تواصلت نشاطات منتدى جنان الصباط الثقافي بفندق ترانزات القديم (وسط المدينة)(الوادي) وبالتنسيق مع الجمعية الثقافية الوطنية محمد الأمين العمودي (المكتب الولائي بالوادي) وكان اللقاء ككل يوم السبت مع المهتم بالتراث الشعبي الأستاذ بن علي محمد الصالح وذلك بمداخلة قيمة تزامنت مع العيد العالمي للمرأة بعنوان الصورة النمطية للمرأة في المأثورات الشعبية بحضور نوعي من الأساتذة والمثقفين والأدباء .
وقد أشرف على تنشيط مجريات المنتدى كل من الأستاذين يحي موسى وعبد الغني عوينات رئيس المكتب الولائي (الوادي) للجمعية الثقافية الوطنية محمد الأمين العمودي مرحبا بالأستاذ المحاضر بن علي محمد الصالح وأثنى على تفانيه وجهوده المعتبرة في ابراز تاريخ وادي سوف التراثي والثقافي وعلى مؤلفاته القيمة في هذا المجال وشاكرا في نفس الوقت السادة الحضور على تلبية الدعوة ووفائهم الدائم تشجيعا وعرفانا منهم لمنتدى جنان الصاباط الثقافي، متطرقا إلى الأهمية القصوى لطرح هذا الموضوع الحساس الذي يتعلق بالمرأة وما أدراك ما المرأة في حياة الشعوب والمجتمعات ماضيا وحاضرا ومستقبلا، وبعد ذلك مباشرة أحيلت الكلمة لمداخلة الأستاذ المحاضر الذي عبر عن سعادته وامتنانه بتواجده أمام هذا الجمع الكريم ، الذي إن دل على شيء فإنما يدل على مدى اهتمام مثقفي ولاية الوادي بالتراث الشعبي والثقافة العريقة للمنطقة التي تمتد جذورها في أعماق التاريخ ، وذلك من خلال منتدى جنان الصاباط المميز معرجا على تسليط الضوء على نمطية المرأة وزادها التاريخي في المأثورات الشعبية والمتمثلة في إتباع منهج ونمط معين في قالب معين في فترة وحقبة محددة في الزمان والمكان، متكيفا مع الحياة المعيشية والبيئية التي يغلب عنها طابع البداوة والصحراء والتي غالبا ما تحكمها العادات والعرف وليست مقيدة بالدين والتدين ويختلف مفهوم مكانة المرأة في التراث الشعبي السوفي حسب طبيعة العلاقة في نظرته إليها كأم وأخت وزوجة وأرملة وعانس وكمطلقة وبنت.
ففي المجتمع القديم كانت نظرتهم للأنثى نظرة جاهلية قال تعالى” إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسود وهو كظيم” صدق الله العظيم، وتعتبر الأنثى عندهم كأنها وصمة عار وأن الولد الذكر هو بمثابة زيادة في الكسب والرزق والدخل من منظور اقتصادي ورمز للقوة والحماية والشجاعة والإقدام في حماية الأسرة وخوض المعارك والذود عن القبيلة من الأعداء عكس البنت التي في اعتقادهم بأنها مجرد خادمة وجارية لا يرجى منها أي فائدة على الإطلاق وليس لها حقوق وتبقى تحت رحمة وسلطة الرجل المستبد إلا ما رحم ربي، لا رأي ولا حرية الفكر والتعبير ومن خلال وصف المرأة في المأثورات في المأثورات الشعبية بوادي سوف ، استطرد الأستاذ بن علي محمد الصالح قائلا بأن خصوصية المنطقة وطبيعة البيئة الصحراوية لها تأثيراتها وانعكاساتها على حياة المرأة ونظرة المجتمع لها بصفة خاصة وكيفية تعاملاته معها، فنجد المرأة مثلا كأم لها مكانتها العالية والمحترمة والمقدسة، أما هي كزوجة فهناك مالها وما عليها من انتقادات لاذعة أحيانا وأخرى ممدوحة حسب وضعيتها ونسبها وتصرفاتها في بيت الزوجية الذي يأويها وكذلك مثله بالنسبة للأخت والابنة والخالة والعمة، أما عن المعاملة القاسية والنظرة السيئة التي لم يرحمها المجتمع في التراث الشعبي والشبه المغضوب عليهم عندهم هي فئة النساء المطلقات والعوانس والضرائر وامرأة الأب اللاتي يعانين الأمرين ويضرب بهن المثل في معايرتهن وتهميشهن ومن هضم لحقوقهم، فلا حظ لهن ولا قيمة مهما كانت درجة أخلاقهن أو مستواهم فهي فئة مظلومة كثيرا في المجتمع، ثم بعدها مباشرة سرد الأستاذ المحاضر عدة أقول وأمثال شعبية مأثورة لكل فئة أو صنف من النساء كل على حدى مع شرح وتوضيح لكل مثل شعبي مأخوذ من التراث وذكر من أهمها الآتي :صورة البنت: “عياطها وزياطها وجابت بنت- الكرش اللي جابت البنت تجيب الولد- البنت تجي بعيدة من القلب وتقربله.صورة الشابة: الزين ما عمر دار خلى دار- اللي عنده البل تزوره الخيل- كي سفحة النجع لعيون فداها”.
وعند نهاية المداخلة فتح باب النقاش للسادة الحضور لطرح أفكارهم وآرائهم وتساؤلاتهم واقتراحاتهم فمنهم من ثمن هذه الأمثال الشعبية واعتبرها قاعدة أساسية ومثلا يحتذى به لكل الأجيال القادمة نظرا لثرائه واحتوائه على القيم السامية والأخلاق الفاضلة وركيزة ثابتة في التمسك بالأصالة بالمجتمع المحافظ بعيدا عن الانحلال والتميع والتسيب والتحكم في زمام الأسرة وبسط الرجولة والفحولة في نظرهم، أما عن وجهة آخرين فقد اعتبروا أن هذه الأمثال الشعبية القديمة قد أكل عليها الدهر وشرب ولم تعد صالحة لهذا الزمن في عصر العلم والتقدم التكنولوجي الحديث عصر التفتح عن المرأة وعدم الانغلاق والتقوقع وأن المرأة لها كل الحقوق مثل الرجال وتكون حرة في قراراتها دون هيمنة الرجل هي سيدة نفسها وليست عبيدا تباع وتشترى، وهناك من وقف بين الرأيين .
الصادق سالم