صفوة الكلام
بقلم عماره بن عبد الله
تشهد الجزائر منذ فترة تلك الأحداث التي عرفتها المنطقة العربية، فيما ما يسمى بالضياع العربي محاولات لنشر الفكر المتطرف، الذي بدأ يتوغل إلى عقول الشباب من خلال ظهور الفرق الطائفية الضالة والخارجة عن المرجعية الدينية بأبعادها الوطنية المستمدة من روح السنة الشريفة المطهرة، كالشيعية والأحمدية والكركرية وغيرها، التي تشكل جميعها خطرا حقيقيا على وحدة وتماسك المجتمع الجزائري برمته، ومنه على الوحدة الوطنية التي تعد خطا أحمر لا يمكن تجاوزه من أي كان وبأية صفة كانت وتحت أي غطاء كان.
وأمام هاته الضبابية التي تغيم سماء هذا العالم المتغير، الذي تسوده تحولات متسارعة وأحداث متتالية، وسط إقليم متأزم فاقد ومع كل الأسف …!!، لكل معايير القيم والثوابت الوطنية الراقية، ولأننا في وطن مستهدفا من عدة جبهات كجماعات الإلحاد واللادينيين والعلمانيين والتنصير ومن الرافضة الشيعة، نعم لأننا من وطن يعد ميدان ملائم ومجال مناسب ومرتع خصب لتفريخ هؤلاء، وممارسة نشاطاتهم وتحقيق مطالبهم وبلوغ أهدافهم، مع كل أسف في ظل غياب الإطار المؤسساتي والثابت للمرجعية الدينية الوطنية، التي أصبحت مسألة ضرورية وجد ضرورية، لما تتطلبه مصلحة المجتمع والأمة، بالنظر إلى ما هو حاصل في الوطن العربي والإقليمي والعالمي، نتيجة الثورات التي اندلعت باسم طفيليات كانت سببا في خراب الأمم بأكملها باسم الدين.
إن الالتفاف حول المرجعية الدينية الوطنية، يجعلنا ولا شك في ذلك نعيش في أمن ووئام وتآزر وتناصر حتّى وإن وجد اختلاف فإنّه لا يؤدي إلى الاقتتال والتفكك، لماذا ..؟ فالجواب واضح، وهو أن سنوات الجمر التي مرّت بها الجزائر خلال العشرية الأخيرة وما تركته من آثار سلبية على المجتمع، تركت لنا واجب حماية اللحمة الوطنية والدينية في إطار المرجعية الوطنية التي تعد خطا أحمر، وأيضا حماية مرجعيتنا السنية المالكية والعمل على تثمينها باعتبارها الحصن المنيع الذي يمنع التيارات الهدامة من التوغل ، ضرورة ترشيد الفتاوى الفقهية لمنع الاختلال الفكري والسلوكي في المجتمع، ونشر العلم الشّرعي المستند إلى الضوابط والأصول العلمية المعتمدة، دون إغفال جانب التعرّف والتعريف بجهود علماء الجزائر في الحفاظ على المرجعية الوطنية الدينية.
ومن هذا المنطلق كان محور الملتقى الدولي الخامس للطريقة القادرية الذي يختتم هذا المساء بولاية ورقلة، بعد ثلاثة أيام سيذكرها تاريخ ورقلة وتاريخ الامة الجزائرية ككل، لما يحتويه من قيم ومبادئ وتوجهات ورسائل وجهها المشاركون، بل أقول ذلك المرهم الكافي الذي يداوي جراح الهوية العربية والإسلامية ، وذلك الجدار الذي سيغلق الطريق عن تلك الخلايا المسرطنة فقهيا ومذهبيا، التي تريد إلحاق الأذى بالجزائر وسلامة شعبها، كما سيكون فرصة سانحة (لما لا وهم في ضيافة مركز الهوية والمقاومة والجهاد)،من أجل التعاون والتضامن بين أبناء الوطن الواحد، و كذا بين دول العالم الإسلامي وتحقيق التكامل فيما بينهما، وتعزيز العمل المشترك في إطار تنفيذ استراتيجية قوامها تقوية وتعزيز التقدم الاقتصادي والعلمي ، بجمع شتات وشمل الأمة، ومن ثم فالجزائر قيادة وهيئات روحية واجتماعية وتربوية وأفراد مدعوة في هذا الوقت، أكثر من أي وقت مضى إلى تفعيل المرجعية الدينية والوطنية التي تلم الشعب وتوحد الصف.