أيها الليبيون: يكفي فالمسافة بين زمن التخاذل واللاتخاذل أقصر مما تتوقعون .. !

صفوة الكلام

عماره بن عبد الله

نعم هي الأقدار شاءت أن تعيش بعض بلداننا وحواضرنا العربية الشامخة ومن بينها ليبيا، أزمة اشتد أوارها فأتت على الأخضر واليابس، وكلفت أهلها أرواحا ودماء زكية من فلذات وخيرة أبنائها، الذين تقاتلوا فيما بينهم بعد إن اختلفوا وما كان لهم أن يتقاتلوا .! ، ناهيك عن الخسائر المادية الكبيرة التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة، وهو ما يشكل نزيفا للثروات الليبية، التي كان جديرا أن تستثمر لصالح الليبيين إعمارا واقتصادا ومعيشة. لكن هيهات هيهات …!

بعد هاته السنوات العجاف وهاته الصراعات والانقسامات السياسية والاطماع الخارجية التي لا تنتهي وسط معاناة الشعب الليبي، الذي لم يستطع تحقيق حلم ثورته وشعاراتها في التنمية والاستقرار، بل تحول الاعتراف الدولي بشرعية الثورة الليبية والمجلس الوطني الانتقالي الى تغير حاد في هيكل الدولة الليبية قادها الي صراعات مسلحة، مما خلق مأساة لم يتوقعها أحد إلا من خطط لها بإحكام، واستطاع بدهاء أن يقسم هذا المجتمع المتماسك، في إنتمائه الديني والوطني، الى مجموعات، وجهويات، وقتال ودماء ودموع وقطعا لم يستفد كل من شاركوا في هذا الصراع، وانما استفاد منه بعض اللصوص، ومن أرادوا تصدير صورة سيئة عن هذا المجتمع البسيط الطيب.

اليوم وبعد الجمر وسنين الألم والعذاب، لسنا بصدد التباكي على ماض تولى..!، فرد الواقع محال لأننا نؤمن ونسلم بالقضاء والقدر الذي أصابنا رغم جسامة الفعل والأثر، لكن جذوة الأيمان في قلوبنا، لا يمكن بحال من الأحوال أن تنطفيء، لمجرد أحداث هي جزء من كينونة الحياة وسيرورتها بالطبيعة، لكن لابد أن يضع الصراع رحاله، عند المحطة الأخيرة والمتعارف عليها، لكل صراع مهما طال أو قصر، إنها محطة التسامح و المصالحة الوطنية، التي أصبحت أمل الجميع، ،للحاجة الماسة لعودة الوئام والتسامح، والسلم الاجتماعي، فلابد للمصالحة أن ترضي الجميع، ولابد من التصالح، والتسامح، وعفو البعض عن البعض الاخر، كفي الامة الليبية الآلام والأحزان، كفاهم بؤسا وعنادنا، لماذا أهلنا حتى صار العالم مذهولا من جنونكم، لابد أن تقفوا مع وطنكم، حتى تبرأ جراحه ويحتضن أبنائه وتعود الحياة له.

شعب العظمى العزيز انتفضوا على اليأس في قلوبكم، وغيروا ما بأنفسكم من عفن الركون للهوان، ثوروا على السلبية فيكم واقتحموا ميادين الفعل، وتخلّوا عن مطية التفرج والكلام، أوقفوا الحذاق والمجرمين الذين استغلّوا فراغ غياب الصادقين المخلصين، من الذين يخافون الله ويخشونه سرا وعلانية، كونوا أصحاب نخوة وشهامة وانظروا إلى وطنكم بعين العطاء والوفاء، أوقفوا الفاسدين والعابثين وحاربوهم، اعلنوا عليهم حربا مقدسة لا هوادة فيها، فو الله ما انتصر يوما الباطل على الحق، تسلحوا بعزيمة الاخيار وإرادة المخلصين التي هي ولا ريب طريقا ممهدا للنصر المبين، لا تترددوا واكسروا حاجز الخوف الذي تلبّسكم سنين وانتم صامدون، إذن لا تتأخروا والتحقوا بزمان جديد مفعم بالأمل فلا يجد اليأس إليه سبيلا، فالمسافة بين زمن التخاذل واللاتخاذل أقصر مما تتوقعون، والجدار الذي يفصلكم عن الحرية الحقيقية ومعانقة الوطن، هو مجرد ظل من وهم ينعكس في مرآة من فراغ تحسبونه صلدا وهو هواء وهباء، يفرج الله!!

عن amara

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: