الهجرة غير الشرعية في ولاية تمنراست
لم تعد ظاهرة الهجرة غير الشرعية للأفارقة القادمين من دول الساحل المجاورة للجزائر، تمس فقط الأشخاص البالغين، بل تشهد هذه الظاهرة في الفترة الأخيرة تغيرا كبيرا في أعمار المهاجرين الهاربين، نحو المدن الحدودية في ولايات تمنراست، وإيليزي، وأدرار والمدن التابعة لها.
وأصبح أطفال لا تتجاوز أعمار بعضهم الـ14 سنة، ونساء في مقتبل العمر، وحتى الحوامل ضمن الهاربين، من دولهم تتم مشاهدتهم في أماكن تجمع هؤلاء المهاجرين، على حافة الطرقات من اجل التسول و بحثا عن فرصة عمل لدى المواطنين، وأصحاب المقاولات، خاصة في قطاع البناء، وحتى الخدمات، وليست المدن الحدودية، وحدها من يشهد توافد الأفارقة الهاربين، من أوضاع بلدانهم بسبب سوء الظروف المعيشية في بلدانهم، بل أصبحت الظاهرة تزحف بهؤلاء إلى ولايات شمال الصحراء، على غرار ما يشاهد، بمدن ورڤلة والوادي، وغرداية، والمناطق المجاورة لهما، حيث يتجمع الأفارقة، ممن استطاعوا الوصول إلى تلك المناطق، بحثا عن فرص العمل، وفي حالات أخرى يحترفون التسول على مستوى بعض الأسواق اليومية والأسبوعية، وفي ذات السياق شهدت عاصمة الهقار، في الأشهر القليلة الماضية توافدا ملفتا، للأفارقة الذين غصّت بهم أحياء وشوارع المدينة، على غرار الأحياء العتيقة لعاصمة الولاية، الأمر الذي لفت انتباه مواطنو تمنراست، وحسب المعلومات المتوفرة لدى الشروق، فإن سبب هذا الإقبال المتزايد للأفارقة على عاصمة الهقار، راجع إلى تدهور الأوضاع الأمنية، وتفشي العنف الانتقامي، وكذا الصراعات الأثنية على غرار ما يحدث في دولة مالي، فيما يعتبر الفقر وتردي الظروف المعيشية في دول أخرى، على غرار النيجر ودول وسط إفريقيا، أكبر الدوافع التي تسببت في تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، نحو الشمال، والتي يعمد الكثير ممن يقومون بها إلى محاولة الوصول، إلى أوروبا إلا أن فرص ذلك ضئيلة للغاية، بسبب وقوع هؤلاء في قبضة المصالح الأمنية، في الكثير من الحالات.
وبمقابل تجميد التدابير الخاصة بالترحيل، تتوقف مهام المصالح الأمنية في الوقت الحاضر عند منح الموقوفين من الأفارقة لإعذارات بمغادرة التراب الجزائري، غير أن احترام تلك الوثيقة، يبقى ضئيلا بسبب غياب أي طريقة، تسمح بمراقبة الإجراءات بالنظر إلى اتساع رقعة الظاهرة وشساعة الحدود، حيث تسجل مصالح الأمن يوميا العشرات من حالات النصب، والاحتيال، والشعوذة مرتكبوها أفارقة، ناهيك عن التورط في تسويق وتزوير النقود، خاصة الأورو، وحيازة واستهلاك المخدرات، وهو المجال الخصب، الذي ينشط فيه عدد معتبر من هؤلاء الأفارقة، في منطقة معروفة بنشاطها في هذا المجال، ويبقى أكبر هاجس يقلق سكان الولاية هو الخوف من انتشار الأمراض المعدية، المتفشية ببعض الدول الإفريقية، خصوصا السيدا و الأوبئة الغير المعروفة، والتي تهدد حياة سكان المنطقة، ويطالب المجتمع المدني بالولاية بضرورة تكثيف عمليات الحد من التسرب الكبير لهؤلاء، وتكثيف التدابير والإجراءات الاستعجالية، و التي قررتها وزارة الداخلية لمواجهة موجات الهجرة السرية التي تضرب أغلب ولايات الجنوب. و هذا كله راجع الى المهربين و الذين يساهمون في ارجاع هذه الفيئة بعد الترحيل في المناطق الحدودية .
عبد القادر تقار