صفوة الكلام
بقلم عماره بن عبد الله.
أبناء اليمن… إلى هنا يكفي إن كُنتُم تعقلون .. !
اليمن… ما أن يخطر في البال حتى تتزاحم في مخيلتي صور البيوت المتراكبة كالدانتيلا والمناظر الخضراء، والأسماء البراقة، كخط المسند وملكة سبأ وجنّة عدن ختاما باليمن السعيد، وغيرها من الكلمات التي تحولت بطريقة ما، إلى ما يشبه العلامة أو اللمسة الساحرة، ما أن يمسها المرء حتى تنفتح أمامه خزائن التاريخ كلها أو تكاد.
فعلا كان اليمن هو البلد الوحيد على ظهر الأرض الذي وصف بأنه “السعيد”، الصفة وإن كنت لا أعرف مصدرها، لكن جزما لعبت دورا أساسيا في شقاء هذا الشعب الابي، الذي نقف اليوم متفرجين على إبادته وبكل برودة دم وأعصاب، أمام تعنت دول الحرب أو عملية عاصفة الحزم لأجل تدمير كل مقدرات هذا البلد العربي الاصيل، أمام أعين ما يسمى بالمجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة التي طال صمتها ومازال مستمرا، أمام نزيف الأطفال والشيوخ والنساء الآمنين في بيوتهم، من القصف الجوي بأقذر ما أنتجته المصانع الحربية الأمريكية، لما يسمى التحالف العربي الذي لو دخل حرب مع اليمنيين دون المساعدات والدعم اللوجستي الأمريكي، لما صمد أكثر من نهار، يالله أليس هذا إجحاف بحق اليمن، وهي إزدواجية لم يشهدها عالم الخيانة والعمالة، والسكوت المطبق من الدول التي تسمي نفسها عربية .
مرّت سنوات وترامب وسلفه لا يطلبون التوقّف عن هذه الحرب، كمرحلةٍ نحو دفع فاتورة كارثة اليمن، وأوضاع دول هناك لا يعلم أحد لماذا ذهبت ومتى ترحل؟، لكن ترامب يعلم، ويريد ثمن غضّ النظر عن هذه الكوارث، وقد حان وقت الحساب إنها المصالح والدفع مقابل الصمت، فبين الحين والآخر تأتي الأخبار بكل ما هو صعب على الشعب اليمني، الذي يقهره بمرارة الوضع والصمت العربي الذي لم يكن دون ثمن، حاله حال تأييد غزو أمريكا للعراق إبان تسعينات القرن الماضي، ووصولهم لبادية السماوة، وتلقيهم التوقف وعدم استكمال المسير والتوقف، وإعطاء الضوء الأخضر لصدام بإخماد الثورة الشعبانية آنذاك، لخشية السعودية من الجيش العقائدي.! مثلما هي اليوم التي تقف بالضد من الحشد الشعبي، الذي أنهى الأسطورة الإرهابية داعش، التي قتلها في مهدها بعد استكمال بناءها.
وها نحن إذ ننظر بعين التفاؤل والامل وترحما على الطفلة أمل، عشية بدء الحوار الیمني الیمني في السوید، من أجل دعم المساعي (وإن شحت) لإنهاء الأزمة والكارثة الإنسانية في الیمن، والتي تعتبر مسؤولیة تاریخیة تقع على عاتق العالم في الوقت الراهن، لدعم جمیع الأطراف الیمنیة الى المشاركة البناءة والمسؤولة في محادثات استوكهولم، من خلال اتخاذ خطوات لبناء الثقة، وتوفیر الأرضیة اللازمة للتوصل إلى اتفاق شامل ینهي المعاناة والحصار الظالم ضد الشعب الیمني الذي يحتاج كي يلتقط أنفاسه، ويداوي جروحه وأن يغلق صفحات الصراع الدامي ويستبدلها بالتنافس الشريف وحسن إدارة الخلاف، فيا أيها الإخوة المختلفون التزموا بشرف الخصومة وابتعدوا عن رغبة الانتقام، فصراعكم يقود اليمن نحو الدمار والانهيار، وإلى هنا يكفي إن كُنتُم تعقلون.. يفرج الله !!