“يناير “…. مصالحة الذات مع نفسها ..!! صفوة الكلام بقلم عماره بن عبد الله 

“يناير “…. مصالحة الذات مع نفسها ..!!

صفوة الكلام

بقلم عماره بن عبد الله 

في خطوة رمزية بل جد جريئة صنفت الجزائر نفسها كأول دولة في شمال إفريقيا، تعلن الاحتفال الرسمي بالسنة الامازيغية كعيد وطني، للاتجاه صوب الاعتراف بعمقها الأمازيغي الذي تم تهميشه لوقت طويل، وبهاته الخطوة ومصالحة الذات مع نفسها، نكون أمام مؤشرا مهما عن تعاط جديد تقوم به النخب الوطنية وهي تتعامل مع البعد الأمازيغي كنقطة قوة تشكل بيتزواجها مع رافدي الإسلام والعربية جزءا مهم من هويتنا الوطنية.

إذا كان علينا أن نساهم في إعادة بناء جدارنا الحضاري، فليس أمامنا سوى جمع كل عناصر مكوِنات تراثنا التاريخية المادية وغير المادية بوعي تام، لان الخوف “ليس من كونها لن تتطابق مع قيمنا الحضارية” ، بل من كون ذوبانها أو محوها لن يساهم إلا في تعبيد الطريق نحو هجمات العولمة الكاسحة، التي لم تترك بيتا ولا فردا إلا وغزته بوسائلها المستحدَثة باستمرار، ومن ثم فكيف نعمل على مساعدتها بالقضاء على بعض ما بقي لنا من تراث حافظ عليه العمق الشعبي ولم يطرح يوما أنه مناقض للدين؟ ، وعليه إن اختلفت الروايات بشأن يناير والتقويم الأمازيغي الذي كثيرا ما يرتبط بالمواسم الفلاحية وتقلبات الطقس، فضلا عن عدة أساطير وقصص لازالت تحكى في جلسات العائلات الجزائرية حتى اليوم، لكن الأكثر ذكرا على ألسنة المهتمين بالثقافة الأمازيغية، هو ذلك الحدث التاريخي المتمثل في انتصار الملك الأمازيغي شاشناق سنة 950 قبل الميلاد، على الملك الفرعوني رمسيس في معركة دارت في منطقة بني سنونس قرب ولاية تلمسان غرب الجزائر، ومنذ ذلك اليوم أصبح الأمازيغ يحيون ذكرى هذا الانتصار، بل واتخذوه بداية لتقويمهم السنوي، وبتعاقب السنين أصبحنا أمام مطلب مشترك لنخب مختلفة توحدت للدفاع عن مبدأ تاريخي إجتماعي، تقف وراءه قوى اجتماعية اقتصادية وسياسية وإعلامية وطنيا ومحليا في الجهات المختلفة، كقوة فاعلة وراء المطلب الامازيغي في المغرب بقدر القبائل نفسها في الجزائر.

فبقرار فخامته تكريس رأس السنة الامازيغية  يناير 2968 عيدا وطنيا لكل الجزائريين، وعطلة مدفوعة الأجر  نكون أمام باكـورة وتتويجا لرغبة الإرادة السياسية العليا في موطن الامن والامان التي جعلت من ترقية الأمازيغية مهمة وطنية باعتبارها ملكا مشتركا لكل الشعب، وإجراء سياسي ناجع ومدرك لغلق الباب في وجه المزايدات التي تبنتها بعض الكتل والتجمعات السياسية، ومن جهة أخرى فالقرار قفزة نوعية في تعزيز تلاحم المجتمع الجزائري من خلال تعزيز الوحدة والاستقرار الوطنيين، في الوقت الذي تستوقفنا فيه العديد من التحديات على الصعيدين الداخلي والإقليمي، كما إنها فاتحة خير لتقوية اللحمة بين الجزائريين ومحفز لتكثيف الجهود لتعليم وتدريس اللغة الامازيغية عبر كامل التراب الوطني.

نقولها وكلنا فخر فالجزائر بهكذا إجراء حققت سبق تاريخي يحسب لها، كما أنها بهذا القرار الذي أثبت بعد نظر فخامة رئيس الجمهورية في القضايا الحساسة ، حاملا لرؤية مستقبلية خدمة لاستقرار البلاد و الوحدة الوطنية ، تكون ولجت سيرورة لإنصاف نضالات الحركة الامازيغية الجزائرية التي تمتد إلى عدة عقود، وشرعت في التصالح مع كل مكونات الشعب، كما أنه في نظري سيكون له آثار ووقع على باقي الدول المجاورة التي مازالت تعاكس مطالب شعوبها في الإقرار للعمق الامازيغي في تشكيل هوياتها، وأقوى رد على الحركات الاجتماعية والاحتجاجية الحاملة لمطالب الامازيغ بالمنطقة، فلا محالة سيسهم في كسر تلك الاساطير والرؤى الاقصائية، بل سيخدم ويرسخ مسار المصالحة مع مكون يشكل جوهر الهوية الوطنية، بعيدا عن المزايدات السياسية والشعارات الفضفاضة، ناهيك عن كون حضارتنا قائمة على ثلاثية الاسلام والعروبة والأمازيغية، فكل عام والجزائر واحدة موحدة آمنة مستقرة وسائر بلدان العرب والمسلمين.

عن amara

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: