الدكتور محمد بغداد يستعرض الاستراتجيات الافتراضية للخطاب الديني

بملتقى وطني حول ” الخطاب الديني ” بجامعة تيزي وزو

   تطرق الدكتور محمد بغداد أثناء مشاركته في فعاليات الملتقى الوطني حول “الخطاب الديني بين اشكالات التمثل  وآليات التجديد” ، المنظم من طرف مخبر تحليل الخطاب بجامعة مولود معمري بتيزي وزو، شرحا وتحليلا إلى واقع التحولات الكبرى التي عرفها الخطاب الديني في السنوات الماضية ، مركزا في ذلك على الجوانب الإعلامية التي يعتمد عليها في الانطلاق نحو المساحات الجديدة، وهي ذات التحولات كما قال بغداد تجرى في ظل غفلة المهتمين والباحثين الذين يعانون من ثقل الرؤية العاطفية في تناول مفاهيم الخطاب الديني.

كما نوه بغداد أن الخطاب الديني يعرف في السنوات الأخيرة، تحولات عميقة تجرى بعيدا عن الاهتمام المعرفي والدراسات العلمية، في الوقت الذي يكسب فيه فضاءات جديدة ويستولى على مساحات واسعة في الفضاء الاجتماعي، مما يتوجب على النخب والمؤسسات العلمية ضرورة الاسراع، نحو العمل على إعادة النظر في المفاهيم القديمة للخطاب الديني، والانتباه إلى طبيعة التمظهرات الجديدة لهذا الخطاب، متوقفا بمناسبة تحليله لمضمون هذا الخطاب عند تلك الحالات من الاختلالات التي تعرفها المنتوجات الدينية الكلاسيكية التي تبتعد يوميا عن التمثلات الجماعية، وتحرمها من الفعالية الحيوية للقوى الحية الصاعدة، إضافة إلى تلك الحالات من عدم الاهتمام بهذه المنتوجات، لغياب السرعة والحضور المؤثر في تفاصيل الحياة اليومية في المقابل، فإن الإعتماد على ردود الفعل المتأخرة والتعليقات خارج الوقت المطلوب، مما يجعل هذا الخطاب خارج دوائر صناعة المشهد.

كما عرج مدير الإعلام والتوثيق بالمجلس الإسلامي الأعلى، في مداخلته القيمة والموسومة بـ :  “الاستراتيجيات الافتراضية للخطاب الديني ـ آليات الانتاج وسياقات الاستهلاك”،على مجموعة من المؤشرات الدولية التي إعتبرها عامل مهم إعتمد عليها الخطاب الديني في إستئناف تواجده عبر الجيل الجديد للدعاة والفاعلين في الحقل الديني، وبالذات الإنتباه المبكر للقوة الباطشة التي تتيحها ثورة التكنولوجية الاتصالية الحديثة، التي تمكن الجديد من الاستثمار فيها وتسويق أفكاره، المتسمة بالحيوية والبعيدة عن النمطية الكلاسيكية.

وعن الاستراتيجيات الافتراضية، أشار بغداد صاحب المشاركات العلمية والبحثية المتخصصة في مقاربة الخطاب الديني وسبل تفعيلها وتصديرها ، إلى ثلاث أنواع من الاستراتيجيات المعتمدة من طرف الخطاب الديني، مؤكدا إلى أن هذه الاستراتيجيات هي الأكثر فاعلية والأقوى هيمنة، على غرار إستراتيجية التحول التي تقوم على تفعيل المسلمات الجديدة والانقلاب على تلك المسلمات للأجيال السابقة، عبر تعديل القاموس الذاتي وإدخال الحيوية إلى مدولاتها الجديدة المتناسبة مع طبيعة المرحلة التى يعرفها العالم اليوم، أما الإستراتيجية الثانية والتي سماها بغداد بإستراتيجية الانعكاس، والتي تستند على خضوع وسائل الاعلام إلى المنتوجات الدينية، باعتبارها الأكثر مردودية والأقوى جاذبية للمستهلك، مما يجعلها تحتل المراتب الأولى في الاهتمام من طرف المؤسسات الإعلامية، والانجذاب أكثر نحو الاستثمار في القضايا الدينية، التى تحمل الطبيعة الاستفزازية للشعور الجمعي القائم، في حين إعتبر بغداد أن الاستراتيجية الثالثة تشتغل على المساحة الواسعة من الفراغ القائم في المشهد، والضعف الكبير الذي يعرفه الخطاب الحداثي، الذي لم يتمكن من تقديم البدائل القادرة على احلال العقلانية في الحياة العامة، وانحصاره في المساحات النخبوية التي تفتقد للسند الاجتماعي العام، خاصة ما ينتظر الفضاء الجغرافي من تغيرات دراماتيكية في المستقبل، والتي لا تحمل في مضامينها ما يؤسس لحالات الاطمئنان والهدوء، وهو ما يزيد من حضوض استقواء الخطاب الديني الجديد.

فيما إختتم الدكتور بغداد مداخلته عند بعض المؤشرات ، التي اعتبرها مهمة والمتمثلة في تلك العناصر الجديدة التي فرضت قوة حضورها في المشهد، والتي تجاوزت مستويات الكارزما التقليدية، وتخطت الحواجز الكلاسيكية عندما اعتمدت على الفنيات والتقنيات الاتصالية، التى توفرها التكنلوجيات الاتصالية الجديدة، مما نتج عن ذلك ظهور الاتجاه الفردي في صناعة الخطاب الديني، على حساب المسار الجماعي أو المؤسسة الدينية التقليدية، التي فقدت حاجة الفاعلين الاقوياء وبزوغ سلوكات العزوف عن خدماتها.

عماره بن عبد الله

عن amara

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: