العمل للأطفال هو متعة في حد ذاته، لان الطفولة هي الخطوة الأولى نحو المستقبل

حوار : ق/ث

 

أكد الكاتب اللبناني طارق البكري إن وزارة الثقافة في الجزائر قامت منذ سنوات بطباعة حوالي 300 قصة من قصصه ووزعت مجانا للأطفال.. وإنه يركز على الانطلاق من الهوية والقيم عند الكتابة للطفل، مشجعا الكتاب في الدول التي تعرف حروبا وجوعا على الاستمرار في الكتابة والنشر للمساهمة في مسح الحزن عن وجه الطفل المهجر والمشرد.. “وقت الجزائر” التقته عند مشاركته في ملتقى “الإتحاف” الأدبي ببسكرة، الذي اختتمت فعالياته أمس، وكان لها معه هذا اللقاء..

  • تعتبر أفضل كاتب قصة قصيرة في الوطن العربي، إذ لديك حوالي 500 قصة موجهة للطفل.. لماذا هذا الدرب؟
    * طارق البكري : العمل للأطفال هو متعة في حد ذاته، وله خصوصية عند أي إنسان يخاف على الطفل وعلى مجتمعه وعلى أمته وعلى المستقبل، لان الطفولة هي الخطوة الأولى نحو المستقبل وبناء أي أمل لنا في تغيير الواقع الذي نأمل أن نحقق به أقصى ما نستطيع من آمال، وأيضا نحو بناء فكري وإنساني وتوعوي..الخ. اذكر أن وزارة الثقافة في الجزائر قامت منذ سنوات –مشكورة- بطباعة حوالي 300 قصة من قصصي في 6 مجلدات، حوى كل منها 50 قصة للأطفال، على نفقة وزارة الثقافة الجزائرية وتم توزيعه مجانا للأطفال. وهناك قصص أخرى نشرت لي في الجزائر ومنها “الأبيض لا يليق بكم”، طبعت في دول عدة، وكانت هناك طبعة خاصة بالجزائر، عن دار “أجنحة”، وهي آخر رواياتي للناشئين..
  • هل تمت ترجمتها إلى لغات أخرى؟
    * طارق البكري : نعم، تمت ترجمة بعض قصصي القصيرة إلى الفرنسية والانجليزية والروسية والكردية والاسبانية، وهناك كتاب يحمل عنوان “سر الحقيبة”، موجه للناشئة، تمت ترجمته في المغرب إلى الفرنسية. بالنسبة لي، فأنا اهتم أيضا بالناشئة العربية، وارى أن الكتب الأجنبية موجودة بكثافة، ونحن لا نضيف للكتب الغربية لأن محتواها قد لا يلائم كثيرا الطفل العربي، وان كان الأدب عاما، والذائقة عامة، لا خصوصية لها في بلد ما، ولكني أركز دوما على الانطلاق من قيمنا العربية الإسلامية.
  • هل هناك صعوبة في تصدير القصص العربية الموجهة للطفل إلى الدول الأجنبية وتسويقها فيها؟
    * طارق البكري : لا اهتمام لي بهذا الموضوع، احرص على أن يقرأ الطفل العربي وأن أوفر له أكبر قدر ممكن من القصص له، ولا هم لي في الوصول إلى العالمية أو انتشار قصصي، هذا أبعد من فكرتي، لأني أهتم أكثر بتوفير وجبات تربوية وتوعوية هادفة تلائم الفكر العربي. إذا ترجم أهلا وسهلا، وإلا فلا مشكلة لدي.
  • في فرنسا مثلا، هناك رقابة مشددة على القصص الموجهة للطفل الوافدة من دول أجنبية، ولجان خاصة للتدقيق في تلك القصص إذا كانت قادمة من دول معينة.. نحن في الوطن العربي هل نملك مثل هذه الرقابة؟

* طارق البكري : طبعا، كل الدول تمارس مثل هذه الرقابة، خاصة بالنسبة إلى الكتب التي توزع في المدارس ومعارض الكتاب، في الكثير من الدول العربية، وإذا كان هناك ما يناقض الأسس الدينية أو الفكرية والمعتقدات عامة، فستمارس الرقابة، كما أننا كتربويين لا نفضل الكتابة باللهجات المحكية، المحلية، لتكون الرسالة موجهة إلى كل الأطفال بدون استثناء. رقابتنا مختلفة، هي لا تمنع بل تختار. في العالم العربي هناك مشكلة التمويل، لأن كتاب الطفل غير منتج عموما والناشر يبحث عن مصلحته، عكس الكتاب الغربي الذي تدعمه الحكومات، ويطبع منه الناشر بالملايين.

  • في قصص الأطفال يتماهى الطفل في دفقات عالية من الخيال يعيشها في خياله، ثم يعود إلى واقع قد يكون صعبا..
    * طارق البكري : يمكن أن نصنع لكل طفل ما يناسبه، تبقى القصة فنا له تميزه، وكل طفل يمر بظروف، لكن الخيال مفيد للخروج من الواقع للتسلية والتعليم والتوجيه وصناعة الفكر، دون التوقف عند الخصوصيات الشخصية، فالوطن العربي يعج بالمشاكل، وهناك ما عالجها من كتب، خصوصا تلك المناطق التي تعرف حروبا وجوعا. لا نستطيع أن نقول أن الخيال قد بسبب للطفل انفصاما عن الواقع، الطفل الجائع لا يستطيع أن يقرأ، وإذا كان الطفل في بعض البلدان مهجّرا ومشردا نتيجة الحروب لا نستطيع أن نقول له اقرأ كتابا بينما لا يجد رغيفا.. نحن نعيش هذه المعاناة ككتاب، ورغم ذلك هناك محاولات لتوصيل الكلمة، وهناك محاولات جرت في دول عربية وحتى في هذه الدول التي تعرف الحروب، هناك من يحاول إصدار الكتب، وهناك ناشرون أصدقاء لنا في تلك المناطق، يتحدون الواقع بالكتابة والنشر، لا نريد أن نزيد الأطفال حزنا.

ماذا عن الأطفال الذين لا يستطيعون التعامل مع اللغة، لسبب ما، هل تتم الكتابة لهم؟
* طارق البكري : هذه حالات خاصة، لا نستطيع أن نقول بأدب للمعاقين أو أدب المرأة أو أدب الرجل.. الأدب أدب واحد، هناك أدب للأطفال سواء كان معاقا أو سليما، لكن لكل شريحة عمرية نمط معين من الكتابة، وان كانوا يقرأون لبعضهم.. نحن الكبار نستمتع بقراءة قصص الأطفال، أما أصحاب المشكلات القرائية، أو الذين تتعامل بيئاتهم ومدارسهم مع لغات أخرى كالفرنسية والانجليزية، فهناك حلول، وبعض العرب الموجودين في بريطانيا مثلا يحاولون اقتناء قصص بسيطة لأبنائهم باللغة العربية كي يبقوهم على تواصل مع هذه اللغة، يمكن لشاب هناك أن يكون عمره 17 سنة ويقرأ قصة موجهة لطفل عمره 6 سنوات، نتيجة لمثل هذه المشاكل.

عن ahmed

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: