يحتفل الشعب الجزائري هاته الايام بالذكرى 56 لنيل الاستقلال والسيادة الوطنية بعد 132 سنة من الاحتلال واستغلال الثروات الطبيعية والبشرية للبلاد من المستعمر الفرنسي، ويعد عيد الاستقلال مناسبة للترحم وعرفانا لأولئك الذين وهبوا أنفسهم ودمائهم الزكية الطاهرة فداءا للوطن، كما أنه مناسبة وذكرى لأخذ العبر والدروس في التضحية والفداء، هذا الاستقلال الذي يعد أسطورة لم يعرف لها العالم مثيلاً، هذه الملحمة هي عبارة عن أسطورة وحكاية طويلة الفصول حزينة الأحداث.
وفي خضم الاحتفالات المخلدة التي يأتي شعارها “العهد بالعزة والكرامة لجزائر البناء”، والتي تأتي بعد أكثر من نصف قرن في صورة مغايرة لصور السنوات الأولى، بفضل جملة الإنجازات والمشاريع في عديد المجالات كان للجديد اليومي لقاء مع أحد مسؤولي الولاية المنتدبة تقرت، التي تعرف نشاط تنموي كبير وبوتيرة سريعة ذات إدراك واستشراف من قبل المسؤول وما يتميز به من علاقات راقية بشريكه في التنمية ألا وهو المواطن، السيد نور الدين سلامي رئيس دائرة المقارين فتح قلبه للجديد فكان لها معه هذا الحوار الراقي.
حاوره: عماره بن عبد الله
الجديد اليومي: الجزائر اليوم تحتفل بالذكرى ال 56 لعيد الاستقلال والشباب في صورة مغايرة تماما لتلك التي كانت عليها عند خروج الاستعمار الفرنسي من أرض الوطن، لان الذي لم ير المدن الجزائرية منذ ذلك الوقت لا يستطيع التعرف عليها بعد هذه المدة بفضل الإنجازات الضخمة التي ترجمتها المشاريع المنجزة في مجالات عديدة ومتعددة، ماذا يضيف السيد رئيس الدائرة في هذا الموضوع؟
سلامي: بالتأكيد فإن جزائر اليوم تختلف تماماً عن جزائر الستينات ، بداية ببناء أركان دولة عصرية ديمقراطية التسيير مرجعيتها سيادة الشعب ، ومن هذا المنطلق فإن مختلف نماذج التنمية المعتمدة و المخططات الضخمة التي تم تجسيدها كان هدفها تحسين الإطار المعيشي للمواطن و بناء دولة قوية بشعبها مرتبطة بماضيها متمسكة بثوابتها وتواقة إلى التحضر و العصرنة، ولعل أهم مؤشر على ذلك الاستمرار في تجسيد البرامج ذات الطابع الاجتماعي رغم الضائقة المالية التي مرت بها البلاد بدعم قوي من فخامة رئيس الجمهورية ، و كذا إعادة بعث صندوق تنمية مناطق الجنوب و الهضاب العليا الذي ساهم بشكل كبير في النهوض بالتنمية على مستوى هذه المناطق و القضاء على الاختلالات المجالية في تهيئة الإقليم الناتجة عن خصوصيات طبيعية و جغرافية و تاريخية، وبذلك تم تشييد المؤسسات الصحية و تعميم الهياكل التربوية و المنشآت ذات الطابع الاجتماعي في المدن والتجمعات الحضرية تماما كما في القرى والمداشر مع إنجاز ملايين السكنات و خلق مدن جديدة أكثر تحضراً و تماشياً مع العصر.
الجديد اليومي: بعد أن إفتك الجزائريون الاستقلال الوطني، كانت مهمة القادة في تلك الآونة شاقة، خاصة وأن فرنسا تركت وراءها خزائن فارغة غير قادرة على التكفل بالحاجيات الهائلة لاسيما الاجتماعية منها لأمة ناشئة عانت من ويلات الأمية وكل أشكال الطمس لمعالمها الدينية، وقد شرع القادة الجزائريون بطريقة براغماتية في بناء الصرح الاقتصادي الوطني الذي ناهز 56 سنة منذ الاستقلال الوطني …أنتم السيد رئيس الدائرة باعتباركم تشرفون على تسيير دائرة عريقة تاريخيا وبها إحياطي فلاحي كبير وقوة ديمغرافية وشبانية معتبرة كيف تصفون لنا واقع التنمية بدائرة المقارين؟
سلامــي: بالنسبة لدائرة المقارين ببلديتها المقارين و سيدي سليمان ، فإن واقع التنمية بها يعرف منحى متصاعداً على اعتبار أنها امتداد طبيعي لمنطقة تقرت الكبرى التي لها من العراقة و المؤهلات ما يميزها عن بعض المناطق الأخرى من الوطن، فالإمكانيات المالية المتاحة للبلديتين تمكن من الاستجابة لمختلف التطلعات المعبر عنها من قبل المواطنين بفضل مختلف الميزانيات المرصودة المركزية منها كالبرامج القطاعية و صندوق تنمية مناطق الجنوب و صندوق الضمان و التضامن للجماعات المحلية أو المحلية كميزانية الولاية و إعانة بلدية حاسي مسعود ، فالرهان كان قائما على حسن تحديد نموذج التنمية الذي يناسب المنطقة و يلقى القبول و الإشادة من قبل الساكنة ، و بالتالي فإن تركيزنا انصب على الاستثمار في المؤهلات الخاصة محلياً خصوصاً الفلاحة و التنمية الريفية ، و بذلك فقد تم إنشاء و توزيع مئات الهكتارات التابعة للأملاك الخاصة للدولة في إطار سياسة الدولة المبنية على التنمية الفلاحية عبر استصلاح الأراضي الصحراوية و توسيع المساحات المسقية عن طريق الاستصلاح أو الامتياز الفلاحي، هذه الإجراءات كان لها الوقع الإيجابي نسبياً من حيث فتح مناصب شغل في المجال الفلاحي و كذا تنمية المنطقة و الرفع من مساهمتها وطنياً في إنتاج التمور والمنتوجات الحقلية التي أبانت فيها عن مردودية معتبرة، علاوة على ذلك ، كان للمنطقة حصتها في مجال ترقية الاستثمار الخاص وتعزيز العرض من حيث العقار الصناعي بإنشاء مناطق نشاطات عبر البلديتين، وتسهيل إجراءات منحها للمستثمرين الجادين وهو ما تكلل بإنجاز وحدات صناعية محترمة دخلت الإنتاج و ساهمت في امتصاص البطالة و إضفاء حركية صناعية و تجارية.
الجديد اليومي: تجسيدا لمبدأ الديمقراطية التشاركية وعملا بتعليمات فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الرامية إلى تقريب الإدارة من المواطن واشراكه في التسيير وإبراز دوره في تحقيق التنمية المحلية أين وصل العمل بهذا المبدأ على مستوى دائرتكم مع الاستدلال ببعض النماذج الرائدة في هذا المجال؟
سلامي: منذ تنصيبنا على رأس الدائرة ، وضعنا نصب أعيننا إشراك المواطن في تسيير شؤونه المحلية كخارطة طريق لا يمكن الحياد عنها لسببين أولهما أنها تشكل مبدءًا دستوريا كرس بفضل إصلاحات فخامة رئيس الجمهورية، الرامية إلى تعزيز الثقة بين الدولة ومواطنيها و ثانيهما أنها تنطلق من قناعة شخصية راسخة لدينا بأن أي تنمية يجب أن تبنى وفق رؤية و نموذج يحدده المتلقي لضمان نجاحه، و بالتالي فإن وضع الآليات الكفيلة بالتواصل اليومي مع المواطنين شكل أولوية أولوياتنا في بداية مشوارنا بالمنطقة، حيث حرصنا على الزيارات الميدانية المكثفة والوقوف على ورشات إنجاز المشاريع المختلفة و كسر كل الطابوهات المرتبطة بالبيروقراطية الصماء مع الاستثمار في كل وسائل الاتصال المتاحة لا سيما التكنولوجيات الحديثة و الفضاء الأزرق الذي كسر كل الحواجز و مكن من إيصال الآراء و الانشغالات بكل حرية ، و الحقيقة فإن تفاعل المواطنين مع هذه التلقائية في التسيير والاستمرارية في التواجد و الاطلاع على انشغالات المواطنين كان إيجابياً لأبعد الحدود، ومكننا في ظرف قياسي من الإلمام بتفاصيل و خصوصيات الإقليم و بالتالي إتخاذ القرارات اللازمة و الملائمة في الاتجاه الصحيح.
الجديد اليومي: شكرا السيد الرئيس على كرمكم وسعة صدركم وتحملكم رغم وقتكم الثمين، ممكن كلمة أخيرة لمواطني دائرة المقارين ولقراء جريدة الجديد.
سلامي: أخيراً أشكر طاقم الجريدة المحترم على هذه الاستضافة وأنتهز الفرصة لأحيي الشعب الجزائري ومواطني دائرة المقارين خصوصاً بعيد الاستقلال المجيد متمنياً من المولى العلي القدير أن يديم عز الجزائر ويحفظ أمنها وأن يرحم شهداءنا الأبرار.