إعدام الأسرى … سياسة اسرائيلية دون نصوص قانونية
عبد الناصر عوني فروانة
كثر الحديث في السنوات الاخيرة عن “قانون اعدام الاسرى الفلسطينيين” وقدمت أكثر من شخصية وحزب اسرائيلي اقتراحات تصب في هذا الاتجاه، وناقش مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر “الكابينت” هذا القانون في يوليو/تموز الماضي، تزامنا مع تصريحات كان قد اطلقها آنذاك وزير الحرب ” ليبرمان” مفادها بان دولة الاحتلال تقترب من تطبيقه ومعاقبة “القتلة”. هذا المشروع الذي تقدم به حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة الوزير المتطرف “أفيغدور ليبرمان” كان قد اقره الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية في الثالث من كانون ثاني/يناير الماضي.
ان مشروع قانون “اعدام الاسرى” يعتبر جائرا وظالما، انتهاكا فظا وجريمة بشعة، وهو عنصري وارهابي لايمكن ان يمر او ينفذ. فهو ينتهك حق الانسان في الحياة ويخالف الاتفاقيات الدولية. حيث يسمح هذا المشروع بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين الذين تفذوا عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي قتل فيها إسرائيليين على خلفية دينية أو أيدلوجية أو قومية.
ومؤخرا أعيد طرح المشروع ومناقشته، واعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية “نتانياهو” منحه الضوء الاخضر للاستمرار في اتجاه اقراره، وهذه هي ليست المرة الاولى التي يثار ويناقش فيها مشروع القانون، إذ سبق وأثير مراراً خلال الثلاث سنوات الأخيرة كما اسلفنا.
وبالرغم من إقراره من قبل الكنيست بالقراءة التمهيدية، بدعم من الائتلاف الحاكم الإسرائيلي، ومعارضة وزير الأمن والنائب العام والشاباك، وبالرغم ايضا من تصريحات “ليبرمان” ومناقشته في “الكابينت”، واعادة مناقشته من جديد، مع موافقة رئيس الحكومة، إلا انه ليس من المتوقع مروره بالقراءات الثلاث القادمة في الكنيست والتي يحتاجها المشروع حتى يصبح نافذاً في المحاكم العسكرية، ليس حرصاً على حقوق الإنسان الفلسطيني، وإنما لأن تمرير مثل هذا القانون وإقراره، يعني تغيير الصورة التي تسعى إسرائيل إلى ترويجها وتحاول الظهور بها أمام العالم، على أنها دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان. وسيظهرها بصورة اسوأ مما هي عليه الان. فضلاً على أن القانون يُصَنَف على أنه “عنصري” لأنه يستهدف الفلسطينيين ولا ينطبق على الإسرائيليين، لذا فإن القانون يعتبر جزءاً من التمييز العنصري ضد الفلسطينيين، ويؤكد على أنها دولة أبارتهايد، وإسرائيل لن تضع نفسها في هذا الموقف أمام العالم. ليس حرصا على الفلسطيني، وانما استمرارا في محاولاتها الهادفة لتجميل صورتها امام العالم.
وبتقديري حتى وان حصل ما هو غير متوقع، وأقر القانون بسبب التحريض المتواصل على الأسرى والدعم غير المسبوق للقانون من قبل الائتلاف الحاكم ورئيس الحكومة وتنافس أحزاب اليمين في الاعتداء على حقوق الفلسطينيين لإرضاء الشارع الإسرائيلي وللتغطية على الأزمات الداخلية، فانه من المستبعد أن تُقدم الجهات التنفيذية في دولة الاحتلال على إعدام فلسطيني واحد صدر بحقه حكماً بالإعدام من قبل إحدى المحاكم العسكرية الإسرائيلية، تجنباً لانتقادات المجتمع الدولي الذي يتجه إلى إلغاء عقوبة الإعدام باعتبارها مخالفة لحقوق الإنسان. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لإدراكها بأن هذا سيلحق الضرر بالأمن الإسرائيلي وسيهدد حياة الإسرائيليين، إذ سيدفع بالفلسطينيين الغاضبين إلى تصعيد مقاومتهم واللجوء إلى وسائل كفاحية أكثر عنفا وإيلاما للاحتلال، لطالما أن الموت المحتم هو ما ينتظر المقاوم، وثأرا للشهداء الذين سيتحولون الى حكايا تٌشعل ثورة من تحت التراب وتُحرض الأحياء من بعدهم.
وبغض النظر أعتمده “الكابينت” و أقر القانون في الكنيست بالقراءات الثلاث وتمت المصادقة عليه بشكل نهائي أم لا. صَدرت أحكام بالإعدام من قبل المحاكم الإسرائيلية -التي لم تكن يوما نزيهة وعادلة- أم لم تَصدر. نُفذت الأحكام أو لم تُنفذ. فالحقيقة المرة التي يجب أن نُدركها جميعاً تؤكد على أن دولة الاحتلال ومن الناحية العملية لم توقف جرائم الإعدامات يوماً، ومارست وتُمارس عقوبة الإعدام كسياسة ومنهج منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية ودون قانون يُحرجها أمام العالم، وأقدمت وتحت ذرائع مختلفة وبأشكال عدة، على إعدام المئات من المعتقلين الفلسطينيين بعد السيطرة التامة عليهم، أو بعد سجنهم وداخل أقبية التحقيق، وهناك أمثلة كثيرة ونماذج عديدة وقائمة طويلة تدلل على ما نقول، ولعل أبرزها شهداء “الحافلة 300” وليس آخرهم الشهيد الاسير “محمد زغلول الخطيب “الريماوي” وعشرات آخرين.
ولكن إقرار قانون الإعدام من قبل “الكابينت” ومن ثم في الكنيست الإسرائيلي يعكس حقيقة العقلية الإجرامية والانتقامية للحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة وكذلك للمستوى السياسي في التعامل مع الفلسطينيين، وهو محاولة جديدة لتقنين الجريمة وشرعنة قتل الفلسطينيين بشكل وقح، وتحريض العاملين في المؤسسة الأمنية لارتكاب مزيد من عمليات إطلاق النار تجاه الفلسطينيين بهدف القتل والتصفية الجسدية لمجرد الاشتباه، ولربما هذا ما يفسر تصاعد عمليات القتل والإعدام الميداني والتنكيل بالجرحى والمصابين منذ أن طرح القانون للنقاش وتعالت الأصوات لتطبيقه قبل ثلاث سنوات، حيث رُصدت مئات الجرائم المماثلة، وتوسعت قوات الاحتلال في اعدام الفلسطينيين دون قانون.
والأخطر، هو المساس بمكانة الأسرى القانونية، والإساءة الى هويتهم النضالية بما يخدم المحاولات الإسرائيلية الرامية لتقديمهم للعالم على أنهم مجرمين وقتلة وإرهابيين واياديهم ملطخة بالدماء، ويجب قتلهم، وليسوا مناضلين ومقاومين يدافعون عن حقوق شعبهم. وهذا يعني تجريم النضال الوطني الفلسطيني ومساساً خطيراً بمشروعية كفاح الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال.
إن هذا النضال الذي خاضه الأسرى ويخوضه الشعب الفلسطيني ليس جريمة، وأن تلك العمليات التي نفذها الأسرى تندرج في إطار مقاومة المحتل، وان هذه المقاومة وسيلة مشروعة كفلتها كافة القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، وهي بحد ذاتها شرفٌ تعتز به الشعوب، وتتباهى به الأمم: فما من شعبٍ كريم وقع تحت الاحتلال إلا ومارس المقاومة لطرد المحتل وانتزاع الحرية والسلام.
لذا ندعو الجهات الفلسطينية كافة، للتنسيق فيما بينها وتوحيد جهودها، والتوجه لمحكمة العدل الدولية (لاهاي) لاستصدار رأي استشاري قانوني حول المكانة القانونية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بما يكفل لهم الحماية ويعزز من مكانتهم القانونية ويحافظ على هويتهم النضالية ويحمي مشروعية كفاحنا ضد الاحتلال.
وفي الختام ندعو الأمم المتحدة والدول السامية الموقعة على اتفاقيات حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي وكافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية والتجمعات المناهضة لعقوبة الإعدام، إلى التدخل العاجل لحماية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، واتخاذ خطوات جادة للحيلولة دون إقرار هذا القانون الذي يشكل، اقراره وتطبيقه، جريمة انسانية. ليس هذا فحسب وانما ايضا وقف عمليات القتل والاعدام الميداني التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين.
ان قانون “اعدام الاسرى” لن يجلب الامن لدولة الاحتلال، وأنها ومعها العالم اجمع يجب ان يدركوا بان المشكلة الاساسية تكمن في استمرار وجود الاحتلال، وان الأمن والإستقرار لن يتأتى في ظل وجود الاحتلال. وان كافة القوانين والاجراءات الاسرائيلية لم ولن تستطع وقف مسيرة شعب محتل يناضل من اجل انهاء الاحتلال وانتزاع حريته.
أسير محرر وباحث مختص بشؤون الأسرى
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
********
محامى نادى الاسير الفلسطينى
الاحتلال يُمدد اعتقال الأسيرة الجريحة فاطمة الدراويش ويمنعها من لقاء المحامي
افاد محامي نادي الأسير منذر أبو أحمد، بأن المحكمة العسكرية التابعة للاحتلال في “عوفر” مددت اعتقال الأسيرة الجريحة فاطمة الدراويش (38 عاماً) من مدينة دورا لمدة ستة أيام.
وأضاف المحامي أن جلسة المحكمة عقدت بحضور الأسيرة الدراويش بعد أن تم احضراها من مستشفى “هداسا عين كارم” حيث تتلاقى العلاج، وستُعقد لها جلسة استئناف يوم الأحد المقبل.
يُشار إلى أن قوات الاحتلال أطلقت النار على الشابة الدراويش في السادس من تشرين الثاني الجاري قبل أن تعتقلها لاحقاً
*******
مع عودة الشتاء…معاناة الأسرى في معتقل “عتصيون” تتفاقم
قال نادي الأسير الفلسطيني ، إن معاناة الأسرى في معتقل “عتصيون” تفاقمت مع عودة الشتاء، وارتفاع الرطوبة، وانتشار العفن في الزنازين. وذكر الأسرى لمحامية نادي الأسير الفلسطيني جاكلين فرارجة أن الفرشات التي لا يتجاوز سمكها 2 سم قذرة ورائحتها لا تُطاق جراء انتشار العفن عليها، كما أن الطعام المقدم لهم سيء نوعاً وكماً، فهو عبارة عن أرز نيء؛ وكخطوة احتجاجية قام الأسرى بإرجاع وجبات الطعام المقدمة لهم خلال اليومين الماضيين.
وجدد نادي الأسير الفلسطيني مطالباته للمؤسسات الحقوقية الدولية العاملة في فلسطين بالتوقف عن الصمت حيال ما يجري في معتقلات الاحتلال، وما يرافق ذلك من ظروف حياتية قاسية ومأساوية؛ علماً أن معتقل “عتصيون” يعتبر من أسوأ مراكز الاعتقال، والتي يستخدمها الاحتلال لاحتجاز الأسرى مؤقتاً في الفترة الأولى من الاعتقال.
يُشار إلى أن عدد الأسرى في معتقل “عتصيون” ستة أسرى، بينهم النائب في المجلس التشريعي محمد أبو جحيشة.
*****
مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية
مشروع قانون إعدام الأسرى عنصري وإرهاب دولة منظم
حذر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” من قرار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إعطاء الضوء الأخضر للدفع بسن قانون يتيح إعدام أسرى فلسطينيين، واعتبرته قانون عنصري وإرهاب دولة منظم.
وقال المركز في بيان صدر عنه اليوم الأربعاء، “إن مشروع القانون يستهدف الوجود الفلسطيني، فهو يأتي في إطار السباق المحموم من قبل مكونات الحكومة الإسرائيلية لسن مزيد من التشريعات العنصرية ضد الفلسطينيين. كما أن مشروع القانون يأتي في إطار البحث عن حلول أمنية تحاول حكومة الاحتلال التغطية على فشلها في مواجهة الشعب الفلسطيني، ومن أجل القضاء على نضال الفلسطينيين لاسترداد حقوقهم المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، على الرغم من أن دولة الاحتلال جربت كل الطرق والأساليب الأمنية وفشلت في ذلك” .
وطالب مركز “شمس” السلطة الوطنية الفلسطينية ، ووزاراتها المتخصصة وهيئاتها، لا سيما هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إلى ضرورة تشكيل خلية أزمة من الجانب الحكومي الفلسطيني ولجنة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ومنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية لمتابعة الملف على كل المستويات، وعدم الاكتفاء بالشجب والاستنكار، والعمل بشكل مستمر للتصدي للصلف الإسرائيلي، أخذين بعين الاعتبار التوجهات الدولية لإلغاء عقوبة الإعدام من التشريعات الوطنية، وتعرية دولة الاحتلال أمام الرأي العام الدولي باعتبارها واحة الديمقراطية المزعومة في صحراء الشرق الأوسط، والاتصال الفوري في الهيئات والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في دولة فلسطين ووضعهم في صورة الموقف، والتحرك الفوري لدى الدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف .
كما ودعا المركز، الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش، والمقررين الخاصين، وهيئات الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، والمنظمات الإقليمية وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي، والمنظمات الحقوقية غير الدولية وفي مقدمتها الصليب الأحمر، والاتحاد البرلماني الدولي، والاتحاد البرلماني العربي، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والاتحاد الدولي للمحامين، واتحاد المحامين العرب، والتحالف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام، وكل المؤسسات الحقوقية، للتصدي لمشروع القانون العنصري الحاط بالكريمة الإنسانية، ولتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وأسراه، وذلك استناداً لاتفاقيات جنيف.
*****
أسرى فلسطين للدراسات
يطالب بتوفير الملابس والأغطية الشتوية للأسرى فى السجون مع دخول الشتاء
طالب مركز أسرى فلسطين للدراسـات المؤسسات الإنسانية والحقوقية الدولية، وفى مقدمتها الصليب الأحمر بالضغط على الاحتلال لتوفير مستلزمات الأسرى الشتوية من ملابس وأغطيه مع دخول فصل الشتاء والتي يحتاجها الأسرى بشكل كبير نظرا لافتقار السجن لها.
الناطق الإعلامي للمركز الباحث “رياض الأشقر” أكد بأن الأسرى في كافة السجون يعيشون معاناة مضاعفة مع دخول فصل الشتاء نظرا للنقص الحاد في الملابس والأغطية الشتوية ووسائل التدفئة، وخاصة السجون التي تقع في المناطق الصحراوية وهى “النقب ونفحه وبئر السبع وريمون” نظرا للأجواء الباردة جدا التي تتميز بها تلك المنطقة، اضافة الى ان كون بعض الأقسام في عدد من السجون من الخيام فإنها لا تقى برد الشتاء، و العديد منها قديم ومهترئ ، مما يسمح بدخول مياه الأمطار على الأسرى .
وأشار “الأشقر” الى ان سلطات الاحتلال لا تسمح بإدخال الاغطية والملابس الشتوية للأسرى إلا بكميات محدودة جدا لا تكفى حاجة الأسرى، كذلك تمنع شراء بعض تلك الأصناف من الاحتياجات من كنتين السجن، ومن يتوفر تكون أسعاره مرتفعة بشكل كبير جدا، اضافة الى وجود عدد كبير من الأسرى الذين اعتقلوا حديثاً وهؤلاء لا يتوفر لديهم أي اغراض نظرا لعدم تمكنهم من الزيارة في الشهور الستة الأولى للاعتقال .
وبين “الأشقر” أن البرودة الشديدة في سجن النقب تصل لدرجة تجمد بعض أطراف المعتقلين من شدة البرد، مع عدم وجود وسائل للتدفئة، إضافة إلى عدم توفر المياه الساخنة بشكل دائم، مشيرا إلى أن هذه الأجواء الباردة تستمر لعدة شهور، مما يصيب العديد من الأسرى بالأمراض المختلفة وخاصة أمراض العظام والروماتيزم والتهابات المفاصل وآلام الظهر، والأمراض الصدرية، مع انعدام الرعاية الطبية والأدوية اللازمة للعلاج .
وأضاف “الأشقر” بان الاحتلال يتعمد في فصل الشتاء زيادة معاناة الأسرى عبر العديد من الممارسات القمعية وفى مقدمتها، اقتحام غرف و خيام الأسرى، لتبرير اخراجهم الى أماكن مفتوحة في ساعات متأخرة من الليل والجلوس في العراء لساعات طويلة، في ظل البرد القارص والمطر أحياناً ، هذا اضافة الى إجبارهم على إجراء العدد اليومي في الصباح الباكر جدا أو في أوقات المساء في ظل البرد أو المطر .
وطالب المركز بضرورة تدخل المؤسسات الحقوقية لتوفير الحماية للأسرى من الظروف القاسية التي تنتظرهم مع دخول فصل الشتاء ، والعمل على توفير كل ما يلزمهم من أغراض تقيهم البرد والمطر والأمراض
******
في الذكرى 101 لوعد بلفور المشؤوم
المعتقلون و”وعد بلفور” وفترة ما قبل 1948
عبد الناصر عوني فروانة
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
اسير سابق وباحث مختص بشؤون الاسرى
نخطئ القول، تاريخيًا وسياسيًا، إن وصفنا “انتفاضة الحجارة عام 1987” بالانتفاضة الأولى، لأنها ليست كذلك، ولم تكن هي الانتفاضة الأولى في التاريخ الفلسطيني المقاوم، فلقد سبقها العديد من الانتفاضات وبعض مما أطلق عليها بالثورات الفلسطينية، مثل انتفاضة موسم النبي موسى عام 1920، انتفاضة يافا1921، وانتفاضة أكتوبر 1933، بالإضافة الى ثورة البراق 1929، ثورة القسام 1935، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936.
ولأن الانتفاضات أو الثورات هي انعكاس لظروف قهرية وواقع مرير ومؤلم تقوده قوى ظالمة وترفضه شعوب حرة تندفع للتعبير عن عدم رضاها، بل ورفضها لتلك الظروف وتطلعها الى الخلاص من واقع مؤلم والتغيير نحو الأفضل بما يكفل للإنسان كرامته وللشعوب حقوقها عبر انتهاج أشكال كفاحية ونضالية متعددة، كان لابد وأن يترتب على ذلك الكثير من القمع والظلم من السلطة الحاكمة او القوة المحتلة التي تحاول جاهدة لتثبيت سيطرتها على الأرض والإنسان وكبح ارادة الشعوب الثائرة، ومن هنا يتأتى الاعتقال كأداة للقمع والردع وتكبيل الحريات، وتفتتح السجون كأماكن للتعذيب والتأثير على أفكار ومعتقدات المعتقلين وابعادهم عن ساحة الاشتباك اليومي ومحاولة قتلهم معنويا ونفسيا وان أمكن جسديا، ومن هنا تولد قضية الأسرى والمعتقلين. تلك القضية التي نشأت منذ بدايات قمع الشعب الفلسطيني ومصادرة حقوقه، ومنذ الإرهاصات الأولى لمقاومة الشعب الفلسطيني. إذ أن لكل شعب الحق في أن يسعى لطرد أي قوة تحتل وطنه وتسلب حريته وتعتدي على حقوقه. وإن هذا الحق في النضال، يُسمى أصحابه (محاربو الحرية)، على اعتبار أنهم لا يحاربون من أجل العنف، بل لأن قوى أكبر منهم قد أجبرتهم على خوض الحرب لانتزاع الحرية والسلام.
لقد قلت مرارا بأن الاسرى قضية يعود جذورها إلى ما قبل ذاك الوعد المشؤم بسنوات، وأن تاريخها سبق “هزيمة1967” وما قبل “نكبة 1948″، وارتبطت بمقاومة الشعب الفلسطيني للغزاة وبمسيرته الكفاحية من أجل الحرية والاستقلال. لذا فإن الرواية الفلسطينية يجب أن تبدأ فصولها من بعيد ومنذ أن عرف الفلسطيني السجون ووقع فيها أسيرًا، وأن الاعتقالات وعبر مراحلها الزمنية المتسلسلة يجب أن تؤرخ في الموسوعة الفلسطينية بشكل متكامل لتبقى الحقيقة راسخة في الوعي الجمعي للأجيال المتعاقبة، على اعتبار أن قضية الأسرى معلمًا من معالم القضية الفلسطينية و جزءا أصيلا من التاريخ الفلسطيني المقاوم. هذا في حال تناولنا لتاريخ الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة عبر العصور الماضية، ومازال ذلك اليوم الذي توثق فيه كل تلك الاعتقالات والجرائم التي أقترفت بحق المعتقلين الفلسطينيين ينتظر القدوم.
أما ان كان الحديث مقتصراً على الصراع العربي – الإسرائيلي فالرواية يجب أن تبدأ من العام 1948، ومن الخطأ استسهال الأمر والحديث عن الاعتقالات منذ استكمال الاحتلال الإسرائيلي لباقي الأراضي الفلسطينية في العام 1967.
ولطالما أن حديثنا اليوم في حضرة “وعد بلفور” والذكرى الواحدة بعد المئة للرسالة التي أرسلها اللورد “أرثر جيمس بلفور في الثاني من تشرين ثاني/نوفمبر عام 1917، والتي وعد فيها اليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين. ذاك الوعد المشؤوم، وعد من لا يملك لمن لا يستحق، فمن الأهمية بمكان تناول قضية الأسرى منذ ذاك التاريخ، ويجب ألا نسقط الفترة الممتدة من العام 1917-1948 من التاريخ، من حيث الأحداث والمسؤولية التاريخية لبريطانيا عن تلك الفترة وما تخللها من جرائم اقترفت بحق الفلسطينيين وخاصة الأسرى والمعتقلين.
ان الرواية الفلسطينية في سردها للتاريخ تنتقل مباشرة من العام 1917 الى العام 1948 دون التوقف أمام المحطات المفصلية خلال فترة الانتداب البريطاني، حيث يتم الحديث عن “وعد بلفور” وما ترتب عليه من احتلال فلسطين وقيام دولة الاحتلال على جزء كبير من الأراضي الفلسطينية، وما لحق بالشعب الفلسطيني من مصائب ومجازر وتشريد وتهجير وقتل وابادة جماعية واعتقالات جماعية ..الخ من الجرائم التي اقترفتها الصهيونية بحق الفلسطينيين ومن ثم سلطات الاحتلال، وهذه مسؤولية بريطانيا التي يجب أن تعتذر على ما قام به “بلفور” وما ترتب على ذلك طوال العقود الماضية.
نعم ليس مطلوب منها الاعتذار فقط، أو تعويض الضحايا من الفلسطينيين فحسب، وانما عليها ومن واجبها أن تسعى الى معالجة ذاك الخطأ التاريخي ومسح آثار الجريمة ومآسي ما ترتب عليها من خلال دعمها لحق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير مصيره واقامة دولته الفلسطينية المستقلة. ليس هذا وذاك فقط ، وانما وبالإضافة الى كل ذلك فان عليها أن تتحمل المسؤولية الكاملة عما اقترفته من جرائم بحق الفلسطينيين خلال الفترة الممتدة من العام 1917-1948.
لقد ورثت دولة الاحتلال عن الانتداب البريطاني الكثير من السجون والمعتقلات، وعلى سبيل المثال لا الحصر عسقلان والرملة والمسكوبية وصرفند وعتليت، كما ورثت أيضا العديد من القوانين المجحفة والقرارات الظالمة والاجراءات التعسفية والتي ما زالت قائمة ومعمول بها حتى يومنا هذا كالاعتقال الإداري مثلا، الذي جعلت منه سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسيلة للعقاب الجماعي وقاعدة أساسية في تعاملها مع الفلسطينيين. فيما المتتبع للأحداث والمتمعن بالحقبة التاريخية (1917-1948) على وجه الخصوص يلحظ وبوضوح كم هي المأساة كبيرة والجرائم فظيعة التي اقترفت في عهد الانتداب البريطاني بحق الفلسطينيين عامة والأسرى والمعتقلين خاصة الذين تُقدر أعدادهم من قبل المؤرخين والباحثين بعشرات الآلاف، حيث كانت الاعتقالات وعمليات الاحتجاز الجماعي تشكل ظاهرة خطيرة.
لقد استعملت سلطات الانتداب البريطاني سياسة القبضة الحديدية والقمع الهمجي وأشد الأساليب عنفا وقسوة وقمعا في معاملة الفلسطينيين، وأن هذه السياسة كانت تتصاعد كلما انتفض الفلسطينيون، بهدف قمعهم وردعهم ومحاولة تركيعهم وثنيهم عن المطالبة بحقوقهم المشروعة. فاتسعت حملات الاعتقالات التي طالت الرجال والشبان والنساء والأطفال، وأنشئت المزيد من السجون والمعتقلات وزج بها آلاف المعتقلين الذين تعرضوا لتعذيب وحشي كالضرب والجلد وفرك الخصيتين وحرق القدمين والشبح وكي الأجسام وخلع الأظافر وحرق الشوارب واللحى، وتسليط الكلاب الجائعة لنهش لحوم المحتجزين، وفرض التعري الكامل على الرجال أثناء الاقتحامات وأمام الآخرين وفي الساحات العامة أحيانًا، ومن ثم تشكلت المحاكم العسكرية وفرضت خلالها الغرامات المالية الباهظة، وصدر عنها قرارات وأحكام تعسفية، ومئات الأحكام بالإعدام، بالجملة ودون رحمة، بحق معتقلين بينهم كثير من الشيوخ والنساء والفتيان، وأن قسما خفض حكمه إلى المؤبد وأمضى سنوات قابعًا بين جدران السجن، وقسما كبيرا من هؤلاء (يُقدر عددهم بالمئات) نفذ فيه حكم الإعدام شنقًا، في ساحة السجن أو وسط ميدان البلدة، وأن اعدام الشهداء الثلاثة، فؤاد حجازي، عطا الزير ومحمد جمجوم عام1930، كان مثالا، لكنه ليس الأول ولم يكن الأخير.
إن هؤلاء وغيرهم، ممن مرّوا بتجربة الاعتقال وتعرضوا للتعذيب والاعدام، بل أن الحقبة الزمنية (1917-1948) بكل ما شهدته من جرائم بحق الفلسطينيين عامة والمعتقلين خاصة، لم تحظَ – بتقديري- باهتمام كاف من الباحثين والمؤرخين وحتى السياسيين والحقوقيين، الأمر الذي يتطلب تحركًا جادا لتوثيقها من جانب، وملاحقة بريطانيا ومحاسبتها على ما اقترفته من جرائم بحق الفلسطينيين في عهد الانتداب البريطاني، من جانب آخر، بجانب مطالبتها بتحمل مسؤولياتها عما نتج عن “وعد بلفور” وآثاره المدمرة وما لحق بالشعب الفلسطيني من مآسي بعد “النكبة”.
ويبقى الحق الفلسطيني هدفًا لكل الأحرار في العالم، والحق لا يسقط بالتقادم
ملف صوت الأسير فى السجون الصهيونية
الجزائر تضيءُ الزنازينَ في فلسطين
صوت وطن أسير
– – – – –
إعدام الأسرى … سياسة اسرائيلية دون نصوص قانونية
عبد الناصر عوني فروانة
كثر الحديث في السنوات الاخيرة عن “قانون اعدام الاسرى الفلسطينيين” وقدمت أكثر من شخصية وحزب اسرائيلي اقتراحات تصب في هذا الاتجاه، وناقش مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر “الكابينت” هذا القانون في يوليو/تموز الماضي، تزامنا مع تصريحات كان قد اطلقها آنذاك وزير الحرب ” ليبرمان” مفادها بان دولة الاحتلال تقترب من تطبيقه ومعاقبة “القتلة”. هذا المشروع الذي تقدم به حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة الوزير المتطرف “أفيغدور ليبرمان” كان قد اقره الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية في الثالث من كانون ثاني/يناير الماضي.
ان مشروع قانون “اعدام الاسرى” يعتبر جائرا وظالما، انتهاكا فظا وجريمة بشعة، وهو عنصري وارهابي لايمكن ان يمر او ينفذ. فهو ينتهك حق الانسان في الحياة ويخالف الاتفاقيات الدولية. حيث يسمح هذا المشروع بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين الذين تفذوا عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي قتل فيها إسرائيليين على خلفية دينية أو أيدلوجية أو قومية.
ومؤخرا أعيد طرح المشروع ومناقشته، واعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية “نتانياهو” منحه الضوء الاخضر للاستمرار في اتجاه اقراره، وهذه هي ليست المرة الاولى التي يثار ويناقش فيها مشروع القانون، إذ سبق وأثير مراراً خلال الثلاث سنوات الأخيرة كما اسلفنا.
وبالرغم من إقراره من قبل الكنيست بالقراءة التمهيدية، بدعم من الائتلاف الحاكم الإسرائيلي، ومعارضة وزير الأمن والنائب العام والشاباك، وبالرغم ايضا من تصريحات “ليبرمان” ومناقشته في “الكابينت”، واعادة مناقشته من جديد، مع موافقة رئيس الحكومة، إلا انه ليس من المتوقع مروره بالقراءات الثلاث القادمة في الكنيست والتي يحتاجها المشروع حتى يصبح نافذاً في المحاكم العسكرية، ليس حرصاً على حقوق الإنسان الفلسطيني، وإنما لأن تمرير مثل هذا القانون وإقراره، يعني تغيير الصورة التي تسعى إسرائيل إلى ترويجها وتحاول الظهور بها أمام العالم، على أنها دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان. وسيظهرها بصورة اسوأ مما هي عليه الان. فضلاً على أن القانون يُصَنَف على أنه “عنصري” لأنه يستهدف الفلسطينيين ولا ينطبق على الإسرائيليين، لذا فإن القانون يعتبر جزءاً من التمييز العنصري ضد الفلسطينيين، ويؤكد على أنها دولة أبارتهايد، وإسرائيل لن تضع نفسها في هذا الموقف أمام العالم. ليس حرصا على الفلسطيني، وانما استمرارا في محاولاتها الهادفة لتجميل صورتها امام العالم.
وبتقديري حتى وان حصل ما هو غير متوقع، وأقر القانون بسبب التحريض المتواصل على الأسرى والدعم غير المسبوق للقانون من قبل الائتلاف الحاكم ورئيس الحكومة وتنافس أحزاب اليمين في الاعتداء على حقوق الفلسطينيين لإرضاء الشارع الإسرائيلي وللتغطية على الأزمات الداخلية، فانه من المستبعد أن تُقدم الجهات التنفيذية في دولة الاحتلال على إعدام فلسطيني واحد صدر بحقه حكماً بالإعدام من قبل إحدى المحاكم العسكرية الإسرائيلية، تجنباً لانتقادات المجتمع الدولي الذي يتجه إلى إلغاء عقوبة الإعدام باعتبارها مخالفة لحقوق الإنسان. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لإدراكها بأن هذا سيلحق الضرر بالأمن الإسرائيلي وسيهدد حياة الإسرائيليين، إذ سيدفع بالفلسطينيين الغاضبين إلى تصعيد مقاومتهم واللجوء إلى وسائل كفاحية أكثر عنفا وإيلاما للاحتلال، لطالما أن الموت المحتم هو ما ينتظر المقاوم، وثأرا للشهداء الذين سيتحولون الى حكايا تٌشعل ثورة من تحت التراب وتُحرض الأحياء من بعدهم.
وبغض النظر أعتمده “الكابينت” و أقر القانون في الكنيست بالقراءات الثلاث وتمت المصادقة عليه بشكل نهائي أم لا. صَدرت أحكام بالإعدام من قبل المحاكم الإسرائيلية -التي لم تكن يوما نزيهة وعادلة- أم لم تَصدر. نُفذت الأحكام أو لم تُنفذ. فالحقيقة المرة التي يجب أن نُدركها جميعاً تؤكد على أن دولة الاحتلال ومن الناحية العملية لم توقف جرائم الإعدامات يوماً، ومارست وتُمارس عقوبة الإعدام كسياسة ومنهج منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية ودون قانون يُحرجها أمام العالم، وأقدمت وتحت ذرائع مختلفة وبأشكال عدة، على إعدام المئات من المعتقلين الفلسطينيين بعد السيطرة التامة عليهم، أو بعد سجنهم وداخل أقبية التحقيق، وهناك أمثلة كثيرة ونماذج عديدة وقائمة طويلة تدلل على ما نقول، ولعل أبرزها شهداء “الحافلة 300” وليس آخرهم الشهيد الاسير “محمد زغلول الخطيب “الريماوي” وعشرات آخرين.
ولكن إقرار قانون الإعدام من قبل “الكابينت” ومن ثم في الكنيست الإسرائيلي يعكس حقيقة العقلية الإجرامية والانتقامية للحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة وكذلك للمستوى السياسي في التعامل مع الفلسطينيين، وهو محاولة جديدة لتقنين الجريمة وشرعنة قتل الفلسطينيين بشكل وقح، وتحريض العاملين في المؤسسة الأمنية لارتكاب مزيد من عمليات إطلاق النار تجاه الفلسطينيين بهدف القتل والتصفية الجسدية لمجرد الاشتباه، ولربما هذا ما يفسر تصاعد عمليات القتل والإعدام الميداني والتنكيل بالجرحى والمصابين منذ أن طرح القانون للنقاش وتعالت الأصوات لتطبيقه قبل ثلاث سنوات، حيث رُصدت مئات الجرائم المماثلة، وتوسعت قوات الاحتلال في اعدام الفلسطينيين دون قانون.
والأخطر، هو المساس بمكانة الأسرى القانونية، والإساءة الى هويتهم النضالية بما يخدم المحاولات الإسرائيلية الرامية لتقديمهم للعالم على أنهم مجرمين وقتلة وإرهابيين واياديهم ملطخة بالدماء، ويجب قتلهم، وليسوا مناضلين ومقاومين يدافعون عن حقوق شعبهم. وهذا يعني تجريم النضال الوطني الفلسطيني ومساساً خطيراً بمشروعية كفاح الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال.
إن هذا النضال الذي خاضه الأسرى ويخوضه الشعب الفلسطيني ليس جريمة، وأن تلك العمليات التي نفذها الأسرى تندرج في إطار مقاومة المحتل، وان هذه المقاومة وسيلة مشروعة كفلتها كافة القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، وهي بحد ذاتها شرفٌ تعتز به الشعوب، وتتباهى به الأمم: فما من شعبٍ كريم وقع تحت الاحتلال إلا ومارس المقاومة لطرد المحتل وانتزاع الحرية والسلام.
لذا ندعو الجهات الفلسطينية كافة، للتنسيق فيما بينها وتوحيد جهودها، والتوجه لمحكمة العدل الدولية (لاهاي) لاستصدار رأي استشاري قانوني حول المكانة القانونية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بما يكفل لهم الحماية ويعزز من مكانتهم القانونية ويحافظ على هويتهم النضالية ويحمي مشروعية كفاحنا ضد الاحتلال.
وفي الختام ندعو الأمم المتحدة والدول السامية الموقعة على اتفاقيات حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي وكافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية والتجمعات المناهضة لعقوبة الإعدام، إلى التدخل العاجل لحماية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، واتخاذ خطوات جادة للحيلولة دون إقرار هذا القانون الذي يشكل، اقراره وتطبيقه، جريمة انسانية. ليس هذا فحسب وانما ايضا وقف عمليات القتل والاعدام الميداني التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين.
ان قانون “اعدام الاسرى” لن يجلب الامن لدولة الاحتلال، وأنها ومعها العالم اجمع يجب ان يدركوا بان المشكلة الاساسية تكمن في استمرار وجود الاحتلال، وان الأمن والإستقرار لن يتأتى في ظل وجود الاحتلال. وان كافة القوانين والاجراءات الاسرائيلية لم ولن تستطع وقف مسيرة شعب محتل يناضل من اجل انهاء الاحتلال وانتزاع حريته.
أسير محرر وباحث مختص بشؤون الأسرى
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
********
محامى نادى الاسير الفلسطينى
الاحتلال يُمدد اعتقال الأسيرة الجريحة فاطمة الدراويش ويمنعها من لقاء المحامي
افاد محامي نادي الأسير منذر أبو أحمد، بأن المحكمة العسكرية التابعة للاحتلال في “عوفر” مددت اعتقال الأسيرة الجريحة فاطمة الدراويش (38 عاماً) من مدينة دورا لمدة ستة أيام.
وأضاف المحامي أن جلسة المحكمة عقدت بحضور الأسيرة الدراويش بعد أن تم احضراها من مستشفى “هداسا عين كارم” حيث تتلاقى العلاج، وستُعقد لها جلسة استئناف يوم الأحد المقبل.
يُشار إلى أن قوات الاحتلال أطلقت النار على الشابة الدراويش في السادس من تشرين الثاني الجاري قبل أن تعتقلها لاحقاً
*******
مع عودة الشتاء…معاناة الأسرى في معتقل “عتصيون” تتفاقم
قال نادي الأسير الفلسطيني ، إن معاناة الأسرى في معتقل “عتصيون” تفاقمت مع عودة الشتاء، وارتفاع الرطوبة، وانتشار العفن في الزنازين. وذكر الأسرى لمحامية نادي الأسير الفلسطيني جاكلين فرارجة أن الفرشات التي لا يتجاوز سمكها 2 سم قذرة ورائحتها لا تُطاق جراء انتشار العفن عليها، كما أن الطعام المقدم لهم سيء نوعاً وكماً، فهو عبارة عن أرز نيء؛ وكخطوة احتجاجية قام الأسرى بإرجاع وجبات الطعام المقدمة لهم خلال اليومين الماضيين.
وجدد نادي الأسير الفلسطيني مطالباته للمؤسسات الحقوقية الدولية العاملة في فلسطين بالتوقف عن الصمت حيال ما يجري في معتقلات الاحتلال، وما يرافق ذلك من ظروف حياتية قاسية ومأساوية؛ علماً أن معتقل “عتصيون” يعتبر من أسوأ مراكز الاعتقال، والتي يستخدمها الاحتلال لاحتجاز الأسرى مؤقتاً في الفترة الأولى من الاعتقال.
يُشار إلى أن عدد الأسرى في معتقل “عتصيون” ستة أسرى، بينهم النائب في المجلس التشريعي محمد أبو جحيشة.
*****
مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية
مشروع قانون إعدام الأسرى عنصري وإرهاب دولة منظم
حذر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” من قرار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إعطاء الضوء الأخضر للدفع بسن قانون يتيح إعدام أسرى فلسطينيين، واعتبرته قانون عنصري وإرهاب دولة منظم.
وقال المركز في بيان صدر عنه اليوم الأربعاء، “إن مشروع القانون يستهدف الوجود الفلسطيني، فهو يأتي في إطار السباق المحموم من قبل مكونات الحكومة الإسرائيلية لسن مزيد من التشريعات العنصرية ضد الفلسطينيين. كما أن مشروع القانون يأتي في إطار البحث عن حلول أمنية تحاول حكومة الاحتلال التغطية على فشلها في مواجهة الشعب الفلسطيني، ومن أجل القضاء على نضال الفلسطينيين لاسترداد حقوقهم المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، على الرغم من أن دولة الاحتلال جربت كل الطرق والأساليب الأمنية وفشلت في ذلك” .
وطالب مركز “شمس” السلطة الوطنية الفلسطينية ، ووزاراتها المتخصصة وهيئاتها، لا سيما هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إلى ضرورة تشكيل خلية أزمة من الجانب الحكومي الفلسطيني ولجنة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ومنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية لمتابعة الملف على كل المستويات، وعدم الاكتفاء بالشجب والاستنكار، والعمل بشكل مستمر للتصدي للصلف الإسرائيلي، أخذين بعين الاعتبار التوجهات الدولية لإلغاء عقوبة الإعدام من التشريعات الوطنية، وتعرية دولة الاحتلال أمام الرأي العام الدولي باعتبارها واحة الديمقراطية المزعومة في صحراء الشرق الأوسط، والاتصال الفوري في الهيئات والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في دولة فلسطين ووضعهم في صورة الموقف، والتحرك الفوري لدى الدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف .
كما ودعا المركز، الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش، والمقررين الخاصين، وهيئات الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، والمنظمات الإقليمية وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي، والمنظمات الحقوقية غير الدولية وفي مقدمتها الصليب الأحمر، والاتحاد البرلماني الدولي، والاتحاد البرلماني العربي، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والاتحاد الدولي للمحامين، واتحاد المحامين العرب، والتحالف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام، وكل المؤسسات الحقوقية، للتصدي لمشروع القانون العنصري الحاط بالكريمة الإنسانية، ولتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وأسراه، وذلك استناداً لاتفاقيات جنيف.
*****
أسرى فلسطين للدراسات
يطالب بتوفير الملابس والأغطية الشتوية للأسرى فى السجون مع دخول الشتاء
طالب مركز أسرى فلسطين للدراسـات المؤسسات الإنسانية والحقوقية الدولية، وفى مقدمتها الصليب الأحمر بالضغط على الاحتلال لتوفير مستلزمات الأسرى الشتوية من ملابس وأغطيه مع دخول فصل الشتاء والتي يحتاجها الأسرى بشكل كبير نظرا لافتقار السجن لها.
الناطق الإعلامي للمركز الباحث “رياض الأشقر” أكد بأن الأسرى في كافة السجون يعيشون معاناة مضاعفة مع دخول فصل الشتاء نظرا للنقص الحاد في الملابس والأغطية الشتوية ووسائل التدفئة، وخاصة السجون التي تقع في المناطق الصحراوية وهى “النقب ونفحه وبئر السبع وريمون” نظرا للأجواء الباردة جدا التي تتميز بها تلك المنطقة، اضافة الى ان كون بعض الأقسام في عدد من السجون من الخيام فإنها لا تقى برد الشتاء، و العديد منها قديم ومهترئ ، مما يسمح بدخول مياه الأمطار على الأسرى .
وأشار “الأشقر” الى ان سلطات الاحتلال لا تسمح بإدخال الاغطية والملابس الشتوية للأسرى إلا بكميات محدودة جدا لا تكفى حاجة الأسرى، كذلك تمنع شراء بعض تلك الأصناف من الاحتياجات من كنتين السجن، ومن يتوفر تكون أسعاره مرتفعة بشكل كبير جدا، اضافة الى وجود عدد كبير من الأسرى الذين اعتقلوا حديثاً وهؤلاء لا يتوفر لديهم أي اغراض نظرا لعدم تمكنهم من الزيارة في الشهور الستة الأولى للاعتقال .
وبين “الأشقر” أن البرودة الشديدة في سجن النقب تصل لدرجة تجمد بعض أطراف المعتقلين من شدة البرد، مع عدم وجود وسائل للتدفئة، إضافة إلى عدم توفر المياه الساخنة بشكل دائم، مشيرا إلى أن هذه الأجواء الباردة تستمر لعدة شهور، مما يصيب العديد من الأسرى بالأمراض المختلفة وخاصة أمراض العظام والروماتيزم والتهابات المفاصل وآلام الظهر، والأمراض الصدرية، مع انعدام الرعاية الطبية والأدوية اللازمة للعلاج .
وأضاف “الأشقر” بان الاحتلال يتعمد في فصل الشتاء زيادة معاناة الأسرى عبر العديد من الممارسات القمعية وفى مقدمتها، اقتحام غرف و خيام الأسرى، لتبرير اخراجهم الى أماكن مفتوحة في ساعات متأخرة من الليل والجلوس في العراء لساعات طويلة، في ظل البرد القارص والمطر أحياناً ، هذا اضافة الى إجبارهم على إجراء العدد اليومي في الصباح الباكر جدا أو في أوقات المساء في ظل البرد أو المطر .
وطالب المركز بضرورة تدخل المؤسسات الحقوقية لتوفير الحماية للأسرى من الظروف القاسية التي تنتظرهم مع دخول فصل الشتاء ، والعمل على توفير كل ما يلزمهم من أغراض تقيهم البرد والمطر والأمراض
******
في الذكرى 101 لوعد بلفور المشؤوم
المعتقلون و”وعد بلفور” وفترة ما قبل 1948
عبد الناصر عوني فروانة
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
اسير سابق وباحث مختص بشؤون الاسرى
نخطئ القول، تاريخيًا وسياسيًا، إن وصفنا “انتفاضة الحجارة عام 1987” بالانتفاضة الأولى، لأنها ليست كذلك، ولم تكن هي الانتفاضة الأولى في التاريخ الفلسطيني المقاوم، فلقد سبقها العديد من الانتفاضات وبعض مما أطلق عليها بالثورات الفلسطينية، مثل انتفاضة موسم النبي موسى عام 1920، انتفاضة يافا1921، وانتفاضة أكتوبر 1933، بالإضافة الى ثورة البراق 1929، ثورة القسام 1935، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936.
ولأن الانتفاضات أو الثورات هي انعكاس لظروف قهرية وواقع مرير ومؤلم تقوده قوى ظالمة وترفضه شعوب حرة تندفع للتعبير عن عدم رضاها، بل ورفضها لتلك الظروف وتطلعها الى الخلاص من واقع مؤلم والتغيير نحو الأفضل بما يكفل للإنسان كرامته وللشعوب حقوقها عبر انتهاج أشكال كفاحية ونضالية متعددة، كان لابد وأن يترتب على ذلك الكثير من القمع والظلم من السلطة الحاكمة او القوة المحتلة التي تحاول جاهدة لتثبيت سيطرتها على الأرض والإنسان وكبح ارادة الشعوب الثائرة، ومن هنا يتأتى الاعتقال كأداة للقمع والردع وتكبيل الحريات، وتفتتح السجون كأماكن للتعذيب والتأثير على أفكار ومعتقدات المعتقلين وابعادهم عن ساحة الاشتباك اليومي ومحاولة قتلهم معنويا ونفسيا وان أمكن جسديا، ومن هنا تولد قضية الأسرى والمعتقلين. تلك القضية التي نشأت منذ بدايات قمع الشعب الفلسطيني ومصادرة حقوقه، ومنذ الإرهاصات الأولى لمقاومة الشعب الفلسطيني. إذ أن لكل شعب الحق في أن يسعى لطرد أي قوة تحتل وطنه وتسلب حريته وتعتدي على حقوقه. وإن هذا الحق في النضال، يُسمى أصحابه (محاربو الحرية)، على اعتبار أنهم لا يحاربون من أجل العنف، بل لأن قوى أكبر منهم قد أجبرتهم على خوض الحرب لانتزاع الحرية والسلام.
لقد قلت مرارا بأن الاسرى قضية يعود جذورها إلى ما قبل ذاك الوعد المشؤم بسنوات، وأن تاريخها سبق “هزيمة1967” وما قبل “نكبة 1948″، وارتبطت بمقاومة الشعب الفلسطيني للغزاة وبمسيرته الكفاحية من أجل الحرية والاستقلال. لذا فإن الرواية الفلسطينية يجب أن تبدأ فصولها من بعيد ومنذ أن عرف الفلسطيني السجون ووقع فيها أسيرًا، وأن الاعتقالات وعبر مراحلها الزمنية المتسلسلة يجب أن تؤرخ في الموسوعة الفلسطينية بشكل متكامل لتبقى الحقيقة راسخة في الوعي الجمعي للأجيال المتعاقبة، على اعتبار أن قضية الأسرى معلمًا من معالم القضية الفلسطينية و جزءا أصيلا من التاريخ الفلسطيني المقاوم. هذا في حال تناولنا لتاريخ الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة عبر العصور الماضية، ومازال ذلك اليوم الذي توثق فيه كل تلك الاعتقالات والجرائم التي أقترفت بحق المعتقلين الفلسطينيين ينتظر القدوم.
أما ان كان الحديث مقتصراً على الصراع العربي – الإسرائيلي فالرواية يجب أن تبدأ من العام 1948، ومن الخطأ استسهال الأمر والحديث عن الاعتقالات منذ استكمال الاحتلال الإسرائيلي لباقي الأراضي الفلسطينية في العام 1967.
ولطالما أن حديثنا اليوم في حضرة “وعد بلفور” والذكرى الواحدة بعد المئة للرسالة التي أرسلها اللورد “أرثر جيمس بلفور في الثاني من تشرين ثاني/نوفمبر عام 1917، والتي وعد فيها اليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين. ذاك الوعد المشؤوم، وعد من لا يملك لمن لا يستحق، فمن الأهمية بمكان تناول قضية الأسرى منذ ذاك التاريخ، ويجب ألا نسقط الفترة الممتدة من العام 1917-1948 من التاريخ، من حيث الأحداث والمسؤولية التاريخية لبريطانيا عن تلك الفترة وما تخللها من جرائم اقترفت بحق الفلسطينيين وخاصة الأسرى والمعتقلين.
ان الرواية الفلسطينية في سردها للتاريخ تنتقل مباشرة من العام 1917 الى العام 1948 دون التوقف أمام المحطات المفصلية خلال فترة الانتداب البريطاني، حيث يتم الحديث عن “وعد بلفور” وما ترتب عليه من احتلال فلسطين وقيام دولة الاحتلال على جزء كبير من الأراضي الفلسطينية، وما لحق بالشعب الفلسطيني من مصائب ومجازر وتشريد وتهجير وقتل وابادة جماعية واعتقالات جماعية ..الخ من الجرائم التي اقترفتها الصهيونية بحق الفلسطينيين ومن ثم سلطات الاحتلال، وهذه مسؤولية بريطانيا التي يجب أن تعتذر على ما قام به “بلفور” وما ترتب على ذلك طوال العقود الماضية.
نعم ليس مطلوب منها الاعتذار فقط، أو تعويض الضحايا من الفلسطينيين فحسب، وانما عليها ومن واجبها أن تسعى الى معالجة ذاك الخطأ التاريخي ومسح آثار الجريمة ومآسي ما ترتب عليها من خلال دعمها لحق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير مصيره واقامة دولته الفلسطينية المستقلة. ليس هذا وذاك فقط ، وانما وبالإضافة الى كل ذلك فان عليها أن تتحمل المسؤولية الكاملة عما اقترفته من جرائم بحق الفلسطينيين خلال الفترة الممتدة من العام 1917-1948.
لقد ورثت دولة الاحتلال عن الانتداب البريطاني الكثير من السجون والمعتقلات، وعلى سبيل المثال لا الحصر عسقلان والرملة والمسكوبية وصرفند وعتليت، كما ورثت أيضا العديد من القوانين المجحفة والقرارات الظالمة والاجراءات التعسفية والتي ما زالت قائمة ومعمول بها حتى يومنا هذا كالاعتقال الإداري مثلا، الذي جعلت منه سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسيلة للعقاب الجماعي وقاعدة أساسية في تعاملها مع الفلسطينيين. فيما المتتبع للأحداث والمتمعن بالحقبة التاريخية (1917-1948) على وجه الخصوص يلحظ وبوضوح كم هي المأساة كبيرة والجرائم فظيعة التي اقترفت في عهد الانتداب البريطاني بحق الفلسطينيين عامة والأسرى والمعتقلين خاصة الذين تُقدر أعدادهم من قبل المؤرخين والباحثين بعشرات الآلاف، حيث كانت الاعتقالات وعمليات الاحتجاز الجماعي تشكل ظاهرة خطيرة.
لقد استعملت سلطات الانتداب البريطاني سياسة القبضة الحديدية والقمع الهمجي وأشد الأساليب عنفا وقسوة وقمعا في معاملة الفلسطينيين، وأن هذه السياسة كانت تتصاعد كلما انتفض الفلسطينيون، بهدف قمعهم وردعهم ومحاولة تركيعهم وثنيهم عن المطالبة بحقوقهم المشروعة. فاتسعت حملات الاعتقالات التي طالت الرجال والشبان والنساء والأطفال، وأنشئت المزيد من السجون والمعتقلات وزج بها آلاف المعتقلين الذين تعرضوا لتعذيب وحشي كالضرب والجلد وفرك الخصيتين وحرق القدمين والشبح وكي الأجسام وخلع الأظافر وحرق الشوارب واللحى، وتسليط الكلاب الجائعة لنهش لحوم المحتجزين، وفرض التعري الكامل على الرجال أثناء الاقتحامات وأمام الآخرين وفي الساحات العامة أحيانًا، ومن ثم تشكلت المحاكم العسكرية وفرضت خلالها الغرامات المالية الباهظة، وصدر عنها قرارات وأحكام تعسفية، ومئات الأحكام بالإعدام، بالجملة ودون رحمة، بحق معتقلين بينهم كثير من الشيوخ والنساء والفتيان، وأن قسما خفض حكمه إلى المؤبد وأمضى سنوات قابعًا بين جدران السجن، وقسما كبيرا من هؤلاء (يُقدر عددهم بالمئات) نفذ فيه حكم الإعدام شنقًا، في ساحة السجن أو وسط ميدان البلدة، وأن اعدام الشهداء الثلاثة، فؤاد حجازي، عطا الزير ومحمد جمجوم عام1930، كان مثالا، لكنه ليس الأول ولم يكن الأخير.
إن هؤلاء وغيرهم، ممن مرّوا بتجربة الاعتقال وتعرضوا للتعذيب والاعدام، بل أن الحقبة الزمنية (1917-1948) بكل ما شهدته من جرائم بحق الفلسطينيين عامة والمعتقلين خاصة، لم تحظَ – بتقديري- باهتمام كاف من الباحثين والمؤرخين وحتى السياسيين والحقوقيين، الأمر الذي يتطلب تحركًا جادا لتوثيقها من جانب، وملاحقة بريطانيا ومحاسبتها على ما اقترفته من جرائم بحق الفلسطينيين في عهد الانتداب البريطاني، من جانب آخر، بجانب مطالبتها بتحمل مسؤولياتها عما نتج عن “وعد بلفور” وآثاره المدمرة وما لحق بالشعب الفلسطيني من مآسي بعد “النكبة”.
ويبقى الحق الفلسطيني هدفًا لكل الأحرار في العالم، والحق لا يسقط بالتقادم