يهدف مشروع القانون المتعلق بالصحة الذي سيعرضه وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، مختار حسبلاوي، اليوم الأحد أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، إلى “تدعيم الخدمة العمومية للصحة واستغلال أفضل لقدرات القطاع الخاص”.
وتضمن نص مشروع القانون أحكاما ترمي إلى جعل الحصول على الخدمة العمومية للصحة “سهلا وأكثر نجاعة” مع ضمان “استغلال أفضل لقدرات القطاع الخاص وعروض العلاج التي يقدمها قصد التكفل بالمواطنين في أحسن الظروف”، وذلك عبر إدراج “عدد من الإصلاحات الضرورية لتتماشى مع التطورات التي عرفها المجتمع الجزائري وما ترتب عنها من أعباء جديدة على عاتق الدولة تفرض البحث عن مصادر جديدة في مجال الموارد”.
ومن أهم الإصلاحات التي جاء بها المشروع، “تدعيم حقوق المواطنين في إطار مجانية العلاج وإنشاء لجنة للوساطة والمصالحة مع تطوير التنظيم الصحي عبر إقامة الخريطة الصحية ومخطط التنظيم الصحي”.
وتهدف هذه الخريطة إلى “التنبؤ بالتطورات الضرورية من أجل تكييف عروض العلاج والتلبية القصوى لاحتياجات الصحة وتحديد تنظيم منظومة العلاج وشروط ربط مؤسسات الصحة بالشبكة”، حيث تحدد الخريطة موقع المنشآت الصحية والتنظيم الصحي على المستوى الجهوي، حسب ما جاء في المادة 280.
أما مخطط التنظيم الصحي فيهدف حسب المادة 281 إلى “تفعيل تكييف وتكامل عروض العلاج والتعاون بين مؤسسات وهياكل الصحة ويؤسس مخطط وطني ومخططات جهوية للتنظيم الصحي”.
ويدعم المشروع دور القطاع الخاص كقطاع “تكميلي” للقطاع العمومي، حيث يخضع إنشاء الهياكل الاستشفائية الخاصة إلى “المقاييس المحددة في الخريطة الصحية” وإلى “ترخيص الوزير المكلف بالصحة” الذي يمكن أن يرخص لمؤسسات خاصة مكلفة بضمان مهمة خدمة عمومية حسب المواد 316، 317 و321، وتلزم المادة 323 هذه المؤسسات الخاصة بـ”احترام التنظيم في مجال إعلام الجمهور والأسعار المتعلقة بالنشاط العلاجي”، وتسمح المادة 325 للوزير والوالي “الغلق المؤقت أو النهائي لكل هيكل أو مؤسسة خاصة بناء على تقرير المصالح المختصة”.
وتضبط المواد من 326 إلى 330 أشكال وكيفيات التعاون والشراكة بين هياكل ومؤسسات الصحة من خلال “التوأمة أو الرعاية أو تجمع مؤسسات الصحة أو اتفاقية خدمات تقدمها هيئات أو ممارسون طبيون وطنيون”.
ويتضمن مشروع القانون أحكاما تهدف إلى تنظيم النشاطات الطبية التي ستكون من اختصاص ومسؤولية الوزير المكلف بالصحة وتسلسلها عبر إدراج الطبيب المرجعي وتقديم العلاج والاستشفاء بالمنزل، حيث تنص المواد 290 إلى 297 على أن مؤسسات الصحة تضمن خدمات الوقاية والتشخيص والعلاج والرعاية التلطيفية وإعادة التأهيل بالإضافة إلى تقديم علاجات أولية وثانوية وذات المستوى العالي، حيث يتم ضمان الرعاية التلطيفية على مستوى هذه المؤسسات وبالمنزل.
وينص مشروع القانون على إعادة تهيئة المؤسسة العمومية للصحة بمنحها القانون الأساسي للمؤسسة العمومية ذات التسيير الخاص، مع تأسيس جهاز لتقييم هياكل ومؤسسات الصحة والتدقيق فيها من خلال إنشاء وكالة وطنية وكذا تدعيم وتوسيع سلطات المراقبة والتفتيش.
ويكرس النص القانوني، صفة الموظف بالنسبة لمهنيي الصحة في الهياكل والمؤسسات العمومية، مع ترقية الممارسات الحسنة للنشاطات الطبية وإلغاء النشاط التكميلي و/أو المربح، والتركيز على “التنظيم العقلاني والعادل” في أداء الخدمة المدنية المنصوص عليها في المادتين 205 و206 حيث يخضع الممارسون المتخصصون “لأحكام القانون رقم 84-10 المؤرخ في 11 فبراير 1984”.
ويولي المشروع أهمية لعصرنة المنظومة الوطنية للصحة عبر إدراج أدوات تسيير عصرية وتكنولوجيات جديدة لا سيما إنشاء البطاقة الالكترونية للصحة وتأسيس الملف الطبي الالكتروني للمريض، وتنص المادة 465 على أن الهياكل والمؤسسات الصحية “يجب أن تحتفظ بالملفات الطبية للمرضى قبل تأسيس الملف الطبي الوحيد”.
كما يتضمن إحداث منظومة الإعلام الصحي التي تدرج المعطيات الصحية وتخطيط وتسيير الموارد البشرية والمادية والمالية بالاعتماد على التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال.
ضبط قواعد زرع الأعضاء والمساعدة الطبية على الإنجاب
ومواكبة للمتغيرات الجديدة، ينص مشروع قانون الصحة على إدراج ترتيب يتعلق بأخلاقيات طب الأحياء، يضبط القواعد المرتبطة بزرع الأعضاء والأنسجة والخلايا البشرية وكذا المساعدة الطبية على الإنجاب والتبرع بالدم والدراسات العيادية، كما تنص المادة 356 على إنشاء “مجلس وطني لأخلاقيات وعلوم الصحة لدى الوزير المكلف بالصحة، يكلف بتقديم آراء وتوصيات حول مسائل الأخلاقيات والأخلاق”.
وفي هذا السياق، تمنع المادة 375 أن يكون “نزع الأعضاء والأنسجة والخلايا البشرية وزرعها محل صفقة مالية”، وتسمح المادة 376 لزرع هذه الأعضاء من “متبرع حي تربطه قرابة عائلية بالمتلقي”، فيما تمنع المادة 378 نزع الأعضاء من أشخاص متوفين “إلا إذا عبر الشخص المتوفي عن موافقته صراحة وكتابيا خلا حياته”، أو “بموافقة أحد أعضاء أسرته حسب ترتيب الأولوية”، وتمنع المادة 380 أن يكون “الطبيب الذي قام بمعاينة وإثبات وفاة المتبرع من الفريق الذي يقوم بالزرع”.
وبخصوص الأحكام المتعلقة بالمساعدة الطبية على الإنجاب، فتشترط المادة 388 أن يقدم الزوجان طلبا كتابيا في هذا الشأن، فيما تنص المادة 389 على أن الأعمال العيادية والبيولوجية “تتم من قبل ممارسين معتمدين في مؤسسات أو مراكز أو مخابر مرخص لها بممارسة ذلك”، وتخضع هذه المؤسسات لمراقبة المصالح الصحية المختصة ويتعين عليها -حسب المادة 391- “إرسال تقرير سنوي عن نشاطاتها للسلطة الصحية المعنية”.
وفيما تحدد المادة 392 عدد الأجنة الواجب نقلها بثلاثة أجنة، تمنع المادة 393 “التبرع والبيع وكل شكل آخر من المعاملة المتعلقة بالحيوانات المنوية، البويضات، الأجنة الزائدة عن العدد المقرر والسيتوبلازم”، كما تمنع المادة 394 “كل استنساخ للأجسام الحية المتماثلة جينيا فيما يخص الكائن البشري وكل انتقاء للجنس”.
وبخصوص المواد الصيدلانية، تنص المادتان 232 و233 من مشروع قانون الصحة، على “إنشاء وكالة وطنية للمواد الصيدلانية”، وهي “مؤسسة عمومية ذات تسيير خاص تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتوضع تحت وصاية الوزير المكلف بالصحة” ومن بين مهامها “مراقبة الجودة والقيام بالخبرة واليقظة وإحصاء الآثار غير المرغوب فيها المترتبة عن استعمال المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية”.
للإشارة فإن مشروع قانون الصحة الذي يتضمن 470 مادة، أخذ بعين الاعتبار نتائج وتوصيات الملتقى الوطني حول المنظومة الوطنية للصحة خلال العشريتين الأخيرتين.
رشيد.ع