صفوة الكلام
عماره بن عبد الله
الحلم المغاربي: كيف ومتى الإجابة عن القادة …؟
لم تمر مبادرة الجزائر لإعادة تفعيل الحلم المغاربي بعد سنوات العجاف، من خلال الدعوة لعقد اجتماع لمجلس وزراء خارجية ذلك الاتحاد المجمد منذ عقدين، إلا وتهاطلت الترحيبات والمباركات مع الامل المنشود، ترحيبا من قبل دول ومنظمات باعتبارها خطوة لها دلالات على الأهمية التي توليها الجزائر لإعادة تنشيط هذا الكيان العملاق، الذي يعتبر أداة لتحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي في عالم تفرض التكتلات نفسها فيه كصيغة لا بديل عنها لمواجهة التحديات.
فعلا ازداد ذلك الأمل انتعاشا وتفاءلا لتحقيق ذلك الاسم ” المغرب الكبير” الذي نخرته الخلافات والصراعات التي ولدت مع تأسيسه ولم يستفد منه أحد ولم نلحظ أي نتيجة تذكر لذلك الاتحاد المزعوم، بل إن دوله ازدادت فرقة، في زمن كان لابد من اللقاء والاتحاد، في زمن كان بإمكان دول الاتحاد المغاربي أن تعيش أفضل، مما كان لو تجاوزوا مرحلة التسمية فقط ..!! لكن الامل يتجدد لمعانقة السماء والعلو، بعد هذه الخطوة التي خطتها الجزائر والتي تعد دلالةً على الأهمية التي توليها لإعادة تنشيط اتحاد المغاربة، وعودة اجتماعات هيئاتهم وقادتهم للانعقاد بشكل منتظم، وهو ما يترجم تلك القناعة الجزائرية بضرورة تحريك الاتحاد المغاربي، واعادة بعثه من جديد وإعادة تنشيط هياكله وتكييفها مع متطلبات الراهن الدولي، هذا الكيان الذي من شأنه أن يتحول إلى أداة سياسية واقتصادية فعالة بالنسبة لمعظم دول المنطقة، وذلك بمثابة الاستجابة لتوصيات القمة الاستثنائية الأخيرة للاتحاد الأفريقي بإثيوبيا حول الإصلاح المؤسساتي ودور المجموعات الإقليمية في مسار اندماج الدول الإفريقية.
نعم عزيزي القارئ هاهي الدبلوماسية الجزائرية في الوقت الذي كانت فيه العديد من الأوساط تتابع تطورات العلاقات الثنائية بينها وبين جارتها المغرب، وذلك بعد خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي دعا الجزائر إلى “حوار واضح وصريح” بهدف تجاوز جميع الخلافات الموجودة بين الطرفين ترد وفي أقل من خمس جمل قصيرة، بل ترفع مستوى الحوار المطلوب من السقف الأدنى الذي علق عنده خطاب ملك المغرب عند مطلب إعادة فتح الحدود البرية، إلى السقف المطلوب شعبيا من قادة دول الاتحاد المغاربي أولا، ثم بواجب ترجمة التزاماتهم أمام نظرائهم الأفارقة في القمة الأخيرة، لتقول أنا أرفض الحوار الثنائي ، وهدفي حوار مغاربي-مغاربي تجتمع فيه كل الدول، على أساس الأولويات المطروحة والتي من بينها قضية الصحراء الغربية التي اقترب موعد مباحثات جنيف بين المغرب والبوليساريو، وكذا تسوية الملف الليبي في اطار مغاربي، بما فيه تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية واعادة اعمار ليبيا، ناهيك عن المشاكل الامنية المشتركة، لتقول أن هو القلب النابض للمنطقة المغاربة والبلد الاكثر أهلية لقيادة المغرب العربي، لتقول أنا الأولى بتطبيق توصيات القمة الافريقية على أرض الواقع ، بل أنا المدركة لأهمية التعاون الإقليمي في إطار مبدأ حسن الجوار واحترام الخصوصيات الداخلية لكل شعب، والتمسك بقدسية الحدود وكذا حق الشعوب في تقرير مصيرها، ناهيك عن التحديات الجماعية التي تهدد المنطقة والتي على رأسها الإرهاب الدولي، والانتشار الفاحش للجريمة المنظمة وتداعيات تغيير المناخ، وزيادة النمو الديمغرافي إلى جانب الفقر، وازدياد البطالة وهشاشة الأوضاع الاقتصادية وغيرها.
فعلا هي رسالة صيغت بإحكام وقناعة راسخة، بضرورة اللقاء والاجتماع والعمل المغاربي ومنه إلى العمل العربي المشترك، أكثر من أي وقت وفي أقرب وقت ممكن، فالاتحاد مطلوب الآن لتعزيز أواصر الأخوة ولتحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي بين الأشقاء في عالم تفرض التكتلات نفسها فيه كصيغة لا بديل عنها لمواجهة التحديات.