابهت هذه المؤامرة الاستعمارية التي كانت تستهدف ضرب وحدة الشعب الجزائري وتراب وطنه بالرفض الكلي و الاستنكار الشديد من طرف سكان الصحراء الجزائرية وكافة أفراد الشعب الجزائري.
فعلا وتستمر انتصارات الذاكرة التاريخية وهاهي ذكرى مظاهرات 27 فبراير 1962 الشعبية، التي عاشتها البلاد الورقلية تترجم صفحة من الصفحات الناصعة في سجل نضالات الشعب الجزائر المتشبث، كان ولايزال بوحدة التراب الوطني بالأمس واليوم وغدا في ظل ما يحاك ببلادنا من تحديات فكرية واجتماعية وأمنية في إطار منطقة محتدمة، محفوظة بدماء الشهداء يا جزائر…!!