حديث وعبر
بقلم الاستاذ إبراهيم بن ساسي
الشّيخ الدّكتور أحمد بن نعمان وحديث عن الهويّة
الشّيخ الدّكتور أحمد بن نعمان من مواليد قرية الخروبة في بلدية تاورقة ولاية تيزي وزو بالقبائل الكبرى سنة 1944 م . ترك الدّراسة ملتحقا بخلايا جيش التّحرير بعد أن استشهد عمّه وأستاذه الشّيخ الشّريف ليلج باب العمل الثّوري بداية من سنة 1958.
وبعد عام ألقت عليه سلطات الاحتلال الفرنسي القبض فأودعته سجن تاروقة ، لكنّه فرّ هاربا من السّجن وقد نجا من موت حقيقي تزامن ذلك مع استشهاد والده محمد رحمه الله
ـــــ بدأ نضاله مسبّلا ثمّ جنديّا بالولاية الثالثة
ـــــ استأنف الدّراسة بعد الاستقلال ليدخل الجامعة سنة 1968 م وينال شهادة ليسانس في الفلسفة سنة 1971 م ـــــ اشتغل موّظفا بجامعة الدوّل العربيّة بالقاهرة ، وهناك ناقش رسالة الماجستير موسم 1978م برسالة أعدّها بعنوان التّعريب في الجزائر
كما نال الدّكتوراه سنة 1982 م برسالة عنوانها { سمات الشّخصيّة الجزائريّة من منظور الأنثروبولوجيا النّفسيّة }
__استقال من وظيفته بعد حادثة كامب ديفيد بين مصر والكيّان الصّهيوني ليعود لبلده
ـــــ وظّف بعد ذلك مستشارا بوزارة الدّاخليّة ، ثمّ مديرا للمعهد الوطني للدّراسات الإستراتيجية الشّاملة برئاسة الجمهوريّة إلى غاية تقاعده سنة 1990 وعمره لا يتجاوز سبعة وأربعين سنة
ـــــ عيّنه فخامة الرئيس اليمين زروال عضوا فرئيسا للمجلس الوطني للّغة العربيّة
ـــــ اشتغل أمينا عامّا للمجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر
ـــــ ونائبا لرئيس الجمعيّة الوطنيّة للدّفاع عن اللغة العربيّة
ـــــ وعضو اتّحاد الكتّاب الجزائريّين
ـــــ وعضو المنظمة الوطنيّة للمجاهدين
ـــــ وعضو المنظّمة الوطنية لأبناء الشّهداء
ـــــ حاز على شهادة عبد الحميد بن باديس من المنظّمة الإسلاميّة للتّربيّة والثّقافة والعلوم بالرّباط سنة 1992
ـــــ عضو الجمعيّة العربية للعلوم السياسية
ـــــ منذ تقاعده تفرّغ للبحث والتأليف ، حاضرا ومحاضرا في النّدوات والملتقيات المحلية والدولية .
من مؤلّفاته الكثيرة هذه العناوين :
ــــ فرنسا والأطروحة البربريّة
ــــ جهاد الجزائر
ــــ أبو القاسم سعد الله
ــــ حزب البعث الفرنسي
ــــ نفسيّة الشعب الجزائري
ــــ تأمّلات ومواقف
ــــ التّعريب بين المبدأ والتّطبيق
ــــ اطلبوا والوطنيّة ولو في فرنسا المحاضرات
ــــ مولود قاسم نايت بلقاسم
ــــ مصير وحدة الشّعب الجزائري
ــــ كيف صارت الجزائر مسلمة عربيّة
ــــ الهويّة الوطنيّة
ــــ الرّدود العلميّة على الأطروحات العرقيّة وتعدّد الهويّة في الجزائر
ــــ التّعصب والصّراع العرقي والدّيني واللّغوي
ــــ حوارات ومقابلات صحفيّة
ــــ اشهدي يا جزائر
ــــ مستقبل اللغة العربيّة.
التقيت بالدّكتور الباحث المفكّر أحمد بن النّعمان مرّات وسمعت محاضراته ومداخلاته وتعقيباه من خلال عدّة ملتقيات أهمّها ملتقيات ومجالس جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين
وقد أهداني كتابين من مؤلّفاته
عرفت فيه الجديّة والصّراحة لا يخاف في الله لومة لائم ، وكأنّي به متأثّرا بالشّيخ الوزير المرحوم إن شاء الله مولود قاسم نايت بلقاسم في نبراته ونظراته وصيحاته خصوصا حين يكون الحديث عن الهويّة والثّوابت الوطنيّة واللّغة العربيّة الّتي لا تغادر لسانه ، وهو الّذي حارب النّزعة البربرية الّتي اعتمدت الحرف اللّاتيني بدل الحرف العربي ، ومما
سمعته يردّده مرارا قوله : [ إنّ الهويّة في السّاحة الجزائريّة والمغاربيّة والعربيّة عموما في الاتجاه العمودي التّاريخي في الزّمان هي أمازيغية عربيّة إسلاميّة أو بابليّة عربيّة إسلاميّة أوفرعونيّة عربيّة إسلاميّة ، أو كنعانيّة عربيّة إسلاميّة ، ولكنّها في الاتجاه الأفقي في المكان هي عربيّة إسلاميّة فقط ، وأي طرح غير هذا لن تكون له نتيجة غير تمزّق الوطن الواحد والقطر الواحد وتفكّك وحدته إلى شتات وتشرذم لا حصر لها من الهويّات والقوميّات ، وذلك لأنّ اللّغة الوطنيّة والرّسميّة في نفس المكان والزّمان هي عنوان السّيّادة ، ومرآة السّيّاسة والهويّة الموّحّدة ، وهذه الأخيرة لا تقبل التّعدّد على الإطلاق ]
فعلا بهذه النّظرة الوسطيّة لموضوع اللّغة والهويّة يكون الخطاب الجامع فاللّغة العربيّة ما كانت يوما لتحلّ محلّ لهجات القوم أو تلغيها ، ولكنّها جاءت لتبعث الرّوح في النّفوس المؤمنة الّتي فتح الإيمان جنبات قلوبها فاعتنقت طواعيّة هذا الدّين