لأول مرة في الحياة الهيكلية لحزب جبهة القوى الاشتراكية يتم الاحتكام إلى الانتخابات للفصل بين قائمتين تمثلان تيارين يتجاذبان الحزب منذ فترة طويلة، بدل تقليد الإجماع الذي عوض غياب الكلمة الأخيرة للزعيم المرحوم حسين آيت أحمد.
علي لعسكري ومحند أمقران شريفي هما المهندسان الأساسيان لهذا التطور داخل أقدم حزب معارض في الجزائر، الأول بحكم قربه من القواعد النضالية في المعقل التقليدي للحزب، أي منطقة القبائل، والثاني بحكم قربه من دوائر القرار ومن ثمة اطلاعه على ما يدور في أعلى هرم الدولة بالنظر لمناصب المسؤولية التي تولاها منذ عهد الرئيس بومدين.
والخاسر في معركة المؤتمر الاستثنائي هم من يوصفون ب”الديوان الأسود” فيتكون من شباب تمت ترقيتهم بسرعة إلى أعلى المراكز القيادية داخل الأفافاس مستفيدين من الفراغ الذي خلّفته حملات الاقصاء الكثيرة التي طالت الأفافاس. ما سمح لهؤلاء الشباب الملتفين حول من يقال أنهم “يشرقون الشمس وينزلون المطر” في الأفافاس. وهؤلاء هم أبناء عائلة بالول الذين تربطهم علاقة عائلية بالمرحوم آيت أحمد ومن ثمة كل من يريد النجاة من الاقصاء عليه أن يكسب ودهم.
مهما كانت صحة ما ينسب لكريم وعزيز بالول وكذا الصحفية المخضرمة والنائب الحالي عن العاصمة سليمة غزالي المستفيدة هي الأخرى من قربها من آيت أحمد في فترة التسعينيات التي تخلى فيها الكثيرون عنه، يبقى التغيير الحاصل في الأفافاس منذ الجمعة هو مؤشر على تحرك الخطوط في المشهد السياسي الجزائري عامة. وتكون المعركة الحقيقية قد انطلقت بداية من صباح الأمس لترتيب أوراق المؤتمر العادي المرتقب منتصف العام القادم، أي أسابيع قليلة قبل موعد الرئاسيات. وقد يؤجل إلى ما بعد الرئاسيات لدواعي تقنية، لكن عندما سيحسم أصحاب القرار موقفهم من رئاسيات 2019 ، ستصبح المعركة في الأفافاس محسومة أيضا أو خالية من الرهانات ومن ثمة ستكون الفرصة مواتية من أجل العودة إلى نقطة الصفر المتمثلة في الإجماع.
وفي كل الحالات فوز قائمة علي لعسكري ومحند أمقران شريفي في المؤتمر الاستثنائي بعثت الأمل لدى قواعد الأفافاس في رؤية حزبهم يخرج من الثلاجة، خاصة أن عودة المناضلين القدامى هي إحدى الأوراق التي استثمر فيها علي لعسكري حين أعلن سقوط الإجماع داخل الأفافاس بتقديم استقالته من الهيئة الرئاسية و تقلص عدد أعضائها بذلك إلى إثنين فقط بدل خمسة في بداية عهدتها.
أكرم.س