يَا نَشْءُ أَنْتَ رَجَاؤُنَا
صفوة الكلام
للكاتب :عماره بن عبد الله
الحمد لله القائل في كتابه الكريم ” وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى“، بعد طول غياب وإجازة كل كيف له أن قضاها يتجدد اللقاء، أسابيع مليئة بالأحداث من شتئ المجالات فلا حدود للجغرافيا لها يتجدد اللقاء، في المدارس ودور العلم والمعرفة، في دوحة العلم ورياض المعرفة، وميادين التنافس ومصانع الرجال، وساحات البناء وتشييد الأجيال وإعدادها، لكونها هي الامل والرجاء.
إنها لحظات عظيمة نعيشها اليوم رفقة فلذات أكبادنا، ورثة وأحفاد أولئك الافذاذ من أبناء الامة الجزائرية، من المثقفين والعلماء والأطباء والمفكرين وعامة الناس الذين قضوا على يد الاستعمار الفرنسي، وتلك الأعلام الفكرية والعلمية والثقافية التي غادرتنا إلى بارئها في السنوات الأخيرة، وتركت للجزائريين مآثر خالدة، ومما يجب علينا في هذا اليوم الخالد إلا أن نترحم عليهم جميعا، قلت إنها لحظات استثنائية ورائعة، ببداية عام دراسي جديد ملؤه المحبة والصبر والعطاء، بعد إجازة تجدد فيها النشاط وارتاح في نفحاتها الذهن وانتعش من نسيماها الفؤاد، ثم ها نحن نعود عبر طريق معبد، بوجوه أبنائنا المشرقة ونظرتهم المتفتحة، حبا للعلم وتطلعا للمعرفة، وهمة وعزيمة ونشاطا وأملا باسما في مستقبل مشرق بإذن الله.
نعم هكذا هي الأيام تمر بحلوها ومرها وتعبها ولهوها، لكن تبقى ثمرتها ونتيجتها، هكذا هي الدنيا برمتها ستذهب وتزول ونفارقها مكرهين، ثم يلقى الواحد منا ربه مفردا فيسأله سبحانه سؤالا عسيرا عن كل يوم مر به في هذه الدنيا
ثم يجزيه بما كان يقدمه فيها، إن خيرا فخير وأن شرا فشر، فلننظر إخواني إلى حالنا وإيماننا وعلاقاتنا وتعاملنا مع أهالينا ومع بقية البشر، فليكن كل واحد منا ذلك المربي للنشء الباني للأجيال، المقوم للأخلاق والمهذب للنفوس، المحافظ على الأصول والمتفتح على العصر، المدافع عن الهوية الوطنية وعن الوطن.
وها أنا تجدني أتذكر شعرا : يا نشء أنت رجاؤنا وبك الصباح قد اقترب ، بهاته الروائع والدرر كان علماء أمتنا يدفعون الناشئة إلى التعلق والتيتم بحب العلم، لأنهم يدركون معانيه وأبعاده، لكونه حجر الزاوية في بناء اقتصاد الأمم ويساهم في إزدهار الشعوب، وانطلاقا مما تقوم به المدرسة الجزائرية اليوم، من تعليم الأجيال وحثّها على حب الوطن وتقديس العلم والعلماء، فإنه يتوجب علينا جميعا أن نمتثل للمكانة التي يحتلها العالم وصاحب العلم في مجتمعه، لأنه المدرك لرهانات العصر وتحدياته بسلاح العلم والمعرفة، إيمانا وسعيا لتنوير الأجيال القادمة ومنحها دروسا في العطاء، وأخذ العبرة والاقتداء مما قدمته أولئك الافذاذ، في تنوير الشعوب حيث كانت وقود معركة تحرير الجزائر بالأمس من خلال مشايخها، ومواقفها المتينة تجاه قضايا الوطن، لحظة ما دعاهم الواجب لتحرير الجزائر من براثن الاستعمار فلبوا الواجب وخلدوا أسماءهم بماء الذهب في سجل التاريخ.
تلكم هي بعض القيم التي يحتم علينا الواجب وأمانة القلم استحضارها في هذا اليوم، وحتمية التمسك بها خدمة الجزائر، التي ما يسعني في هذا المقام إلا أن أدعوه سبحانه وتعالى أن يشملها بألطافه، وأن ينشر في كل ربوعها السلام والأمن والاطمئنان، فيكون حاضرها مطمئنا ومستقبلها راقيا مزدهرا