هل عادت الحكومة لشراء السلم الاجتماعي؟

بعثت الحكومة بإشارات إيجابية تُوحي بتحسن الوضع المالي والاقتصادي للبلاد، عقب تأكيدها عدم فرض ضرائب جديدة عام 2019، رفع التجميد عن المشاريع والوقف التدريجي لطبع النقود. مؤشرات جعلت البعض يتساءل، هل تراجعت الحكومة عن سياسية التقشف أم أن الحسابات الرئاسية فرضت عليها نقطة نظام ؟

36  شهرا من شد الحزام

قبل نحو 3 سنوات، أحدث إعلان حكومة الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، عن مباشرة إجراءات التقشف حالة من الجمود في البلاد. وهو الوضعٌ الذي أدخل الجزائريين في حالة من اليأس والقلق، لتتحول سياسيات الحكومة إلى نقاشات يومية في المقاهي، الشوارع، الجامعات وحتى أماكن العمل والمقرات الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي.

مظاهر استدعت إلى الأذهان أزمة عام 1986.. زيادات في الأسعار، انهيار القدرة الشرائية وتدهور قيمة الدينار، أثر بشكل كبير على حياة المواطنين، حتى أن بعض رؤساء الأحزاب السياسية (الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون مثلاً)، ربطت بين الرغبة “الجامحة” التي سكنت الشباب الجزائري في “الحرقة” عبر قوارب الموت بسياسيات الحكومة التقشيفية.

موجة الاحتجاجات هي الأخرى عرفت تنامي بسبب تردي الأوضاع الاجتماعية في البلاد، خصوصاً بالنسبة لقطاعات التربية، الصحة.. إلخ، حيث قادت النقابات المستقلة سلسلة إضرابات وحركات احتجاجية للمطالبة بزيادة الرواتب والمنح، فيما شهدت ولايات الجنوب حراكاً احتجاجياً لشباب عاطلين عن العمل.

خبر تجميد التوظيف في القطاع العام، نزل كالصاعقة على خريجي الجامعات والمواطنين بشكل عام لما يحمله من تداعيات سلبية على سوق الشغل وامتصاص البطالة.

وهروبًا من هذا الواقع المرير، لجأ الجزائريون ( مختلف شرائح المجتمع) إلى العالم الافتراضي، حتى يكون متنفسًا لهم في مواجهة ظروف الحياة خصوصًا من ذوي الدخل الضعيف.

مخاوف الجزائريين تضاعفت منذ تعيين” أحمد أويحيى” منتصف عام 2017 وزيرًا أولاً، حسب معارضيه، عقب حديثه عن وصول الخزينة العمومية لمرحلة لا تستطيع فيها دفع رواتب الموظفين، لآنه زمن الجحيم كما قال.

توصيف، خلق البلبلة في أوساط الجزائريين، ومن بين ما تم تداوله أن دائرة الأمن والاستعلامات فتحت تحقيقًا في تداعيات تصريحات أحمد أويحيى نظرًا لوقعها السلبي، لكنه نفى ذلك محاولاً التغيير من نبرة خطابه التي مالت مع مرور الوقت إلى المهادنة في توصيف الوضع المالي للبلاد.

2019 ..  الحسابات تتغير

مرت 3 سنوات على إجراءات التقشف، لكن مع اقتراب عام 2019، قررت الحكومة إعادة ترتيب أوراقها، بعدم فرض ضرائب جديدة في قانون المالية للسنة المقبلة، عن طريق المحافظة على التحويلات الاجتماعية لصالح المواطنين من ذوي الدخل المحدود، دعم الجبهة الاجتماعية في قطاع السكن والصحة، والمواد واسعة الاستهلاك، وهو ما قرأه خبراء على أنه مؤشر على تحسن الاقتصادي للبلاد.

ويعتبر ثاني مؤشر عن تراجع الحكومة على سياسة التقشف، اعتزامها التخلي عن التمويل غير التقليدي ( طبع النقود) بداية من جانفي القادم، بعد تعافي أسعار النفط وارتفاع عائداته.

قرار الحكومة شمل كذلك، رفع التجميد عن بعض المشاريع في التربية، الصحة والنقل والأشغال العمومية بالإضافة إلى عودة صناديق الهضاب العليا والجنوب وبعث مخطط تنموي في المناطق الحدودية لمعالجة عدة اختلالات.

وفي خضم الجدل المثار حول مصير الأموال التي ضُخت في التنمية ومشاريعها، طيلة فترة حكم الرئيس بوتفليقة، تتخوف المعارضة من عودة الحكومة إلى سياسية الإنفاق أو “السلم الاجتماعي” مع اقتراب رئاسيات 2019، وهو ما سيفوت على البلاد فرصة جديدة لإحداث نهضة اقتصادية شاملة بعيدًا عن الريع البترولي.

أكرم.س

عن ahmed

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: