توفي نهاية الأسبوع الماضي، ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 و 14 سنة في حفرة لمشروع الصرف الصحي بالطريفاوي بعد أن كانوا يلعبون داخل مكان المشروع الذي لم تنته أشغاله إلى حد الساعة، وكان الضحايا بمعية ثلاث أطفال آخرين نجوا بأعجوبة بمساعدة السكان القريبين من موقع الكارثة وأعوان الحماية المدنية، بعد أن هال التراب على الصبية، وسقط على بعضهم أنبوب ضخم، ليحشرهم في حفرة هوتها سحيقة.
الفاجعة التي حلت بحي الشهيد لعبيدي الهاشمي بالمدخل الجنوبي لبلدية الطريفاوي على بعد بضع كيلومترات من عاصمة ولاية الوادي، تعود إلى مساء يوم الأربعاء حيث كان ستة أطفال صغار في نفس الأعمار يلعبون في خندق لمشروع الصرف الصحي الجارية أشغاله على مسافة قريبة من الحي المذكور، وفي لحظة فارقة لم يكن الأطفال يعلمون بانتظار مصيرهم المجهول بعد أن كانوا مستمتعين باللعب في خندق كبير فوقه أنبوب ضخم لا يمكن حمله إلا بالرافعة، هوى الأنبوب جارفا معه الجدار الترابي للخندق وقسم صدر أحد الصبية، وهال التراب على البقية!
هبة شعبية ورسمية للنجدة
في الوقت الذي وقعت فيه الكارثة ذهل أحد الأطفال الناجين وبدأ ينبش التراب بحثا عن أصدقائه الذين اختفوا فجأة! ولكنه عرف أن الأمر جلل فنادى سكان الحي الذين هرعوا للنجدة وأخبروا الحماية المدنية التي “حضرت بـ 23 عونا و2 ملازم أول ونقيب أتوا فور إبلاغهم بالحادثة من الوحدة الثانوية للحماية المدنية بالدبيلة وبدعم من الوحدة الرئيسية للحماية المدنية بالوادي وكذا الوحدة الثانوية بحاسي خليفة، وبعد رفع الأنبوب بواسطة الرافعة تم انتشال ثلاث ضحايا قضوا نحبهم على الفور فيما تم إنقاذ البقية بأعجوبة بعد حفرة الخندق” مثل ما أفاد به الملازم الأول نبيل خنوفة رئيس وحدة الحماية المدنية بحاسي خليفة، وظل البحث متواصلا لساعات متأخرة من ليلة الخميس أملا في العثور عن ناجين، كما بقيت فرقة الدرك الوطني تتفقد المكان طوال الليل.
اختلاف في الروايات واتفاق على المسؤوليات
اختلفت روايات هلاك الأطفال داخل خندق مشروع الصرف الصحي بالطريفاوي فهناك من يقول بأن الأطفال كانوا يلعبون لعبة الغميضة بين الأنبوب والخندق، وهناك من قال بأنهم كانوا يلعبون مع كلب صغير يطلقونه في الخندق ويجرون وراءه بالإضافة إلى روايات أخرى … ولكن الجميع اتفق على المسؤوليات التي من شأنها أن تحد من مثل هذه الكوارث، فالمشاريع الضخمة القريبة من الأحياء السكنية يجب أن تكون مسيجة أو الخنادق تدفن مع انتهاء أشغال كل يوم يقول بعضهم، كما أن البعض الآخر ألقى المسؤولية الكاملة على عاتق الأولياء الذين يجب عليهم مراقبة أبنائهم أين يذهبون وأين يلعبون؟ وأن ينصحونهم بعدم الذهاب إلى الأماكن الخطيرة.
نعي وحداد
إثر وقوع الفاجعة نعت سلطات البلدية عبر صفحتها الرسمية على الفيس بوك عائلات بكوش، كار وعاد، في مصابهم الجلل بعد أن فقدوا فلذات أكبادهم، وجاء في بيان البلدية: “نحن رئيس وأعضاء المجلس الشعبي البلدي بالطريفاوي نقدم تعازينا لعائلة كل شهيد من أبنائنا الثلاثة، عند سماعنا لخبر انهيار الجدار الرملي على ثلاثة أطفال أثناء الحفرـ تأثرنا وهلعنا وفجعنا كما فجعتم، فعند الله نحتسبهم وإنا لله وإنا إليه راجعون. أحسن الله عزائكم، وعظّم الله أجركم، وصبّركم على مصيبتكم، وجعلها الله في ميزان حسناتكم. إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فالصبر والاحتساب”.
وفي صباح اليوم الموالي نعت متوسطة الشهيد زربيط عبد الحفيظ تلميذها (عاد لؤي) سنة أولى متوسطة، فبعد تحية العلم قرأ الطاقم الإداري والتروبوي الفاتحة ترحما على روح الفقيد والضحايا، كما قامت ابتدائية الشهيد ملوكة إبراهيم بحداد إثر فقدانها لتلميذين من تلامذتها هما بكوش عبد الله سنة خامسة ابتدائي وكار محمد سنة رابعة ابتدائي، كما نُعي الضحايا من طرف فعاليات المجتمع المدني المختلفة.
جنازة مهيبة
وأقيمت جنازة ضحايا الأطفال الثلاث بمقبرة صحن بريك بليزيرق بحضور السلطات الولائية والمحلية، حيث حضر رئيس دائرة حاسي خليفة وقيادة فرقة الدرك الوطني بالدائرة، بالإضافة إلى الأعيان وجمهور المعزين الذين قدموا واجب العزاء لعائلات الضحايا في جنازة مهيبة بعد عصر يوم الخميس المنصرم.
السعيد منصور