صفوة الكلام
عماره بن عبد الله
يا ترى .. أي مصلحة تجعل البشير يتسلل ليلا لملاقاة الأسد…؟
سمعت فيما سمعت أنه عندما تتزوج المصلحة بالمتغـير ستولد طفلة، سرعان ما تكبر وتصبح في غاية البشاعة، نعم هي من يطلق عليها تسمية السياسـة، لكن يا سوء حظها فعائلتها في العادة لا ترتبط مطلقا ببقية العائلات، التي يكون فيها الاب هو المبدأ والأم هي الوطنية.
ها هو البشير- حتى لا أقول شيئا آخر- ينزع ثوب قوميته وشراكته مع ليبيا، التي كانت خيمة قائدها معمر القذافي صمام الأمان والملتقى الذي يجمع كل الخصوم من رفاق الصادق المهدي بالخرطوم ورفاق جون قرنق في الجنوب حتى رفاق خليل إبراهيم في دارفور، بل راح وانقلب على عقبيه مع أول صاروخ فرنسي ينزل على طرابلس، ويساهم بكل وقاحة في تسريب السلاح والمقاتلين والإرهابيين من جنوب ليبيا، بل ذهب الى أبعد من هذا وذاك وتجرئ بنزع ثوب القضية الفلسطينية المركزية ، ويسمح بمناقشة التطبيع مع الكيان الصهيوني في البرلمان السوداني ، لدرجة أن هناك تسريبات عن زيارة مرتقبة لمجرم الحرب نتنياهو للخرطوم التي يسجل لها سابقا مؤتمر اللاءات الثلاث، ها هو البشير الذي أسال المال السعودي لعابه، فأرسل أكثر من ستة ألاف جندي كمرتزقة للتحالف السعودي يقاتلون أهل اليمن بذريعة الحد من التوسع الإيراني، غير أن كثرة الخسائر التي تتحدث عنما يقارب ألف قتيل ومئات الجرحى في صفوف القوات السودانية، وتأخر دفع المرتبات من التحالف، وإحتقان من وجود الإماراتيين في غرف القيادة والمواقع الخلفية والدفع بالقوات السودانية في الخطوط الأمامية للجبهات، وطرد قطر من التحالف جعله يلوح بورقة الانسحاب.
ها هو البشير المتأرجح بين العباءة الأمريكية بدعم الناتو في ليبيا وسوريا، وبين العباءة التركية التي منحها جزيرة سواكن لاستثمارها، وربما إقامة قاعدة بحرية فيها، وبين العباءة الروسية التي طار إليها ليعرض عليها إقامة قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر، ها هو وبدعم وإيحاء قطري يشاغب مصر حول حلايب وشلاتين، ويتهمها بدعم وتسليح حركات التمرد وتواطؤ قذر في ملف مياه نهر النيل، ها هو ينزع ثوب الأخوان ، بعد أن تعالت الأصوات في الغرب بما فيها الكونغرس الأمريكي بضرورة إنهاء الحرب في اليمن، ولقاء ستوكهولم الذي ضم حكومة هادي مع المقاومة اليمنية ندا لند ، بعيدا عن شعارات الشرعية الزائفة ، يتجه تحت جنح الليل وفي زيارة غير معلنة لدمشق ليحتضن الأسد ويصرح بأن إضعاف سوريا هو إضعاف للأمة العربية.
نعم هو ذاته السبب الذي جعله لا يطيق البقاء في الخرطوم، ليرقص بعصاه وبدلة الريش هو ما حدث في لقاء جنيف بين الحوثيين وما يسمي بالحكومة الشرعية اليمنية، فهناك كتيبة كاملة من الجيش السوداني الذي يحارب في اليمن قد وقعت في الآسر، وآصر الحوثيين على عدم استبدالهم في اتفاقية تبادل الأسرى بل هددوا بحرقهم أحياء حتي ينتفض الشعب السوداني عليه ، ولان هؤلاء الاسرى تحت سيطرة فرقة تتبع حزب الله، تقاتـل إلى جانب الحوثيين في الحديدة وصـعدة ومن يستطيع أن يضغط على الحوثيين وحزب الله غير بشار الأسد الذي يرتبط بعلاقة وثيقة بحسن نصر الله وعلي خامنئي .
وبالطريقة التي خططت لها دمـشق كان الحدث أكبر من القضية، التي جاء البشير ليبحث لها عن حلول، فعاصمة الياسمين قد كـسرت العزلة، وزيارة البشـير ستفتـح الباب للعديد من الرؤساء العرب لزيارة بشار الأسـد، على أمل عودة سيف الاسلام للواجهة وسيتكرر ذات المشهد من جديد يفرج الله ..!!