صالح وموريس
مع صناع الحياة
بقلم الأستاذ إبراهيم بن ساسي
صهري الحاج عبد القادر مدقّن رحمه الله، رجل فقيه ممّن حفظوا متون الفقه والنّحو ودواوين الشّعر، درس القانون وامتهن القضاء أكثر من ثلاثة عقود، وهو عضو اللجنة الوطنيّة المتساويّة الأعضاء التي أوكلت لها الدّولة صيّاغة قانون الأسرة الجزائري واستنباط تأصيلاته من الشريعة الإسلاميّة بداية الثمانينيّات ضمن كوكبة نصفها من رجال الفقه والنّصف الآخر من رجال القانون، له كتابان مطبوعان في هذا الشّأن قانون الأسرة في الجزائر وآخر حول الفرائض والتّركات، وتقديرا لجهاده ضد المحتل الفرنسي، سميت باسمه ثانوية في بلدة بوعامر ببلديّة ورقلة.
حدّثني يوم 10 من فبراير سنة 1989م فقال: كنّا في السّابق نتعاطى الأدب خلال وظائفنا وفي مسامراتنا، وأذكر هنا حادثة طريفة عشتها نهاية الخمسينيّات في محكمة وادي سوف، فبينما كنّا نستعدّ صباحا لنبدأ جلسات المحاكمة قال رئيس المحكمة: ما رأيكم لو افتتحنا هذا اليوم بشعر جديد لم يتجاوز اليوم أو اليومين، فوجم الحاضرون وساد الجلسة سكوت مهيب إلى أن رفع الأديب المجاهد الشّهيد محمد الأمين العمودي رحمه الله رأسه وقال: لقد رزق الله أحد أصدقائي بولد من زوجته الفرنسيّة فقلت فيه البارحة هذه الأبيات ـ ويقصد الدّكتور سعدان رحمهما الله جميعا:
حيّ الدّكتور ولا تنس قرينته | فهو سليمان والمـــــــــادام بلقيـس |
|
له غلام أطال اللـه غرّتـــــــــــــــــــه |
تنازع العرب فيـه والفـــــــــــرنسيس |
|
لا تعذلوه إن خــــــان أمّتـــــــــــــــــه |
فنصفه صالح والنّصف موريس |
وصدق الشّيخ عبد القادر مدقّن فقد امتاز أسلافنا بثقافة عالية حفظوا القرآن ومتون الشّعر ومعلقاته، وتمكّنوا من اللّغة ففقهوها واغترفوا من بحر الحكم والأمثال وأقوال العرب ودررهم، فامتلكوا بذلك ثروة علميّة وأدبيّة سبروا من خلالها العلوم والمعارف، وهو ما يفتقده أبناء هذا الجيل الذين تعّلقت هممهم بالشهادات والإجازات ففاتهم الخير الكثير.